3 سنوات على التعويم.. سعر الدولار في مصر يتراجع 11.1%
واصل الدولار رحلة صعوده نحو 18.16 جنيه بنهاية شهر التعويم، رغم موافقة صندوق النقد الدولي على قرض لمصر بقيمة 12 مليار دولار مدته ثلاث سنوات
تحل اليوم الذكرى الثالثة على أصعب قرارات خطة الإصلاح الاقتصادي في مصر وهو تحرير سعر الصرف المعروف إعلاميا بـ"تعويم الجنيه".
وكان البنك المركزي المصري قام في مثل هذا اليوم، منذ ثلاث سنوات، بتحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، وقرر ترك تحديد السعر وفق آليات العرض والطلب، معلنا بدء إجراءات الإصلاح الاقتصادي، وتبع هذا القرار تداعيات عديدة؛ أهمها القفزة الكبيرة التي حققها سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري في أول ساعات من صدور قرار التعويم، حيث قفز سعر صرف الدولار من مستوى 8.88 جنيه إلى نحو 13 جنيها حددها البنك المركزي المصري كسعر استرشادي لقيمة الدولار الحقيقية في السوق المصري.
وواصل الدولار رحلة صعوده ليصل إلى 18.16 جنيه بنهاية شهر التعويم، رغم موافقة صندوق النقد الدولي على قرض لمصر بقيمة 12 مليار دولار مدته ثلاث سنوات.
وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، شهدت مؤشرات الاقتصاد المصري تحولات مهمة؛ أبرزها تحسن أداء الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، والذي يلامس حاليا مستوى 16 جنيها للدولار، مقابل أكثر من 18 جنيها، في الفترة التي أعقبت قرار التعويم.
الجنيه الأقوى أمام الدولار
وفقد الدولار أكثر من جنيه واحد و85 قرشا منذ بداية العام الجاري، كما وصل سعر الدولار اليوم في بنكي الأهلي المصري ومصر إلى 16.09 جنيه للشراء، و16.19 جنيه للبيع.
ورغم تشجيع البنوك للمواطنين على تحويل مدخراتهم الدولارية إلى الجنيه المصري عبر طرح شهادات ادخارية بالجنيه بعائد يصل إلى 16%، و20% ليصل إلى أعلى سعر للبيع في تاريخه، وهو 19.52 جنيه، فإن الدولار عاود الهبوط ليختتم عام 2016 بقيمة 18.83 جنيه، وارتفع سعر صرف الدولار مجددا خلال يناير 2017 ليصل إلى 18.89 جنيه.
وأوضح البنك المركزي، في بيان، أن عملية الدولرة اختفت تماما من السوق المصري، بدعم قوة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي، حيث اتجه العملاء لتحويل ودائعهم للجنيه بعد ارتفاعه أمام الدولار والاتجاه لشراء الشهادات ذات العائد المرتفع، مع توقعات بمزيد من خفض الفائدة بالفترة المقبلة.
وقال محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، في يوليو الماضي، إن الجهاز المصرفي المصري تلقى منذ تحرير سعر الصرف وحتى الآن نحو 200 مليار دولار، تم ضخها في الاقتصاد المصري.
إلغاء الدولار الجمركي
من جانبها، قررت وزارة المالية إلغاء العمل بسعر الدولار الجمركي الذي كان يتم تحديده شهريا، وبسعر متحرك للسلع غير الأساسية.
وبدأ تطبيق سياسة الدولار الجمركي في يناير عام 2017 بعد تعويم الجنيه المصري؛ بهدف تقليص موجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات، التي كان أهمها تقنين عملية الاستيراد وضبط الواردات الخارجية التي كانت تستنزف العملة الصعبة.
كما أوضحت أن قرار إلغاء التعامل بالدولار الجمركي جاء نتيجة لزوال الظروف الاستثنائية التي كان يتم التعامل بها، وبعد أن استقرت أسعار العملات الأجنبية المعلنة من البنك المركزي المصري، وتقاربت مع أسعار الدولار الجمركي بعد تحرير سعر الصرف.
مكاسب مصرية على خطى التعويم
أسهم قرار التعويم في توافر العملة الصعبة، وتوقعات مؤشرات الاقتصاد المصري الإيجابية، ومن المتوقع خلال الفترة المقبلة أن يشهد الدولار الأمريكي مزيدا من الانخفاض أمام الجنيه المصري حتى نهاية العام الجاري، مع زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في البنية الأساسية ومشروعات محور قناة السويس، ليتراجع إلى أقل من 16 جنيها للدولار خلال الفترة المقبلة.
ومع انتهاء السوق السوداء والمضاربة على العملة، مع تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر 2016، ارتفع معدل بيع العملة الصعبة للبنوك المصرية.
كما ارتفع إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتسجل نحو 26 مليار دولار خلال عام، وهو ما يعكس ثقة المصريين بالتعامل مع الجهاز المصرفي المصري كنتيجة إيجابية لقرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري.
وشهد معدل التضخم على أساس سنوي تراجعا إلى 4.3%، مقابل 15.4% في سبتمبر 2018، وبعد أن ارتفع إلى نحو 33% في منتصف عام 2017، مع الإجراءات الخاصة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، وسط توقعات بأن يواصل البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة، لتشجيع الإقراض.
ومن المتوقع أن يستمر البنك المركزي المصري في سياسة خفض أسعار الفائدة بنسبة 1% خلال الشهر الجاري، بعد الخفض بنسبة 2.5% خلال الاجتماعين الأخيرين للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، وهي الخطوات التي تستهدف تشجيع الاستثمار والطلب على القروض.
وارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.5% على مدار العامين الماضيين، وتمكنت الحكومة المصرية من تغطية الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجا.
ويعتبر صندوق النقد الدولي، مصر، قصة نجاح لبرنامج الإصلاح الاقتصادي؛ حيث نجح البرنامج في علاج مشكلات هيكلية عانى منها الاقتصاد المصري على مدار عقود، ونجحت الحكومة والبنك المركزي المصري في علاج مشكلات توافر النقد الأجنبي والقضاء على السوق السوداء للعملة وخفض عجز الموازنة العامة للدولة وإعادة هيكلة الدعم، وخفض البطالة والتضخم.