اعتبر مسؤولون فلسطينيون أن تصريحات نتنياهو التي ميّز فيها بين قتل اليهود وغيرهم ضوء أخضر لممارسة عمليات القتل.
أثارت تصريحات عنصرية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتبر فيها أنه لا مجال للمقارنة بين قتل اليهودي، وأي شخص آخر، ردود فعل فلسطينية غاضبة؛ لأنها بمثابة ضوء أخضر لممارسة عمليات القتل ضد غير اليهود.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، في بيانٍ له اليوم (الاثنين)، تلقت "بوابة العين" نسخة منه، إن هذه التصريحات "بمثابة دعوة مفتوحة للتطهير العرقي"، مشددًا على أن ذلك "يشكل تهديدًا مباشرًا على حياة كل من هو ليس يهوديًّا من أصحاب المعتقدات والديانات الأخرى ليس في فلسطين فحسب، بل في العالم أجمع".
كان نتنياهو قد اعتبر في تصريحات له أن "قتل أي إنسان من قبل يهودي، لا يمكن مقارنته بقتل اليهودي على يد أي شخص آخر غير يهودي".
مطلوب حماية
وطالب عريقات بتوفير الحماية الدولية العاجلة لأبناء الشعب الفلسطيني، لحمايته فورًا من نظام الاحتلال وقادته، واصفًا التصريحات بأنها "أحدث تجليات التفوق العنصري الذي تتباهى به الدولة التي تدّعي الديمقراطية".
وجاء تصريح نتنياهو في غمرة المحاكمة الجارية لمجموعة إرهابية يهودية مسؤولة عن قتل عائلة دوابشة حرقًا في قرية دوما في نابلس، وسط مؤشرات لمحاولة تبرئة المتهمين بدعوى الجنون، وفي ظل فتاوى لحاخامات يهود تبارك ما قاموا به.
وقال عريقات: "لا يفاجئنا رئيس حكومة الاحتلال وهو يعيد إلى أذهاننا الخطاب العنصري الذي كان يبثه أسلافه من المتطرفين، بما في ذلك نشر الكتب التي تحتوي على قواعد وقوانين قتل غير اليهودي''.
وأشار عريقات إلى التصريحات الصادرة على المستوى السياسي والديني الإسرائيلي "منذ عهد بن غوريون الذي آمن بالمجازر والفكر التوسعي، وجولدا مائير التي تنزعج من كل صباح يولد فيه طفل فلسطيني، إلى مناحيم بيغن الذي أكد أن قوة التقدم في تاريخ العالم ليست بالسلام بل بالسيف، إلى شامير، وشارون وغيره واليوم نتنياهو، بالإضافة إلى الحاخامات اليهود المتطرفين الذين يبررون قتل غير اليهودي باعتباره جزءًا من الدين وأن حياة مليون عربي لا تساوي ظفر يهودي".
تاريخ من العنصرية
ولم تكن تصريحات نتنياهو منفصلة عن حالة العنصرية في إسرائيل، فحركة "مجمّع الحاخامات الجديد" اليهودية المتطرفة لها فتوى تنص على "اقتلوهم وأبيدوهم بلا رحمة للحفاظ على إسرائيل". ونالت الحركة جائزة إسرائيل، ووسام الرئيس الإسرائيلي.
وأشار عريقات إلى وجود آلاف الأمثلة حول التصريحات العنصرية التي تغذّي العنف، والتطرف، والكراهية، وإقصاء الآخر بدعم مطلق من المؤسسة الرسمية الإسرائيلية.
وذكّر عريقات بتاريخ وأدبيات دولة الاحتلال وعقيدتها القائمة على القتل والتطهير العرقي وطرد السكان الأصليين قسرًا، قائلا: "بدلا من أن تتم محاسبة العنصريين على خطابهم وردعهم، تقوم دولة الاحتلال بتكريم وتخليد ذكرى الإرهابيين الذين ارتكبوا عشرات المجازر بحق أبناء شعبنا من المسيحيين والمسلمين واليهود منذ 1948 حتى يومنا هذا".
وأضاف: إن "الصمت عن هذا الخطاب التحريضي الذي يبرر القتل والجرائم يشكل مخالفة صارخة لقواعد ومبادئ حقوق الإنسان والشرعية الدولية، وهو ما يزوّد إسرائيل بالحصانة السياسية الاستثنائية التي تتمتع بها، ويكرس مواصلتها لارتكاب جرائمها ضد شعبنا".
واعتبر أن أكبر دليل على ذلك هو عدم اعتقال الإرهابيين الذين أحرقوا عائلة الدوابشة، وعدم إصدار الحكم حتى الآن بحق الإرهابيين قتلة الطفل أبو خضير حرقًا وهو حي، مشددًا على أنه قد آن الأوان للمجتمع الدولي أن يدرك طبيعة هذا الاحتلال والعمل على إنهائه فورا، قبل أن يورّط المنطقة بأكملها في صراع ديني لا تحمد عقباه.
من جانبه، أدان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد، تصريحات نتنياهو، معتبرا أن مثل هذه التصريحات والمواقف باتت تشكل سياسة رسمية لحكومة إسرائيل.
وأكد خالد أن تلك السياسات الإسرائيلية تفرض على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته ومغادرة سياسة الصمت وسياسة ازدواجية المعايير في التعامل مع الإرهاب والاستجابة لمطالبات الجانب الفلسطيني بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.
تصريحات مجرمة
من جهته، وصف نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ياسر عبد الغفور، تصريحات نتنياهو بالخطيرة، لافتًا إلى أنها تعكس ارتفاع مستوى العنصرية داخل إسرائيل وقيادتها.
وقال عبد الغفور لـ"بوابة العين"، إن "صمت المجتمع الدولي على الممارسات العنصرية والإرهابية للاحتلال وقادته يشجعهم على اقتراف مزيد من هذه الممارسات التي لم تعد تشكل تهديدًا على الفلسطينيين وحدهم، بل على العالم".
وأضاف أن "فكرة استحضار التمييز على خلفية العِرق أو الدين أو الجنس، في هذا الزمن، يعود بنا إلى عصور الظلام والتخلف التي يُفترض أنها انتهت في ظل سيادة دولة المساواة والقانون".
وأشار إلى أن الهجمات التي تنفّذها عصابات "تدفيع الثمن" و"فتية التلال" التي شكلها مستوطنون يهود، ويرعاها المسؤولون في الدولة الإسرائيلية، ما هي إلا ترجمة فعلية لهذه التصريحات العنصرية، مؤكدًا أن كل مكونات الدولة العبرية الحكومية والقضائية والتشريعية متواطئة في توظيف النص الديني المنحرف في مواجهة الفلسطينيين، وعبر تكريس عنصرية تكاد تكون انتهت في كل العالم، وتتفشى فقط في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
وشدد على أن منظومة قوانين وتشريعات حقوق الإنسان، لا تميّز بين البشر، على خلفية الدين أو العرق أو الجنس، وأي تمييز هو عمل مجرم يستوجب الحساب والعقاب.
aXA6IDMuMTQxLjQyLjQxIA== جزيرة ام اند امز