واشنطن بوست: مأساة الطفل السوري إيلان تتجاوز صورة صدمت العالم
أقارب الطفل الغريق مشتتون بين سوريا وشمال العراق وإسطنبول و5 مدن ألمانية
اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن مأساة أسرة الطفل السوري إيلان كردي الذي غرق وصدمت صورة جثته العالم.
اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن مأساة أسرة الطفل السوري إيلان كردي الذي غرق وصدمت صورة جثته العالم، تتجاوز تلك الصورة الأيقونية، لتعبر عن أزمة 4 ملايين لاجئ هربوا من سوريا.
وقالت إنه عندما جرفت الأمواج جسده الصغير ليصل إلى شاطئ تركيا، فأجبر العالم على تفهم ألم اللاجئين في سوريا، كان الصبي البالغ من العمر عامين، مجرد عضو واحد من أسرة هاربة، تمزقت بفعل قرابة خمس سنوات من الاضطراب.
وفي هذا السياق، أجرت الصحيفة مقابلات مع قرابة 20 شخصاً من أقارب الطفل الغريق، مشتتين بين سوريا، وإقليم شمال العراق، وإسطنبول، و5 مدن ألمانية أخرى، لتسلط الضوء على مصير واحدة من العائلات السورية الكثيرة، التي دفعت ثمن صراعات سياسية لا دخل لها بها، بين النظام السوري وتنظيم "داعش"، و دول الجوار والدول الأوروبية.
وأوضحت الصحيفة أنه في الوقت الذي انتشل أحد عمال الإغاثة التركية جثة إيلان، كان أحد أقاربه المراهقين عالقاً بمفرده في حافلة متجهة إلى المجر للفرار من جحيم الحرب في سوريا، فيما كانت إحدى عماته في تركيا تقوم على رعاية أحد الأطفال، بينما يعمل أولادها في محل لبيع الحلويات، ليتمكنوا من كسب قوت يومهم.
ووفقا للصحيفة، فقد أصبح حق الحياة بالنسبة للكثير من السوريين غاليا، فعلى الرغم من هول وفجاعة حادثة الطفل الغريق، لكنها لم تثن الكثير من العائلات أن تحذو حذو عائلته، فالمسألة بالنسبة لهم إما أن يموتوا سويًّا أو يحيوا جميعا، ولكن عبر رحلة يومية محفوفة بالمخاطر.
وينحدر الطفل الذي توفي غرقاً مع والدته وشقيقه، من عشيرة مترامية الأطراف من الأقلية الكردية المضطهدة منذ فترة طويلة في سوريا، لكن بالنسبة لمعظم أقربائه، الذين بالكاد ما يرونهم يتحدثون بالكردية، لم تكن تلك الهوية إلا مجرد تعريف ثانوي في دولة علمانية موحدة متعددة الأديان والقوميات مثل العاصمة السورية دمشق، التي نشأوا وتربوا فيها.
الظروف الاقتصادية وقلة فرص العمل في مدينة كوباني، دفعت عائلة الطفل إلى التوجه والاستقرار في حي ركن الدين، أحد أحياء دمشق على سفح جبل قاسيون، بحثاً عن العمل، حتى افتتحوا محلا خاصا بهم، واشتهر حي ركن الدين بكثرة شوارعه، والأزقة الضيقة والمساكن العشوائية فيه، فضلاً عن الطبيعة الريفية التي تميز الحياة فيه.
وحاول والد الطفل السوري آلان وزوجته كردية الأصل، أن يعيشا حياة بسيطة هادئة مع أطفالهم الستة، بعيدة عن كل التوترات والمشاحنات السياسية التي شهدتها تلك المنطقة مع الحكومة السورية، نظراً لأن غالبية سكانها من الأقلية الكردية، حتى إن بعضهم تجنب التورط أو الخوض في تفاصيل أمور سياسية، خوفاً من أن يعرض ذلك حياة ذويهم في دمشق للخطر، على الرغم من تعاطف بعضهم مع المظاهرات السلمية في البداية.
وكانت شقيقة آلان الكبرى فاطمة هي أول من فكر بالهجرة واللجوء إلى كندا عام 1992، بعد زواجها من عراقي من أصول كردية وإنجابها لطفل، ما لبثت أن قامت على إعالته بمفردها بعد طلاقها من زوجها.
وساهم عملها في أحد المطابع الورقية ليال متواصلة، قبل أن تنتقل منه إلى مهنة التدريس ثم العمل في صالونات التجميل، في حصولها على الجنسية والإقامة الكندية، لكي تعول طفلها.
وأصبحت فاطمة مصدراً لدخل إخوتها وعائلتها، فضلا عن تقديمها المشورة والمعلومات اللازمة لهم في حالات الطوارئ، لا سيما بعد اندلاع الحرب، فيما استثمرت فيما بعد قوتها لتسهيل الحصول على حق اللجوء بالنسبة لأفراد عائلتها في الدول الأوروبية وفي كندا، مستغلة بذلك حالة الجدل التي أثارتها صورة شقيقها.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأقلية الكردية، لم تكن تفكر أبداً في مغادرة سوريا قبل الحرب، بل عمدوا على ترسيخ وجودهم فيها عن طريق المصاهرة وشراء العقارات في ضواحي دمشق، وفي مدينة كوباني (عين العرب) في مخيم اليرموك للاجئين في فلسطين، إلا أن جميع تلك المناطق أصبحت شبه محطمة واستحالت فيها الحياة، بعد أن مزقتها آثار الحرب المدمرة.
aXA6IDMuMTQyLjEzMC4yNDIg جزيرة ام اند امز