بشبهة مخالفة شروط الترشح للبوكر.. رواية «في الهنا» للكويتي طالب الرفاعي تثير أزمة بين ناشرين من الكويت ومصر..
«في الهنا» رواية الكاتب الكويتي المعروف طالب الرفاعي، احتلت مكانها وفق تقدير لجنة التحكيم ضمن القائمة الطويلة، والصادرة وفق بيان اللجنة عن دار بلاتينيوم للنشر والتوزيع في الكويت، توالت التهاني والتبريكات للكاتب على ذلك الإنجاز، لكن أيامًا قليلة على الإعلان، وتثار مجموعة من الأسئلة المشروعة حول وجود الرواية في القائمة الطويلة بشبهة مخالفة للقواعد والشروط المحددة سلفًا من قبل أمانة الجائزة للترشح لها.
ربما لم يكن يعلم كثيرون أن هناك طبعة مصرية من هذه الرواية صدرت عن دار الشروق المصرية نهاية العام 2014، وهي موجودة ومتداولة، وعلى هذا فإن الرواية مطروحة وموجودة في الأسواق منذ ما يزيد على العام، وبما أن الرواية المرشحة ضمن روايات القائمة الطويلة رشحت بطبعة أخرى في موعد لاحق، فهذا يعني وجود شبهة مخالفة إدارية لشروط واللوائح العامة المقررة للترشح.
التقطت الخيط الزميلة ليلاس سويدان، وأثارت هذه التساؤلات على صفحات جريدة "القبس" الكويتية، حول الرواية ومطابقتها للشروط، وما إذا كان يجوز وجود الرواية بهذا الأمر ضمن القائمة الطويلة، وسرعان ما لاحت في الأفق بوادر أزمة عاصفة أطرافها ثلاثة: الكاتب الكويتي نفسه الذي التزم الصمت ولم يصدر عنه أي بيان رسمي تعليقًا على إثارة المسألة؛ لكن وفي الوقت ذاته، فإن الروائي طالب الرفاعي قد أدلى بحوار صحفي نشر في موقع "الأهرام" العربي، قبل ثلاثة أيام، بتاريخ 15 يناير، جاء فيه على لسانه وردًا على سؤال وجهه له المحاور الزميل السيد حسين حول ترشيح روايته «في الهنا» من قبل الناشر الكويتي دار بلاتينيوم، بينما لها ناشر آخر هو دار الشروق المصرية؟ فجاءت إجابة طالب الرفاعي نصًا:
"كنتُ تقدمت بالرواية للناشر المصري دار الشروق، وهو الناشر العربي الذي أتعامل معه، وسبق وصدر لي ثلاثة كتب عنه، وفعلاً قام الناشر بصفِّ مادة الرواية وإخراجها، وبعثتُ له لوحة الغلاف للفنان الصديق عادل السيوي، وأرسل لي بروفة أولى للرواية ووافقت عليها، وقمت بالإعلان عنها على صفحتي في الإنستغرام والفيس بوك، بل وأرسلت نسخة الرواية (بي دي أف-PDF) لبعض الأصدقاء أبشرهم بقرب صدور الرواية. وجاءت فترة انتظار لتوقيع العقد وصدور الرواية، لكن هذه الفترة طالت وطالت، وكان رد الدار بأن انعكاسات الظرف السياسي على الساحة المصرية شملت كل نواحي الحياة بما في ذلك سوق النشر، ولأن فترة الانتظار تعدت الاحتمال، تركت دار الشروق وانتقلت لناشر كويتي هو بلاتينيوم بوك، ووقَّعت عقدًا معه لطباعة ونشر الرواية وهذا ما حصل، ونزلت الرواية بطبعتها الأولى، وكذلك الثانية عن دار بلاتينيوم، ولمزيد من توضيح الأمر، فإن إدارة الجائزة وحرصًا منها على توخي الدقة والحقيقة وتطبيق لوائح الجائزة قامت بمراسلة دار بلاتينيوم ودار الشروق للوقوف على طبيعة الوضع، وتأكد لديها بالمراسلات الموثقة عدم توقيعي لأي عقد حتى اللحظة مع دار الشروق، وأن الناشر الوحيد والمعتمد للرواية هو دار بلاتينيوم، مما مهد لاعتماد الترشيح، وأن تأخذ الرواية طريقها داخل الجائزة كباقي الروايات العربية".
