مقترح ترامب بشأن غزة.. تكتيك للضغط على «حماس»؟
![ترامب ونتنياهو](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/06/155-145832-4-explanations-trump-gaza-proposal_700x400.jpg)
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا على الساحة الدولية، اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة.
هذا الطرح، الذي اعتبره الكثيرون صادمًا وغير واقعي، يتعارض مع مبادئ القانون الدولي، ويهدد بتصعيد التوترات في الشرق الأوسط. وبينما يرى البعض أن هذه التصريحات ليست سوى وسيلة لصرف الأنظار عن قضايا سياسية وقضائية أخرى تواجه ترامب، يعتقد آخرون أنها جزء من استراتيجية تفاوضية أو محاولة لتعزيز صورته كرجل سياسة غير متوقع.
فهل يمثل هذا الاقتراح تحولًا حقيقيًا في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، أم أنه مجرد تكتيك يسعى من خلاله ترامب إلى حشد الدعم السياسي؟ في هذا السياق، يستعرض هذا التحليل لصحيفة واشنطن بوست الأسباب المحتملة وراء هذا المقترح، والتداعيات التي قد تترتب عليه على المستويين الإقليمي والدولي.
1 - تشتيت الانتباه عن قضايا أخرى
يعرف ترامب بأسلوبه في تحويل التركيز الإعلامي من الأزمات التي تحيط به إلى قضايا أخرى أكثر إثارة للجدل. وقد يكون هذا التصريح جزءًا من استراتيجية مقصودة لتشتيت الانتباه عن المشكلات القانونية والسياسية التي يواجهها، مثل:
- التحقيقات القانونية: يواجه ترامب العديد من القضايا الجنائية والمدنية، مثل قضايا الاحتيال المالي، ومحاولات قلب نتائج الانتخابات، وتورطه في اقتحام الكابيتول. وقد يكون إثارة قضية دولية كبرى وسيلة لصرف الانتباه عنها.
- الانتقادات السياسية: يواجه ترامب انتقادات متزايدة بسبب علاقاته برجال الأعمال والمليارديرات الذين يسعون للتأثير على الحكومة، وإطلاق تصريحات صادمة مثل "الاستيلاء على غزة" يمكن أن يُشغل وسائل الإعلام عن هذه القضايا ويمنح ترامب مساحة للعمل دون تدقيق كبير.
- الإعلام الموجه: يعتمد ترامب على استراتيجية إعلامية تُعرف بـ"إغراق المنطقة بالأخبار" (Flood the zone with news)، حيث يطلق سيلًا من الأخبار المثيرة للجدل بحيث يصعب على وسائل الإعلام والجمهور التركيز على قضية واحدة لفترة طويلة. وكلما تحدث الإعلام عن اقتراحه بتهجير الفلسطينيين أو احتلال غزة، تقل التغطية لقضاياه القانونية أو إخفاقاته السياسية. ومن خلال تقديم تصريحات متضاربة وغير متوقعة، يُبقي خصومه في حالة ارتباك دائم، مما يمنعهم من وضع استراتيجية فعالة لمواجهته.
2 - تكتيك تفاوضي للضغط على الأطراف الإقليمية
قد يكون ترامب يستخدم هذا التهديد بوصفه جزءا من استراتيجية تفاوضية مع الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط. يمكن أن يخدم هذا الطرح عدة أهداف:
- الضغط على حماس للتخلي عن السلطة: إثارة احتمال تدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر، قد يسعى ترامب إلى إجبار حماس على تقديم تنازلات أو قبول ترتيبات جديدة في غزة.
- دفع الدول العربية للتعاون مع إسرائيل: يمكن أن يكون الهدف من هذا التهديد هو تحفيز السعودية والدول العربية الأخرى على اتخاذ خطوات ملموسة تجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
- إعادة ترتيب المشهد السياسي في غزة: ربما يحاول ترامب خلق بيئة جديدة يمكن أن تسهل سيطرة أطراف حليفة للولايات المتحدة على القطاع.
3- تعزيز نظرية "الرجل المجنون"
يُعرف ترامب بتبنّيه لما يُسمى بـ"نظرية الرجل المجنون" (Madman Theory)، وهو تكتيك دبلوماسي استُخدم سابقًا من قبل الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، حيث يتم تقديم القائد السياسي على أنه غير متوقع وقادر على اتخاذ قرارات جريئة، ما يدفع الخصوم إلى التعامل معه بحذر.
إرباك الخصوم: من خلال إطلاق تصريحات متطرفة، قد يسعى ترامب إلى جعل خصومه غير متأكدين من نواياه الحقيقية، مما قد يدفعهم إلى اتخاذ خطوات استباقية.
ويحاول الرئيس ترامب بتصريحاته المتطرفة تعزيز صورته رئيسا قويا مستعدا لاستخدام القوة لتحقيق أهدافه. وقد يكون الهدف من هذه الاستراتيجية دفع اللاعبين الدوليين، مثل الصين وروسيا، إلى إعادة تقييم مواقفهم في المنطقة.
4 - نزعة إمبريالية جديدة في سياسة ترامب الخارجية
في تحول واضح عن مواقفه السابقة الرافضة لـ"بناء الدول"، يبدو أن ترامب يتبنى الآن رؤية أكثر توسعية تشمل فرض النفوذ الأمريكي على الأراضي الأجنبية.
استراتيجية "أمريكا أولاً" بصيغة جديدة: رغم أن ترامب كان ينادي بسحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط خلال ولايته الأولى، إلا أن مقترحه بشأن غزة يشير إلى توجه جديد قد يكون مدفوعًا بمصالح اقتصادية أو استراتيجية.
وتصريحاته حول تطوير غزة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" تعكس رؤية استثمارية تتجاهل الأبعاد السياسية والإنسانية للقضية. وفي حال سعت الولايات المتحدة بالفعل إلى فرض سيطرتها على غزة، فقد يكون ذلك سابقة خطيرة تهدد النظام الدولي المبني على احترام سيادة الدول.
التداعيات المحتملة لمقترح ترامب
أي محاولة لفرض السيطرة على غزة ستعتبر انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وستواجه رفضًا عالميًا واسعًا.
ومثل هذا الطرح قد يشعل التوترات بين إسرائيل والدول العربية، ويؤدي إلى تصعيد غير محسوب العواقب.
وإذا تم التعامل مع هذا الاقتراح على محمل الجد، فقد يؤدي إلى فقدان الولايات المتحدة لمصداقيتها كوسيط في قضايا الشرق الأوسط.
وخلصت الصحيفة إلى أنه لا يمكن الجزم بما إذا كان ترامب جادًا في اقتراحه أم أنه مجرد تصريح انتخابي يهدف إلى إثارة الجدل وجذب الانتباه. لكن بغض النظر عن نياته الحقيقية، فإن مجرد طرح فكرة "الاستيلاء على غزة" يعكس توجهًا خطيرًا قد تكون له تداعيات كارثية على الاستقرار الإقليمي والدولي.
aXA6IDMuMjMuMTAwLjEwNyA= جزيرة ام اند امز