تحالف "الرياض - إسلام أباد" .. من مواجهة السوفييت إلى القنبلة النووية الإسلامية
مسؤولون باكستانيون: أمن السعودية خط أحمر
ليس غريبًا أن يُصرِّح المسؤولون الباكستانيون، بأنَّ أمن السعودية خط أحمر لباكستان، فالتحالف بين الرياض، وإسلام آباد، ليس وليد اليوم.
ليس غريبًا أن يُصرِّح المسؤولون الباكستانيون، مؤخرًا، بأنَّ أمن السعودية خط أحمر لباكستان، فالتحالف بين الرياض، وإسلام آباد، ليس وليد اليوم، بل يعود لتاريخ ممتد بداية من دعم الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، لمحمد جناح مؤسس الباكستان، منذ تأسيسها عام 1947، مرورًا بهجرة المسلمين من شبه جزيرة الهند إلى "كراتشي" التي يطلق على سكانها اسم "المهاجرين"، للوقوف أمام المد الهندوسي في الهند.
ويشهد جامع فيصل، الذي بناه الملك فيصل بن عبد العزيز "رحمه الله"، في إسلام آباد على عمق العلاقات بين البلدين، وترسيخ المفهوم الإسلامي في باكستان الوليدة، فكانت السعودية مؤيدة لإسلام أباد في حربها ضد الهند.
وتواصل دعم السعودية لباكستان حتى أنتجت القنبلة النووية التي اصطبغت بصفة "الإسلامية"، باعتبارها ردًّا على أي تهديد قد يتم التلويح به ضد أية دولة إسلامية، والسعودية على رأس هذه الدول، لما لها من أهمية سياسية، وأهمية دينية باعتبارها راعية المقدسات الدينية لدى المسلمين "مكة المكرمة، والمدينة المنورة"، وباعتبار باكستان الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك الآن قنبلة نووية.
وخلال الخمس سنوات الماضية، كانت التحديات التي تواجهها المنطقة العربية كبيرة، لصد الهجمات الإرهابية، من كل حدب وصوب، حتى تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الأمور بالسعودية، وبدأت مرحلة الحرب على الإرهاب، فسعت بدور قيادي مشهود له بالنجاح لتكوين التحالف العربي، الذي قطع أحد الأذرع الإيرانية التي مدتها نحو اليمن، بدعمها الحوثيين، ومحاولة الانقلاب على السلطة الشرعية، واستنجد الرئيس اليمني المنتخب بحكام الدول العربية.
وسرعان ما لبَّت السعودية النداء، وكوَّنت التحالف العربي، بقيادتها، وواصلت الحرب ضد الحوثيين، وحققت النجاح تلو النجاح على الأرض، حتى عاد الرئيس اليمني إلى العاصمة صنعاء، لتباشر حكومته مهامها في اليمن.
وأمدت الرياض النسيج العربي، بخيوط أوسع نطاقًا عبر التحالف العسكري الإسلامي، الذي كانت الباكستان في مقدمة الدول التي أعلنت الانضمام إليه، تحت لواء المملكة.
علاقة روحية:
على الرغم من عمق العلاقات الجيوسياسية بين السعودية وباكستان، التي أكدها المحلل السياسي جاسر الجاسر في حديثه لبوابة "العين" الإخبارية، إلا أنَّه وصفها بـ"الروحية"، مرجعًا ذلك إلى تذكره مرافقة الملك فيصل بن عبد العزيز "رحمه الله" في أول زيارة لملك سعودي لباكستان، وكيف كان الاستقبال مملوءًا بالحفاوة، وكانوا يرحبون بنا ترحيبًا غامرًا، باعتبارنا حماة شعائر الحج ورعاية المسلمين من شتى بقاع الأرض.
وعن مستقبل العلاقات السعودية الباكستانية، والرسالة التي أرسلها الملك سلمان إلى الباكستان، يقول الجاسر: "أؤكد على تسمية العلاقات بين المملكة وباكستان بالروحية، ومستقبل العلاقات بين البلدين يثمر تعاونات في شتى المجالات، ولم يكن دعم الملك عبد العزيز رحمه الله للباكستان، ومؤسسها محمد جناح، إلا لاستكمال دور المملكة في رعاية المسلمين أينما كانوا.
وتابع الجاسر: ورسالة الملك التي حملها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، جاء عليها الرد علانية، وهذا ما أكَّده قائد الجيش الباكستاني الجنرال راحيل شريف خلال لقائه الأمير محمد بن سلمان، "أنَّ أي تهديد لسلامة السعودية ستكون له ردة فعل قوية من قبل باكستان، وإنَّ باكستان سترد الرد الملائم والقوي في حال تعرضت سلامة السعودية لأي خطر"، مشيرًا إلى أنَّ بلاده تولي أهمية كبيرة لأمن السعودية ودول الخليج".
