إنشاء "مركز المشترك بين اللغة العربية واللغات السامية القديمة"
المركز ينطلق في العين .. بدعم من حامد بن زايد
أعلن عن إنشاء "مركز المشترك بين اللغة العربية واللغات السامية القديمة" في مدينة العين، وذلك بدعم من الشيخ حامد بن زايد آل نهيان.
أكد خبراء وباحثون مختصون في تاريخ اللغات وأصولها ودورها في الموروث الحضاري والثقافي للشعوب والأمم، أن اللغة العربية الفصحى لم تحظَ بدراسات علمية معمقة تبحث في أصولها الأولى، وتشخص تطور المصطلح فيها، وفق منهج تحليلي مقارن، يتتبع تطورها التاريخي بين اللغات السامية القديمة حتى استقرت في قاموس.
اللغة العربية التي تتمحور حولها الكثير من المبادرات والأنشطة الداعمة لها لتخطي كل ما تواجهه من عقبات، هي اللغة السامية الوحيدة التي استمرت حتى اليوم وبعض اللهجات الآرامية، ولم تندثر مع مرور الزمن. اللغة العربية كانت محور ندوة "المشترك بين اللغة العربية واللغات السامية القديمة" التي عقدت في مركز المؤتمرات في إمارة العين في خلال اليومين الماضيين وناقشت تاريخ اللغات وأصولها ودورها في الموروث الثقافي. إلا أن الندوة لم تقتصر على النقاشات، إذ أعلن في ختامها، مساء اليوم الخميس، عن إنشاء "مركز المشترك بين اللغة العربية واللغات السامية القديمة" يكون مقره بمدينة العين وذلك بدعم من الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي.
ولفت "مركز الحصن للدراسات والبحوث" إلى أن "المركز الجديد يُعنى بنقل اللغات السامية القديمة إلى اللغة العربية مباشرة إضافة إلى دعم البحث العلمي في اللغات السامية القديمة إلى جانب تأسيس مدرسة عربية جديدة للمسميات والمفاهيم في دراسة اللغات القديمة".
كما أعلن مركز الحصن للدراسات والبحوث ضمن توصيات الندوة التي أدارتها الدكتورة فاطمة سهيل المهيري عن البدء في عمل مشروع المعجم التاريخي للغة العربية لتأصيل مفردات اللغة العربية وتحديد ظهورها للمرة الأولى ويتتبع تطورها عبر التاريخ، إضافة إلى إنشاء قاعدة معلومات للنقوش العربية القديمة.
وقالت الدكتورة فاطمة، إن مركز الحصن للدراسات والبحوث سيعقد هذه الندوة سنويًّا على أن يتم إصدار وقائع كل ندوة على حدة، مؤكدة أن مركز الحصن سيأخذ بعين الاعتبار جميع التوصيات التي أقرها المشاركون.
وكانت الندوة قد ناقشت في اليوم الثاني وعلى مدى جلستين متتابعتين ثمانية أوراق بحثية، حيث استعرضت الجلسة الأولى التي رأسها الدكتور حامد زيان أربعة أوراق بدأت بورقة المشترك والمختلف بين اللغتين البجاوية والعربية للدكتور محمود عبد الله أستاذ الدراسات السودانية والمصرية القديمة بجامعة النيلين بالخرطوم السودان، الذي أكد أن اللغة البجاوية الحية الآن هي عربية جاءت هجرتها إلى السودان منذ خمسة آلاف سنة مع أقدم الهجرات العربية إلى السودان.
وجاءت الورقة البحثية للدكتور عبد الحليم نور الدين لتعرض المتوارث من اللغة المصرية القديمة في اللغة العربية، حيث أكد أن اللغة المصرية القديمة وهي لغة سامية تعبر عن شخصية الإنسان المصري وتراب أرضه، ولكنها ككل لغة كان لابد أن يحدث التقارب بينها وبين اللغات الأخرى للشعوب المجاورة .. مبينًا أنه لا يعيب أية لغة أن تأخذ من غيرها بالشكل الذي يحقق لها التكامل ما دامت تحتفظ بخصائصها الأصلية.