الطرف الثاني في هذه الأزمة هو أمانة جائزة البوكر التي لم يتأخر ردها كثيرًا، إذ صدر بيان رسمي عن أمانة الجائزة قبل قليل، جاء فيه "بخصوص القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2016، تقرر عدم السماح لرواية طالب الرفاعي «في الهُنا» الانتقال إلى المرحلة اللاحقة من الجائزة، التي تفرز اللائحة القصيرة، بعد أن تبين أن الرواية قد صدرت في طبعتها الأولى خارج الفترة المسموح بها للترشيح ما بين يوليو/تموز 2014 ويونيو/حزيران 2015.".
وأضاف بيان البوكر "تقبل الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشحة لها على اعتبار أنها تلتزم بشروط الترشح المعلنة، وبما أنه اتضح أن الرواية أعلاه لم تنضبط بشرط مهم من شروط الترشح، فإن الجائزة العالمية للرواية العربية تأسف لاضطرارها اتخاذ هذا القرار الذي تهدف منه الحفاظ على سمعة الجائزة ومصداقيتها في الساحة الأدبية".
هكذا، ومن جانبها، حسمت أمانة الجائزة العالمية للرواية العربية، بوكر، الموقف، بشفافية ووضوح وحسم يحسب لها، وباستبعادها للرواية بعد أن تأكد لها مخالفتها أحد شروط الترشح لها، فـ"الحفاظ على سمعة الجائزة ومصداقيتها في الساحة الأدبية" أهم بالتأكيد من الرواية المستبعدة.
وأما الطرف الثالث الذي تم الزج به فهو دار النشر المصرية الشهيرة الشروق، التي اتهمتها دار النشر الكويتية بلاتينيوم بأنها أصدرت طبعة مزورة من الرواية، وأنها بصدد مقاضاتها ونشرت هذا على صفحتها الرسمية فيسبوك وحسابها الرسمي على "تويتر"! ورد الفعل العنيف هذا استدعى بدوره مجموعة من ردود الأفعال، من قبل قراء ومتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، من أهمها التساؤل حول هل أدركت دار النشر الكويتية فجأة وجود نسخة مزورة من الرواية يتم تداولها في الأسواق المصرية قبل أكثر من عام، وأنها اكتشفت الأمر الآن فقط؟! ومن ثم قررت مقاضاة دار الشروق؟! هذا الأمر أثار سخرية العديد من رواد الفيسبوك وتويتير، خاصة أنه من الصعب جدًّا، وربما يكون من المستبعد تمامًا أن تقوم دار نشر مثل الشروق لها اسمها وتاريخها ومكانتها بين دور النشر العربية بنشر كتاب مزور لكاتب عربي أو أيًّا من كان، كذلك ألمح رواد التواصل الاجتماعي أنه حتى مع فرض أن الشروق طبعت الرواية دون وجود اتفاق مكتوب أو عقد معلن، بحسب ما اتهمتها به بلاتينيوم بوك الكويتية، فإنها من المستحيل أن تطبع رواية لكاتب معروف دون أن يكون قد أذن لها بذلك وسمح به، بل رحب أيضًا بصدور هذه الطبعة عن الشروق المصرية.
إلى هنا فإن الأزمة تكاد تكون انتهت بعد استبعاد الرواية من القائمة الطويلة، إلا إذا جدَّ ما يجعل الأمور تنحرف بمسارها بشكل حاد أو تأخذ أبعادًا تصعيدية أخرى.. الأيام المقبلة وحدها هي التي ستكشف ذلك.