مصر تبحث عن حل لأزمة سد النهضة في الخرطوم.. وبرلمانيون يتوعدون الحكومة
مطالبات بإلغاء وثيقة إعلان المبادئ واللجوء إلى التحكيم الدولي
تتنظر الأوساط السياسية والبرلمانية في مصر النتائج التي ستسفر عن المفاوضات التي تبدأ بين مصر والسودان وإثيوبيا، الأحد، بشأن سد النهضة.
يبدأ في العاصمة السودانية الخرطوم غدًا (الأحد) الاجتماع السداسي بين وزراء الري والخارجية في كل من مصر والسودان وإثيوبيا، لبحث آثار سد النهضة على حق مصر والسودان في حصة مياه النيل، حيث تحصل القاهرة فقط على 55 مليار متر مكعب سنويًّا.
ويعقد هذا الاجتماع بين وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث وسط حالة من الترقب في الأوساط السياسية والبرلمانية في القاهرة لما ستسفر عنه المفاوضات التي تبحث فيها مصر عن حل لهذه الأزمة، للتوصل إلى اتفاق بشأن السد المقام على نهر النيل الأزرق والذي يعد أهم روافد نهر النيل.
كانت الدول الثلاث قد عقدت اجتماعات مغلقة سابقة في ديسمبر/ كانون الأول شارك فيها وزراء الخارجية والري والمياه في هذه البلدان خلال جولة المفاوضات العاشرة.
لكن وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور أعلن، آنذاك، انتهاء مفاوضات هذه الجولة دون التوصل إلى أي اتفاق.
ومن المقرر أن يعرض كل من وزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الري حسام المغازي، خلال الجلسات أبرز نقاط القلق المصري من بناء سد النهضة الإثيوبي وضرورة العمل المشترك لبحث آثار سد النهضة من دون التأثير على حق مصر والسودان أيضًا في المياه.
وبدأت أديس أبابا في بناء السد عقب ثورة "25 يناير" في مصر، وتحديدًا في الثاني من أبريل 2011، مستغلة حالة الفراغ المؤسسي التي عاشتها مصر في تلك الفترة.
وتبرر مصر رفضها بناء السد بالاتفاقيات التاريخية بين دول حوض النيل والتي تعطي لدول حوض النيل الحق في تشييد مشروعات دون إضرار بحصة مصر.
وتقول دولة السودان إنها درست آثار السد الإيجابية والسلبية من خلال مهندسيها وخبرائها الفنيين المعنيين بذلك الملف، وتبيّن لها أن إيجابيات السد بالنسبة إليها أكثر من مصر.
توعُّد للحكومة
على صعيد متصل توعّد برلمانيون مصريون حكومة بلدهم بتقديم طلبات إحاطة ضدها في البرلمان المصري فور انعقاد جلساته الأولى، وحمّلوها نتائج فشل المفاوضات مع الجانب الإثيوبي، بينما يحمّل السياسيون "وثيقة المبادئ" التي تم توقيعها بين البلدين بحضور رؤساء الدولتين هذه المسؤولية.
وفى الأوساط البرلمانية داخل القاهرة تدور كذلك حاليًّا اقتراحات حول إمكانية اللجوء إلى مجلس الأمن والتحكيم الدولي حال استمرار أديس أبابا في تنفيذ بناء السد.
وحمّل رئيس حزب النصر الصوفي المهندس محمد صلاح زايد، وزيرَ الموارد المائية والري الدكتور حسام مغازي، ما آلت إليه الأوضاع بشأن أزمة سد النهضة، وضياع حصة مصر من المياه، والتي يقرّها القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة بين دول حوض النيل.
وطالب في بيان له اليوم (السبت)، حصلت "بوابة العين" على نسخة منه، بضرورة الإسراع في تحويل ملف سد النهضة إلى محكمة العدل الدولية التي سبق لها أن قضت عام 1989 بأن اتفاقيات المياه شأنها شأن الاتفاقيات على الحدود.
وأوضح البيان أن اتفاقية عام 1929 التي وقّعتها بريطانيا عن مصر ووقّعت عليها مصر عام 1959 بعد جلاء البريطانيين، أقرّت حصة مصر في مياه النيل وأعطتها حق الاعتراض حال قيام أي دولة من دول حوض النيل بإنشاء مشاريع جديدة على النيل وروافده.
وقال عضو مجلس النواب عن حزب "مستقبل وطن" جمال كوش، إن أزمة سد النهضة تحتاج إلى موقف حاسم وقوي من جانب مصر.
وأضاف في تصريحات صحفية أن: "أعضاء البرلمان المصري جاهزون لتقديم طلب إحاطة لمجلس النواب حول أزمة سد النهضة لأن القضية يجب أن تُناقش بشكل قوى".
أما النائب محمد الفيومي فقال "إن أزمة سد النهضة من أولى القضايا التي ستثار داخل المجلس من أغلب النواب، لأنها متعلقة بالأمن المائي، ومن الممكن أن نطلب من الحكومة اللجوء إلى التحكيم الدولي ومجلس الأمن".
إلغاء وثيقة المبادئ
ويُبدي كثير من خبراء الري والسدود في مصر تخوفهم من إمكانية انهيار سد النهضة حال بنائه في تلك المنطقة، حيث إنها منطقة زلازل وبراكين، بينما يطالب كثيرون منهم بإلغاء "وثيقة المبادئ" بين مصر وإثيوبيا وتدويل القضية أمام المحكمة الدولية.
كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد وقّع خلال القمة الثلاثية بين رؤساء مصر وإثيوبيا والسودان، في الخرطوم، في 23 آذار/ مارس الماضي، ونظيره السوداني عمر البشير، ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ديسالين، وثيقة "إعلان مبادئ سد النهضة".
وتضمنت الوثيقة 10 مبادئ أساسية، تحفظ الحقوق والمصالح المائية المصرية، وتتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية.
من جهته انتقد أستاذ الموارد المائية في كلية الزراعة جامعة القاهرة الدكتور نادر نور الدين، هذه الاتفاقية وقال: "إثيوبيا استغلت إعلان المبادئ أسوأ استغلال، وتسعى لكسب الوقت والمماطلة لبناء هذا السد".
وأضاف في تصريحات لـ"العين": "مصر تسرعت وتورطت في التوقيع على هذه الاتفاقية التي تنص صراحة على أن إثيوبيا لها السيادة المطلقة على كل الموارد المائية".
وتابع: "الحل هو إلغاء وثيقة إعلان المبادئ، بعرضها على مجلس النواب، كما ينص الدستور المصري، بعد انعقاده ليتم رفضها فتكون وفقًا للقانون الدولي مُلغاة كأنها لم تكن وبذلك تسحب مصر اعترافها بالسد".
وشدّد على ضرورة لجوء مصر إلى مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي وشكوى إثيوبيا بدعوى أن بناء السد يُخلّ بالأمن والسلم القوميين.
aXA6IDMuMTQwLjE5Ny4xNDAg جزيرة ام اند امز