استبعد محللون فلسطينيون أن يؤدي تسليم قوات الاحتلال جثامين عشرات الشهداء المحتجزة لديها لذويهم، إلى تخفيف حدة الانتفاضة الفلسطينية.
استبعد محللون فلسطينيون أن يؤدي تسليم قوات الاحتلال جثامين عشرات الشهداء المحتجزة لديها لذويهم مؤخرًا، إلى تخفيف حدة الانتفاضة الفلسطينية، مرجحين ارتفاع وتيرتها في الفترة المقبلة.
وقال المحللون إن الأسباب التي أدت إلى تفجر الغضب الفلسطيني بداية شهر أكتوبر الماضي، ما زالت قائمة، مشيرين إلى استمرار الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين (شعبًا وأرضًا ومقدسات) علاوةً على انسداد الأفق السياسي.
واتخذت الحكومة الإسرائيلية سلسلة إجراءات أمنية مشددة مع اندلاع الانتفاضة في محاولة لوقفها، ومن بينها احتجاز جثامين منفّذي العمليات الفدائية ضد جنودها والمستوطنين، كأسلوب عقابي من ناحية، ولكي لا تتحول مراسم جنازاتهم إلى تمجيد للعمليات ضد الاحتلال من ناحية ثانية.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس د. أحمد عوض، إن السياسة العقابية الإسرائيلية "فشلت فشلًا ذريعًا" في ردع الفلسطينيين عن القيام بعمليات فدائية، "بالعكس من ذلك فقد رأينا أن مَن ينفّذ عمليات فدائية لاحقة هم أقارب أو أصدقاء مَن نفّذ عمليات سابقة ضد جنود الاحتلال والمستوطنين".
وأشار المحلل السياسي جمال الحاج إلى أن انطلاق الانتفاضة كان "لتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية ضد القدس والمقدسات واتساع الاستيطان"، وأضافت إليها سلطات الاحتلال "احتجاز الجثامين" فبات الأمر ملهمًا للمئات من الفلسطينيين بدل أن يكون رادعًا.
وبعد أيام قليلة من سريان الإجراء الإسرائيلي شرع الفلسطينيون في خطوات جماهيرية وإعلامية وقانونية وسياسية واسعة ضد خطوة احتجاز الجثامين، وهو ما أدى إلى تشويه الصورة الأخلاقية التي تحاول إسرائيل رسمها عن نفسها، حسب عوض.
وقال عوض لـ"بوابة العين": "أمام حركة النضال الفلسطيني ضد احتجاز الجثامين، اضطرت إسرائيل إلى التراجع عن قرار الاحتجاز، وإلى التفاوض على شروط تسليم الجثامين، وبعد رفض معظم ذوي المحتجزة جثامينهم للشروط اضطرت الجهات الإسرائيلية إلى التسليم المفاجئ للتخلص من العبء الضاغط عليها دوليًّا".
وأضاف المحلل السياسي: "إسرائيل اكتشفت أن احتجاز جثامين الشهداء يشوّه صورتها دوليًّا"، وتابع: "كما اكتشفت إسرائيل أن محاولات إهانة الفلسطينيين وإذلالهم فشلت بعدما تحولت إلى قضية أخلاقية على مستوى دولي".
وتابع أن ضغوطًا إقليمية ودولية مورست على الحكومة الإسرائيلية أرغمتها على تسليم الجثامين.
واتسعت دائرة الاحتجاجات الفلسطينية ضد سياسة احتجاز الجثامين، إذ رفع الفلسطينيون قضية الاحتجاز إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وإلى معظم دول الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن توجههم إلى المحاكم الإسرائيلية.
ويتفق الحاج مع عوض، في أن الحرج الدولي الذي سببه الاحتجاز دفع إسرائيل إلى محاولة التخلص من هذا العبء. مضيفًا أن التوجه الفلسطيني إلى المحاكم الإسرائيلية، شكّل حرجًا شديدًا للقضاء الإسرائيلي الذي فشل في تبرير الاحتجاج وفق القانون الإسرائيلي الذي يمنع احتجاز الموتى.
وقال الحاج لـ"بوابة العين"، إن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أعادت التقديرات من جديد، ورجحت أن تسليم جثامين الشهداء ممكن أن يؤدي إلى تخفيف حدة الانتفاضة أو احتوائها، "وهذا التقدير خاطئ جدًّا لأنها جرّبته عند تسليمها بعض الجثامين قبل نحو شهرين".
ويؤكد عوض أن "تسليم الجثامين لا يمكن أن يهدئ الشارع الفلسطيني"، لأن ما أظهرته مواكب التشييع للجثامين اليوم وأمس، أظهر حجم الغضب الفلسطيني على ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين عمومًا والمقدسات خصوصًا.
وشدد على أن كل الجهود الأمنية والعسكرية الإسرائيلية "فشلت فشلًا ذريعًا في وقف الانتفاضة أو حتى تخفيف حدتها".
وتوقع عوض أن تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات متقدمة في حال فشلت كل جهودها الأمنية والعسكرية لوقف الانتفاضة التي باتت تضرب العصب الإسرائيلي، مشيرًا إلى احتمال "أن تنسحب قوات الاحتلال من مناطق متعددة في الضفة الغربية، أو تتبع سياسة إبعاد مجموعات من الفلسطينيين عن بعض المناطق".
وأضاف إن لم تقم بالخطوتين السابقين، يمكن أن تتحمل إسرائيل الكلفة العالية للانتفاضة وتنتظر دخول تغير على المستوى الفلسطيني أو العربي يكون لصالحها.
ولفت الحاج إلى أن كل الخيارات الإسرائيلية في المرحلة الحالية "غير مجدية" مع انسداد الأفق السياسي في المنطقة، وتوقع أن تذهب إسرائيل إلى تشديد قبضتها الأمنية ضد الفلسطينيين في محاولة لوقف الانتفاضة.
وأشار إلى أن إجراءات إسرائيل وممارستها اليومية تصب مزيدًا من الزيت على النار الفلسطينية المشتعلة، متابعًا: "كل يوم تزيد إسرائيل أسباب الغضب بدل أن تتراجع".
aXA6IDE4LjIyNy40OC4yMzcg جزيرة ام اند امز