خط "الديواني الجلي" العربي النادر من دواوين السلطان إلى دبي
41 عملاً فنياً خط "الديواني الجلي" الذي منع استخدامه به خارج دواوين السلطان، تُعرض في صالة "الفرجام" من تنظيم مركز دبي لفن الخط العربي
اقتصر خط "الديواني الجلي" في العهد العثماني على دواوين السلطنة، ولم تكن النظرة إليه على اعتباره نوعاً من الفن، لذا غابت تواقيع كتابه عن الوثائق –كما العادة مع أنواع الخطوط الأخرى- ولم تعرف أسماء مطوري هذا النوع من الخط، إلا الأسماء التي برزت في العصر الحديث. ليس هذا فحسب، إنما كان على من يكتبون بهذا الخط أن يكونوا محلّفين على عدم الكتابة به خارج الدواوين، لذا يندر أن تجد استعمالاً للخط "الديواني الجلي" في الفن خلال فترة العهد العثماني.
إلا أن الأيام الماضية شهدت خرقاً في سرية هذا النوع الخاص من الخطوط التي كان استخدامها حكراً على المحلّفين، حيث استضافت صالة عرض "مؤسسة فرجام" الفنية في دبي، أعمال 23 فناناً من تسع دول من بلدان العالم العربي والاسلامي في معرض ضم 41 لوحة، بتنظيم من "مركز دبي لفن الخط العربي" في بداية نشاطه الحادي عشر برعاية من "مصرف الإمارات الإسلامي" و"مؤسسة فرجام الفنية" ويستمر حتى نهاية يناير الحالي.
افتتح المعرض معالي محمد أحمد المر الذي عبّر عن سعادته لتنامي مساحة المعارض الفنية في دبي وفي الإمارات بشكل عام، وأشار إلى أن مشهد المعارض الفنية متكامل ومتطور ويضاهي المعارض الفنية في عواصم العالم، ونوّه معاليه بالتخصص في موضوع معين للمعرض وهو "الخط الديواني" موضوع المعرض وتنافس فناني العالم الإسلامي في المشاركة بعرض لوحاتهم.
تبدأ الكلمة في الخط الديواني الجلي بتركيب بيضاوي يحول دون أية إضافة فيما تتجه نهاية السطر إلى الأعلى قليلاً بتركيب يختتم بدقة، ليحكم إغلاق السطر ويحول دون إضافة أي كلمة أو مجرد رقم إلى النص، إضافة إلى أن الأسطر بترتيبها تشبه السيف أو الساطور الأمر الذي يعكس سطوة وسلطة السلطان أو الحاكم. وتعني كلمة جلّ في اللغة: عظُم وكبُر، ويتصف بهذه الخاصية تمييزاً له عن "الخط الديواني"، ويتميز أيضاً عن الخط الديواني بكونه يقبل التشكيل الإعرابي والنقط المعينية المكثفة بحيث تملأ الفراغات البينية إلى الطراف الحدية للتكوين الفني.
الخطاط السوري خالد الساعي المشارك بلوحتين في المعرض تحدث إلى "بوابة العين" عن هذا الخط، مشيراً إلى أنه "يعتبر أكثر الخطوط تطريباً بصرياً، ومن أغناها حركة وتنوعاً، ويحمل احتمالات كبيرة في كتابة الكلمة والحرف"، وأضاف "أعتبره أكثر خط يلامس الموسيقى، ولو نظرت إلى الشكل الزورقي أو السيفي ستجده بمثابة سطر موسيقي أو نوطة، وقفلة النص التقليدي تشبه مفتاح الصول الموسيقي".
لوحات الساعي نقلت أبياتاً شعرية بهذا الخط، ويقول الفنان إنه "استخدم نصوصاً شعرية لأن التحدي يكمن في ملامسة المعنى من خلال الشكل البصري محاولاً إيجاد القيمة التشكيلية والبصرية باللوحة".
الطواعية اللازمة لتشكيل لوحة فنية، هي ما تجذب الخطاط السوداني تاج السر حسن المشارك بلوحتين لـ"الديواني الجلي"، ويقول إن "جمال الخط ينبع من طريقة كتابة الفرمانات على هيئة أسطر وتعبأ بعلامات التنقيط، حيث كانوا يكتبون ويحشون الفراغات منعاً لترك مساحة للتزوير، وعندما يصل الخطاط إلى النهاية يقفل السطر ويعود إلى سطر جديد".
أما عن المقاربة الحديثة للخطوط في المعرض فيقول حسن "يتبارى الخطاطون بأخذ الروح وتنفيذها بالديواني الجلي، فالزخارف في الداخل هي الضبط الأساسي للكلمة، فيما تأتي النقاط لملء المساحات حتى لا يكون هناك فرصة لأي تزوير فصارت نمطاً فنياً".
وفي القرن الخامس عشر استخدم الخطاطون أحباراً مختلفة إضافة إلى اللون الأسود من قبيل الأحمر والأخضر والأزرق واللون الذهبي، وذلك تبعاً لأهمية الأمر الصادر عن الديوان، حيث عكس الديواني الجلي عظمة الدولة العثمانية، وصار يكتب بشكل متداخل ومتراص إلى أن صارت قراءته لا تتسنى لكل الناس، وما كتب بالديواني الجلي كان حرصاً على منع التزوير، من خلال ملء الفراغات بين الحروف بعلامات الضبط، وإضافة النقاط منعاً لأي تحوير أو تعديل، كما عمد بعض الخطاطين إلى وضع رذاذ الذهب على الكتابة بالحبر الأسود لحفظ الكتابة من الكشط والتعديل، لأنه سيبدو جلياً على اللون الأسود.
أما عن مراحل صناعة اللوحة فقالت الخطاطة الإماراتية نرجس نور الدين "إن مرحلة البحث عن النصوص مرحلة طويلة وتستغرق وقتاً لرغبتك في البحث عن قيمة معينة لتنفذها، وشخصياً لا أحب أن أمرر ما أقوم به قبلاً وأحيانا يستغرقني اختيار النص حوالي 6 شهور، وأضافت "صعوبة اللوحة بالزخارف لكني استعضت عن الزخرفة بالطبقات واستخدمت 3 درجات من اللون حتى أعطي اللوحة بعداً أكبر".
يذكر أن معالي محمد أحمد المر قد افتتح المعرض مساء أمس الأول الثلاثاء، بصحبة سعادة سلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والفنون، وسعادة مروان بن بيات رئيس مجلس إدارة مركز دبي لفن الخط العربي، وسعادة ميرزا الصايغ مدير مكتب سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، والمفكر والأكاديمي الدكتور سعيد حارب، وسعادة سعيد النابودة المدير العام لهيئة دبي للثقافة والفنون بالإنابة، والدكتور صلاح القاسم المستشار الثقافي في هيئة دبي للثقافة والفنون، والسيد عيسى الزعابي نائب رئيس تنفيذي أول لقطاع الدعم المؤسسي في غرفة تجارة وصناعة دبي، والسيد محمد التميمي المستشار الثقافي لصاحب السمو حاكم الشارقة
aXA6IDMuMTQ1LjU5LjI0NCA=
جزيرة ام اند امز