ويقول الباحث السياسي عمر الزبيدي لـ"العين": "العلاقات بين الرياض وإسلام آباد لم تكن قاعدتها السياسية أو الجيوسياسية أو الاقتصاد، ولكن الحس العاطفي الديني للشعب الباكستاني الذي كان أساس بناء كل هذا التحالف الذي جعل من هذه العلاقة تتخذ شكل التكاملية التي تأسست في عهد الملك عبد العزيز مؤسس المملكة العربية السعودية، ثم رسمت خطوطها في عهد الملك فيصل وتطورت لمرحلة بعد أخرى في عهد كل ملكي.
وكانت التجربة في مواجهة السوفييت والتعاون لتدمير الدب الأحمر من أنجح التجارب التي أثبتت أن قوة الإسلام أقوى من الأسلحة النووية، وكان القرار المشترك في التعاون وبناء الذراع العسكري الإسلامي الأكثر تأثيرًا في آسيا، مشروع سعودي أثبت أهميته في كل وقت ونجح في محاربة الإرهاب ليس في باكستان والسعودية فقط، بل نجح في تثبيت الأمن العالمي.
وأكَّد الزبيدي "أنَّ الشراكة بين البلدين شراكة تطور، وتتقدم ليس كتحالف استراتيجي، ولكن لبناء علاقة شعب واحد في دولتين وعاصمتين ولغتين وساهم النجاح في هذه التجربة في تطوير التحالفات السعودية لبناء مجلس التعاون الخليجي وحلف مع ماليزيا وتركيا ومصر والمغرب والأردن، أعادت رسم الصورة عن الدول الإسلامية في الميزان العالمي، حتى توج هذا المشروع بالتحالف العسكري العربي والإسلامي الأكبر والذي ستثبت الأيام أنَّه سيغير الخارطة الاستراتيجية في العالم، انطلاقًا من مشاعر إسلامية مخلصة جمعت بين الشعبين السعودي والباكستاني".
استبعاد فكرة الحرب:
على رغم تصريحات ولي السعودية الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي نفت تمامًا أي فكرة للحرب مع إيران، التي تغاضت عمدًا عن الهجوم الغوغائي ضد سفارة المملكة في طهران، والقنصلية في مشهد، إلا أنَّ الجهود السعودية التي تعمل على أمنها الشامل، ضد أي تهديد، لم يتوقف أبدًا، وهذا حقها أمام ما تفعله إيران من تدخلات سافرة.
فقد واصلت المملكة العربية السعودية جهودها الدؤوبة في تجييش الموقف العالمي ضد إيران، بل امتدت الشراكات العسكرية والاستخباراتية السعودية على المستوى الإسلامي، والعربي، وامتد وصولًا إلى باكستان.
وكانت تصريحات ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التي أدلى بها في حوار نشرته مجلة "إيكونوميست" البريطانية، تؤكد أن دعم العلاقات السعودية الباكستانية يصب في دعم توجه المملكة تشكيل تحالف دولي إسلامي، تكون باكستان أحد أهم ركائزه المتينة.
وقد أثار هذا الحديث الكثير من صخبًا إقليميًّا وعالميًّا، لما يحمله من أهمية كبيرة على مستوى مستقبل المملكة العربية السعودية والرؤية التي يحملها الأمير الشاب، الذي تولى مسؤوليات كبيرة، وأولاها جل رعايته، واهتمامه، والأخذ بكل أسباب النجاح فيها.
من المهم جدًّا، إدراك أن السعودية، تلعب دورًا مؤثرًا في المنطقة العربية، واستطاعت أن تحصل على موقف عربي داعم لها خلال الاجتماع العربي الطارئ الذي دعت إلى انعقاده في القاهرة مؤخرًا، وذلك ردًّا على المد الصفوي في المنطقة العربية، وإظهار ذلك علانية من تصريحات مسؤولين إيرانيين بارزين، خصوصًا بعدما نفَّذت السعودية حكم الإعدام في 47 إرهابيًّا ومحرِّضًا على الإرهاب، بينهم الشيعي نمر النمر، وتواصل الأمر إلى تحريض الغوغاء لإحراق مقر السفارة السعودية في طهران، ومقر القنصلية في مشهد، أو على الصمت الموحي للرضا على ما حدث.
وأمام هذه العجرفة الإيرانية، ونقل الملف كاملًا إلى مجلس الأمن، وعقد اجتماع عربي طارئ للوصول إلى موقف عربي موحد يؤيد المملكة العربية السعودية، ضد الغوغائية الإيرانية، لم يكن أمام إيران إلا الإعلان عن الشعور بالأسف تجاه مع حدث، ومحاولة تهدئة الإعلام العالمي ضدها، بالقبض على بعض مثيري الشغب في إيران.
ويرى مراقبون أن المملكة العربية السعودية نجحت في سعيها الجاد للتصعيد ضد التصرفات الإيرانية، بدءًا من طرد السفير الإيران والبعثة الدبلوماسية الإيرانية من المملكة، واستدعاء كامل البعثة الدبلوماسية السعودية من إيران، وإعلان قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وصناعة موقف عربي موحد ضد الغوغائية الإيرانية.
aXA6IDE4LjExNi41Mi40MyA=
جزيرة ام اند امز