الدوري المصري.. تمريرة للأمام وعشرة للخلف
أسوأ ظواهر الدوري المصري حتى الآن هي إدمان كل لاعبي الفرق الـ16 المشاركة فيه للتمرير الخلفي بمناسبة ومن دون مناسبة
رغم الاستثمارات الضخمة المرتبطة بالدوري المصري في السنوات الأخيرة، والزيادة الملفتة في عدد الصفقات التي تعقد سنويا، خاصة من ناديي الأهلي والزمالك اللذين يتنافسان على جلب لاعبين محليين وأفارقة "بالجملة والقطاعي" كما يقول التجار، فضلا عن مدربين أجانب.
رغم كل هذا يمكن القول ببساطة إنه لا يوجد جديد في الدوري المصري منذ سنوات، لا على مستوى التكتيك أو الفنيات التي تشهد تراجعا ملفتا حتى في أبجديات كرة القدم مثل التمرير وتسليم وتسلم الكرة، ناهيك طبعا عن غياب شبه كلي تقريبا للكرات العرضية من جانبي الملعب داخل منطقة الجزاء.
أغلب فرق الدوري تلعب بطريقة واحدة تقريبا هي 4-4-2 تتحول على الأرض إلى 4-2-3-1 بوجود رأس حربة وحيد، وتؤديها فرق الوسط بشكل 4-3-2-1 بتوفير مزيد من التأمين الدفاعي وخنق المساحات في وسط الملعب لتعطيل المنافس عن بناء الهجمات.
الظاهرة السلبية الملفتة أن كل فرق الدوري تعاني فنيا وخططيا دون تفرقة بين كبير أو صغير، فالأهلي مثلا يعاني من فقر مدقع في الكرات الجانبية، حيث يفتقر ظهيرا الجنب فيه أحمد فتحي وصبري رحيل للدقة في كل ما يتعلق بمهارات الكرة سواء في التمرير أو استلام الكرة، وكذلك رفع الكرات العرضية، لدرجة أن كثيرا من مشجعي الفريق الأحمر يتندرون بأن رحيل يرفع كرة عرضية سليمة مقابل 30 عرضية خاطئة، أما فتحي فمنذ عودته لا يعترف –فيما يبدو- بأن رفع كرات عرضية جزء من مهام وظيفته كظهير أيمن.
الزمالك كذلك يعاني من نفس المشكلة حيث لا يزال مركز الظهير الأيسر شاغر فعليا سواء عندما يشغله حمادة طلبة المجتهد دفاعيا ومحدود الإمكانيات هجوميا، أو في وجود ظهير المنتخب الأوليمبي محمد عادل جمعة الذي يهدر طاقته في أغلب الأوقات التي يشارك فيها في اللف والدوران غير المجدي دون أن يثمر ذلك كرات عرضية متقنة تصل قلب الهجوم.
ورغم أن الجبهة اليمنى للفريق أفضل حالا بوجود أحد الظهيرين حازم إمام أو عمر جابر، وكذلك بمشاركة مصطفى فتحي أحد المواهب الحقيقية في الكرة المصرية، فكل من هؤلاء يملك مهارات فنية عالية في الانطلاق بالكرة والمرور من المنافس، لكنهم يجتمعون في عدم إتقانهم للعب الكرات العرضية الدقيقة لرأس الحربة.
لكن أسوأ ظواهر الدوري المصري حتى الآن هي إدمان كل لاعبي الفرق الـ18 المشاركة فيه للتمرير الخلفي بمناسبة ومن دون مناسبة، حيث يندر رؤية فريق يلعب على التمريرات الأمامية أو الطولية طوال مباراة كاملة، حتى يمكن القول وهو تصرف قد يكون مقبولا من فرق الذيل التي تسعى لتجنب الهبوط، لكنه أمر غريب على فرق المقدمة مثل الأهلي والزمالك، وحتى فريق الإسماعيلي الذي اكتسب شهرته الكروية باللعب الأمامي الفعال.
لم أسمع حتى الآن تحليلا فنيا مهما عن أسباب تلك الظاهرة، ولماذا ترتبط باللاعب المصري أكثر من غيره، لكنني أظن أن لها علاقة بثقافة المجتمع نفسه التي يغلب عليها الأداء الوظيفي الخالي من الإبداع، وتقديم العمل المطلوب بأقل جهد ممكن.
لكن في كل الأحوال تحتاج ظاهرة التمرير للخلف وقفة جادة لمناقشة أسبابها وعلاجها، بعد أن تفاقمت بشكل مؤسف في السنوات الأخيرة، وقضت ليس فقط على متعة المنافسات المحلية المتأثرة من الأصل بأزمة غياب الجمهور عن الملاعب، ولكنها تركت آثارها السلبية على المنتخبات المصرية في كل الأعمار التي تشهد تراجعا يفوق في قسوته نسبة التمريرات للخلف في مباريات الدوري.
aXA6IDE4LjIyMS45My4xNjcg جزيرة ام اند امز