4 أعوام من حكم هيثم بن طارق.. إنجازات واعدة في مسيرة النهضة المتجددة
تحل، اليوم الخميس، الذكرى الرابعة لتولي سلطان عمان، هيثم بن طارق، مقاليد الحكم، في وقت تشهد فيه البلاد إنجازات ترسم مستقبلا زاهرا لعُمان.
إنجازات في مختلف المجالات تأتي في إطار الرؤية المستقبلية ”عُمان 2040″، التي تتضمن قواعد وأسسا لنهضة عمان المتجددة التي وضع أبرز ملامحها السلطان هيثم بن طارق عقب توليه الحكم في مثل هذا اليوم 11 يناير/كانون الثاني عام 2020، خلفا للسلطان الراحل قابوس بن سعيد.
وفيما يعد السلطان قابوس مؤسس نهضة عمان الحديثة، فإن خلفه هيثم بن طارق أسس عقب توليه الحكم مرحلة أخرى من نهضة عُمان المتجددة.
وتحل الذكرى بعد يومين من ترأس السلطان هيثم بن طارق اجتماع مجلس الوزراء، أشـاد خلاله بمـا تحقق خلال الـعام الماضي 2023م من إنجازات، وعبّر عن ارتياحه للتحسن المستمر الذي شهدته مؤشرات الأداء المـالي والاقتصـادي والاجتمـاعي، مؤكداً أهميـة قيـام الـجـهـات الحكومية كافة بمواصلة الجهود المبذولة في هذا الشأن.
وأكد أهمية قيام مختلف الجهات بالعمل على الارتقاء بتقييمها لكافة المؤشرات خلال العام الجاري 2024، والوقوف علـى مـواطن القوة والضعف لتحديد أفضـل السـبل لمعالجة التحديات التي تواجهها.
أيضا تتزامن الذكرى مع بدء تطبيق قانون الحماية الاجتماعية الصادر في يوليو/تموز الماضي والذي يعد نظاما شاملا ومتكاملا يرتقي بجودة الحياة ويحقق فوائد شتى للمجتمع بما يتماشى مع رؤية عمان 2040، والذي دخل حيز التنفيذ يناير/كانون الثاني الجاري.
ويحتفي العمانيون بهذه المناسبة وقلوبهم تفيض بمشاعر الحب والامتنان والتقدير لسلطان البلاد، وهم يلامسون ويشهدون الإنجازات التنموية التي تحققها بلادهم على مختلف الأصعدة.
وبتلك المناسبة، أصدر السُّلطان هيثم بن طارق عفوا خاصّا عن مجموعة من نُزلاء السجن المُدانين في قضايا مختلفة.
وذكر مصدر مسؤول بشرطة عُمان السُّلطانية أنّ الذين حصلوا على العفو السّامي بلغ عددهم (207) نزلاء من مواطنين وأجانب.
إنجازات واعدة
تحتفل سلطنة عُمان بذكرى تولِّي السُّلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في وقت تمضي فيه مسيرة سلطنة عُمان ونهضتها المتجددة بقيادته إلى آفاق واعدة.
وشهد الاقتصاد العُماني منذ تولي السُّلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم وحتى الآن، نموًّا ملحوظًا في شتى المجالات الاقتصادية وتم تحقيق فوائض مالية في الميزانية العامة للدولة؛ ما أسهم في توجيه الإيرادات المالية الإضافية إلى تعزيز الإنفاق الاجتماعي وتحفيز النمو الاقتصادي وإدارة المحفظة الإقراضية وخفض الدين العام وتنمية المحافظات.
وتمضي عمان قدما لتنفيذ الرؤية المستقبلية ”عُمان 2040″، التي انطلقت بداية من يناير/كانون الثاني 2021، وستنفذ على مدى 4 خطط تنموية متتالية استهلتها السلطنة بانطلاق خطّة التّنمية الخمسيّة العاشرة (2021 ـ2025)، والتي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان.
وأسهمت الإجراءات والسياسات المالية التي اتخذتها الحكومة كضبط الإنفاق العام وتحسين الإيرادات غير النفطية في تحسن إيجابي للأداء المالي للدولة خلال السنوات الثلاث الأولى من خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021 - 2025) ورفع التصنيف الائتماني والنظرة المستقبلية لسلطنة عُمان من قِبل الوكالات الدولية للتصنيف الائتماني واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وأشارت النتائج الأولية للأداء المالي لسلطنة عُمان لعام 2023 إلى تحقيق فائض مالي بنحو (931) مليون ريال عُماني مقارنة بالعجز المقدّر في الميزانية العامة للدّولة بنحو مليار و(300) مليون ريال عُماني، كما ارتفعت الإيراداتُ العامّة للدولة في عام 2023 إلى 12 مليارًا و213 مليون ريال عُماني أي بزيادة بلغت نحو مليارين و(163) مليون ريال عُماني مقارنة بما هو معتمد في ميزانية العام ذاته، فيما سجل الإنفاق العام 11 مليارًا و282 مليون ريال عُماني.
وتقدمت سلطنة عُمان 10 مراتب بحسب تقرير مؤشر الابتكار العالمي لعام 2023 الذي أصدرته المنظمة العالمية للملكية الفكرية، لتحصد المرتبة الـ 69 عالميًّا من بين 132 دولة التي قُيِّمت وفق 7 ركائز، حيث حققت سلطنة عُمان أعلى أداء لها في ركيزتي الرأسمال البشري والبحوث وركيزة البنية الأساسية.