وقدم الدكتور صالح محمود إدريس ورقة بحثية تحمل عنوان "التشابه والقرابة المعجمية بين العربية والجعزية، مبينًا أن اللغة الجعزية لغة سامية جنوبية عريقة كان الناس يتحدثون بها في إريتريا وشمال إثيوبيا، كما كانت هذه اللغة أي "الجعزية" هي اللغة الرسمية لمملكة "أكسوم" التي كانت ممتدة من إريتريا الحالية إلى شمال إثيوبيا.
وحول نشأة الخط العربي وتطوره، استعرض الدكتور مشلح المريخي الأستاذ بكلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود رؤية جديدة في هذا المجال، موضحًا خلالها النظريات الثلاث التي تم تداولها بخصوص نشأة الخط العربي.
من جانبه استعرض الدكتور ليث مجيد حسين من جامعة "ماربورغ" بألمانيا الاتحادية ورقة بحثية بعنوان "المشترك ما بين العربية والأكدية" مبينًا أن اللغة "الأكدية" كانت لغة التحدث في بلاد الرافدين لتصبح لغة الكتابة والتخاطب، مشيرًا إلى أن هذه اللغة تُعَد أقدم لغة سامية معروفة، إضافة إلى أنها من اللغات الأكثر توثيقًا في الشرق القديم، وكانت تدون بالخط المسماري.
ومن جامعة "بيرزيت" استعرض الدكتور عصام حلايقة الظواهر اللغوية المشتركة بين العربية والأوغاريتية، وتساءل عن الاشتراك المعجمي بين اللغتين على الرغم من التباعد الجغرافي والتباعد الزمني الذي يصل إلى ألفي عام، كما تساءل أيضًا عن كفاية إيجاد الدلائل اللغوية والمعجمية لإثبات العلاقة التاريخية التي وجدت في زمن بين متحدثي اللغة "الأوغاريتية" في سوريا وبين الشعوب التي تحدثت اللغة العربية في الألف الثانية قبل الميلاد، مشيرًا إلى أن اللغة العربية احتفظت بكثير من المعالم اللغوية السامية القديمة وورثتها بما فيها المفردات ودلالاتها.
وتناول الدكتور هاني هياجنة من جامعة اليرموك بالأردن ضمن رقة بحثية بعنوان "ملاحظات حول شواهد العربية المبكرة في ضوء نقوش الجزيرة العربية قبل الإسلام" النقوش العربية الشمالية القديمة والنقوش العربية المبكرة باعتبارهما مصدرًا معجميًّا للمفردات والظواهر الصوتية والصرفية والتركيبية التي يمكن أن تسهم في فهم جوانب الخلفيات "التاريخية - اللغوية" للعربية الفصحى المعروفة وامتداداتها عبر الزمن.
وفي اليوم الأول للندوة، تم تناول عدد من الأوراق البحثية، واستعرضت الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور حمد بن صراي ورقة عمل للدكتور معاوية إبراهيم ممثل الأردن في اليونسكو، تناول فيها الاهتمام باللغات السامية وتدريسها في الشرق والغرب، كما تناول الدكتور محمد مرقطن من جامعة هايدلبرغ بألمانيا تقسيم اللغات السامية في ضوء النظريات الحديثة ومسألة المشترك السامي، مشيرًا إلى أن معظم اللغات السامية القديمة كانت قد اندثرت ما عدا العربية وبعض اللهجات الأرامية.
كما استعرضت الجلسة الأولى ورقة عمل للدكتور سعيد بن فايز السعيد من جامعة الملك سعود بالرياض بعنوان "خط نقوش الجزيرة العربية القديمة تساؤلات في قضايا جدلية".
وفي الجلسة الثانية من الندوة، والتي ترأسها الدكتور سعيد بن فايز السعيد، تم استعراض أربع أوراق عمل الأولى، بعنوان اللغة العربية وأبجديتها في جنوب شبه الجزيرة العربية للدكتور كريستيان روبان من فرنسا، والثانية حول النقوش الثمودية في المملكة العربية السعودية للدكتور سليمان عبد الرحمن الذيب من جامعة الملك سعود بالرياض، والثالثة حول اللغة "اللحيانية" من السامية القديمة إلى العربية للدكتور صبا الفارس من فرنسا- وفي الورقة الرابعة، تناولت الدكتورة عميدة شعلان أستاذة آثار ولغات الجزيرة العربية بجامعة صنعاء "عربية أهل اليمن قبل الإسلام".
aXA6IDMuMTQ1LjUwLjcxIA== جزيرة ام اند امز