خضوع إيران للاتفاق النووي لن يمنحها تطبيعًا غربيًّا فوريًّا
ودعوات أمريكية لعقوبات جديدة بسبب الصواريخ الباليستية
رغم خضوع إيران للاتفاق النووي إلا أنها لن تحصل على التطبيع الكامل مع الغرب، الذي اكتفى برفع جزء من العقوبات الاقتصادية عنها
مثل خضوع إيران للاتفاق النووي الذي وقعته في شهر يوليو/تموز الماضي مع مجموعة (5+1)، الذي أدى في أولى نتائجه إلى رفع العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على طهران منذ عقد من الزمان، نقطة تحول في علاقة الغرب بالدولة الإيرانية.
وكانت مجموعة (5 + 1) -التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن (أمريكا وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين) إضافة إلى ألمانيا- قد وقعت اتفاقًا مع إيران في شهر يوليو/تموز الماضي يتم بموجبه وقف الأنشطة النووية الإيرانية، على أن تلتزم القوى الدولية برفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، وتفرج عن الأرصدة الإيرانية المحتجزة مع وضع تنفيذ الاتفاق على مراحل.
وعلى الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت أن طهران خفضت -كما هو متفق عليه- عدد أجهزة الطرد المركزي التي تتيح تخصيب اليورانيوم وأرسلت الى الخارج تقريبا مجمل مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب، إلا أن العقوبات الاقتصادية سيتم رفعها عبر 3 مراحل تنتهي في 2025 إذا واصلت طهران تنفيذ بنود الاتفاق، مع إمكانية العودة للعقوبات إذا واصلت طهران سياستها كدولة مارقة في المجتمع الدولي.
ولا يعني رفع العقوبات الاقتصادية تطبيعًا كاملا مع النظام الإيراني، وهو الأمر الذي سيمتد لمدة 25 عامًا؛ إذ نصت آلية التثبت من تنفيذ الاتفاق تولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراقبة المواقع النووية الإيرانية بانتظام مع صلاحيات موسعة، تتضمن التثبت لمدة 20 عامًا من إنتاج أجهزة الطرد المركزي ولمدة 25 عامًا من إنتاج أوكسيد اليورانيوم الخام، كما وافقت طهران على السماح بمراقبة محدودة للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنشآتها غير النووية، وخصوصا العسكرية في إطار البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي الذي تعهدت بتطبيقه.
ويتضمن رفع العقوبات عن إيران العديد من المجالات؛ منها النفط والغاز والبتروكيمياء وصناعة السفن وباقي خدمات النقل والمعادن الثمينة والأوراق والقطع النقدية.
وتبدأ المرحلة الثانية لرفع العقوبات في 2023، مع تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية استمرار الطابع السلمي للأنشطة النووية الإيراني، وتنص تلك المرحلة على رفع عقوبات أمريكية وأوروبية أخرى، وبينها السلع ذات الاستخدام المزدوج والبرمجيات ونقل السلع والتكنولوجيات المشمولة باللائحة العسكرية الأوروبية والأسلحة كما يمكن رفع عقوبات فردية أخرى.
بينما تبدأ المرحلة الثالثة، عام 2025 مع قرار لمجلس الأمن يحدد "يوم النهاية" بعد عشر سنوات إذا تم تطبيق الاتفاق بالشكل الصحيح.. وعندها يتم رفع باقي العقوبات.
ورغم إعلان وكالة الطاقة الذرية أن طهران أوفت بالتزاماتها إلى بداية المرحلة الأولى من رفع العقوبات في العديد من المجالات، إلا أن الأمم المتحدة أبقت على الحظر الخاص بالأسلحة التقليدية والصواريخ الباليستية قائمًا حتى عامي 2020 و2023، على التوالي.
ورغم خطوة رفع العقوبات إلا أن البعض في الدول الغربية، ما زال يرى في إيران دولة تهدد الأمن والسلم العالميين، وترعى الإرهاب؛ إذ قال مسؤول أمريكي لرويترز اليوم: إن الولايات المتحدة تتوقع فرض "توصيفات" لعقوبات جديدة على إيران بسبب التجارب التي أجرتها في الآونة الأخيرة لإطلاق صواريخ باليستية، ولكنه امتنع عن تحديد توقيت هذه الخطوة.
كما قالت هيلاري كلينتون -المرشحة المحتملة لانتخابات الرئاسة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي (الذي ينتمي له أوباما) في تصريحات لها اليوم-: إنه في حالة انتخابها رئيسة للولايات المتحدة سيكون موقفها بشأن إيران هو "عدم الثقة والتحقق".
وأضافت أن "إيران ما زالت تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي ببرنامجها للصواريخ الباليستية الذي يجب أن يواجه بتحديد عقوبات جديدة وبتصميم حازم".
ويبدو أن إيران لم تكتفِ بإثارة المشاكل مع الدول الغربية؛ إذ خلقت مؤخرًا أزمة مع المملكة العربية السعودية، عندما اقتحم متظاهرون السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في "مشهد"، احتجاجًا على إعدام السلطات السعودية 47 إرهابيًّا بينهم رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، وهو ما دفع المملكة ودول عربية أخرى إلى قطع علاقاتها بطهران، كما خفضت دولة الإمارات العربية المتحدة درجة التمثيل مع طهران إلى درجة "القائم بالأعمال".