تحول حرمان المصابين الفلسطينيين من الإسعاف إلى سلوك إجرامي متكرر من قوات الاحتلال برز في الأشهر الثلاثة الماضية
تحول حرمان المصابين الفلسطينيين من الإسعاف إلى سلوك إجرامي متكرر من قوات الاحتلال الإسرائيلي برز في الأشهر الثلاثة الماضية، كوسيلة احتلالية للإجهاز على الفلسطينيين وإعدامهم ميدانيًّا بطيئًّا بدعوى تنفيذهم أو محاولتهم تنفيذ عمليات طعن أو دهس.
ومعظم المصابين من منفذي عمليات الطعن أو الدهس ضد جنود الاحتلال أو المستوطنين، أطلق عليهم الرصاص الحي من مسافات قريبة، وأصيبوا بجراح يمكن مداواتها بالتدخل السريع، لكن جنود الاحتلال منعوا في أغلب تلك الحالات نقل الجرحى أو حتى تقدم سيارات الإسعاف الفلسطينية لتقديم العلاج الأولي لهم.
80 عملية منع إنقاذ جرحى
الناطقة باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عرب فقهاء، أكدت أن جنود الاحتلال منعوا طواقم الإسعاف التابعة لجمعيتها (80) مرة من الوصول إلى مصابين لإعطائه الإسعافات الأولية التي يمكن أن تنقذ حياته.
وقالت فقهاء لبوابة "العين": إن طواقم مؤسستها يتوجهون فور وقوع جرحى لتقديم الإسعافات الأولية "لأن من حق المصاب تلقي العلاج وفق القوانين الدولية"، مشددة على أن منع الاحتلال من تقديم العلاج "انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني الذي يكفل تقديم العلاج للجرحى".
وأشارت إلى أن الاحتلال يتعمد استهداف طواقمهم وسياراتهم، لافتة إلى ارتداء الطواقم زي الهلال المميز، كذلك تحمل سياراتهم شارات الهلال المتعارف عليها دوليًّا.
وقالت: "قوات الاحتلال يكتفون بمنع طواقمنا فقط من تقديم العلاجات للجرحى، بل تعمدوا التعرض لطواقمنا واستهدافها بالنيران مئات المرات في 3 أشهر فقط".
ورفعت جمعية الهلال تقارير دورية للمؤسسات الدولية حول انتهاكات الاحتلال الصارخة ضد المدنيين، دون أية نتائج ملموسة.
وقالت فقهاء: "نرفع باستمرار التقارير خصوصًا للجنة الدولية للصليب الأحمر"، التي بدورها تتواصل مع سلطات الاحتلال، لكن لا يوجد أثر ملموس في الميدان للتدخلات.
لقطات فيديو توثق الجرائم أكثر من مرة، أظهرت لقطات مسجلة لمكان وقوع العمليات، طواقم إسعاف إسرائيلية وهي تتجاهل تقديم الإسعاف للمصابين الفلسطينيين.
إحدى هذه اللقطات -التي أثارت غضب الفلسطينيين- هي التي وثقت تعرض الطفل أحمد مناصرة بعد تعرضه لجريمة الدهس العمد على سكة "القطار الخفيف" في القدس في الثاني عشر من أكتوبر الماضي.
إذ رغم إصابته ونزف دمائه منه وصيحات استنجاده، إلا أن المستوطنين وأفرادًا من الشرطة وجهوا له الشتائم والألفاظ النابية، ونادوا بقتله بطريقة بشعة، فيما يظهر في الفيديو طاقم إسعاف تابع لنجمة داوود الحمراء (الإسرائيلية) في مكان الحادث، لم يقدم الإسعافات اللازمة له في الوقت المناسب نزولا عند رغبات المستوطنين الذين كانوا يصرخون "مت مت".
حظر القتل السلبي
ويؤكد المستشار القانوني لوزارة الصحة سعيد البطة، أن إسرائيل ارتكبت ولا تزال أبشع الجرائم والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، وترفض تحمل مسؤولياتها التي تفرضها اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين الواقعين تحت الاحتلال.
وأشار إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تحظر أعمال القتل السلبي المتمثلة في ترك الجرحى أو المرضى أو العجزة يلقون حتفهم نتيجة عدم تقديم المساعدة لهم بل يجب العمل على توفير الوسائل الكفيلة لحمايتهم وبقائهم على قيد الحياة.
وأكد البطة لبوابة "العين"، أن دولة الاحتلال ترتكب مخالفات جسمية لاتفاقية جنيف الرابعة، خاصة المادة 147؛ التي تعتبر كل من القتل العمد والتعذيب والتسبب المتعمد في معاناة كبيرة أو إصابات خطيرة للجسد أو الصحة من المخالفات الجسيمة.
وقال المستشار القانون للصحة: إن ترك الجرحى ينزفون دون تقديم العلاج والمساعدة لهم ومنع الطواقم الطبية من القيام بدورها يشكل مسؤولية واضحة ومباشرة تجاه الاحتلال.
جرائم حرب
بدوره، يؤكد رئيس مجموعة الحق والقانون غاندي ربعي، أن منع إنقاذ المصابين وقت الحروب مخالف للقواعد المتعلقة بمعاملة المقاتلين الجرحى خلال المعارك، فكيف بالمدنيين الذين تمنع قوات الاحتلال إنقاذ حياتهم.
وقال ربعي لبوابة "العين": إن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية عن تلك الجرائم "بمنحها الحماية الكاملة لضباطها وجنودها لإعدام الجرحى ومنع إنقاذهم".
ودعا إلى ضرورة الإسراع في رفع ملف إعدام الجرحى لمحكمة الجنايات الدولية لتفتح تحقيقًا فوريًّا في منع تقديم العلاج للجرحى.
وقال البطة: إن هذه الجرائم ترقى إلى "جرائم حرب"، وهذا يدخل في اختصاص المحاكم والهيئات الدولية، وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية، ومن ثم يجب العمل على جلب قادة الاحتلال للمحاكم والهيئات الدولية ومقاضاتهم.
وقد أعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أنه سيترأس وفدًا لزيارة مصر مطلع العام المقبل للتنسيق معها من أجل تقديم ملف بالإعدامات الإسرائيلية الميدانية للفلسطينيين إلى مجلس الأمن الدولي.
وأضاف المالكي أن "ملف الإعدامات الميدانية للفلسطينيين هي القضية العاجلة والأساسية التي سنتحرك فيها مع مصر التي ستنضم إلى مجلس الأمن مع بداية يناير القادم".
وأشار إلى أن القيادة الفلسطينية "سترسل أيضا رسائل لوزراء خارجية دول العالم وللدول السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف تطالبها بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني أمام مثل هذه الجرائم من قبل قوات الاحتلال".
aXA6IDE4LjE5MS4yMTUuMzAg جزيرة ام اند امز