وحلّت سلطنة عُمان في المرتبة الخامسة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي المرتبة الـ 50 دوليًّا في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي، متقدمة مرتبتين عن تصنيفها السابق في العام الماضي؛ وفقًا لتقرير مؤسسة "أكسفورد إنسايتس" لعام 2023.
وشهدت البلاد إصدار تشريعات جديدة لمواكبة التطورات التي تشهدها البلاد في مختلف مناحي الحياة.
كان من أبرز تلك التشريعات إصدار قانون الحماية الاجتماعية في يوليو/تموز الماضي والذي يعد نظاما شاملا ومتكاملا يرتقي بجودة الحياة ويحقق فوائد شتى للمجتمع بما يتماشى مع رؤية عمان 2040، وصدور قانون التعليم المدرسي في مايو/أيار الماضي الذي يرسّخ سُموّ ورقيّ مهنة التعليم ووجوب الإسهام في حفظ مكانة المعلّم وتعزيزها ودوره الفاعل في تنشئة أجيال هذا الوطن.
ويدخل قانون الحماية الاجتماعية حيز التنفيذ الشهر الجاري، وبموجبه سيتمُّ البدء بتقديم منافع الحماية الاجتماعية التي يستفيد منها مليون و467 ألف مواطن، منهم 167 ألف مواطن ضمن فئة منفعة كبار السن، فيما يبلغ عدد المستفيدين من منفعة الطفولة مليونًا و300 ألف طفل، كما يوفر برنامج الحماية الاجتماعية أيضًا دعمًا ماليًّا شهريًّا للأشخاص ذوي الإعاقة في سلطنة عُمان ممن تتطلب حالاتهم الرعاية والدعم بقيمة 130 ريالًا عُمانيًّا شهريًّا للتغلب على تحديات الإعاقة، سواء كانت أسباب الإعاقة منذ الولادة أو نتيجة لعارض.
على صعيد ملف الإسكان، عملت حكومة سلطنة عُمان باهتمام لتسهيل الحصول على السكن الملائم للمواطنين وذلك من خلال عدد من المبادرات أبرزها إطلاق برنامج “إسكان” عبر توفير محفظة إقراضية بقيمة 1.9 مليار ريال عُماني على مدى السنوات الخمس القادمة؛ بهدف الإسراع في توفير التمويلات لمقدِّمي الطلبات المُدرَجين في قائمة الانتظار بالبنك ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني ويسعى في مرحلته الأولى إلى تمويل أكثر من 60 ألف أسرة خلال السنوات الخمس القادمة.
مسيرة حافلة
وتولى هيثم بن طارق بن تيمور آل بوسعيد، في 11 يناير/كانون الثاني 2020، مقاليد الحكم سلطانا لعمان خلفًا لابن عمه السلطان قابوس بن سعيد، الذي وافته المنية.
ومنذ توليه الحكم، وضع السلطان هيثم بن طارق أسسا وقواعد للحفاظ على المنجزات التي حققتها النهضة العمانية خلال العقود الخمسة الماضية، والبناء عليها، وصون مكتسبات النهضة لقيادة بلاده لتحقيق المزيد من التقدم والازدهار واستكمال بناء الدولة الحديثة وتسريع وتيرة الإنجازات.
ففي العام الأول من حكمه أصدر سلسلة مراسيم لإعادة هيكلة مفاصل الدولة وتسريع وتيرة الإنجازات، كان من أبرزها إصداره في أغسطس/آب 2020، 28 مرسوما، أعاد بموجبها هيكلة الكثير من مفاصل الدولة، حيث تضمنت إلغاء قوانين وإعادة هيكلة بعض الوزارات واستحداث أخرى وتغيير مسميات بعضها، ضمن مسارات واضحة، لتحسين الأداء وزيادة الإنتاج، وخفض الإنفاق، والقضاء على البيروقراطية.
كما تضمنت خطة الهيكلة ضخ دماء جديدة في الجهاز الإداري للدولة وتمكين الشباب لتولي المناصب القيادية والمشاركة في صنع القرار.
وشهد مستهل العام الثاني من حكم السلطان هيثم بن طارق مرسومين تاريخيين أصدرهما في 11 يناير/كانون الثاني 2021 في الذكرى الأولى لاعتلائه العرش، يتعلقان بالنظام الأساسي للدولة، والآخر بالسلطة التشريعية.
مرسومان تم بموجبهما وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، واستحدث منصب ولي العهد لأول مرة في تاريخ البلاد.
وفي العام الثالث من حكمه، توالت القرارات لتعزيز مسيرة النهضة المتجددة، فجاء قرار إعادة هيكلة مجلس الوزراء في 16 يونيو/حزيران 2022 ليؤكد حرصه على متابعة الجهود المبذولة في تجويد الأداء الحكومي لوحدات الجهاز الإداري للدولة تحقيقا لرؤية عُمان 2040.
كما تم إنشاء مجلس أعلى للقضاء برئاسته تكريسًا لنظام قضائي ناجز وتحقيق أرفع المعايير في العدالة والنزاهة والشفافية وتماشيًا مع أهداف وركائز رؤية عُمان 2040 وتوحيد جهات التقاضي والادعاء العام في منظومة قضائية واحدة.
وشهد العام الرابع من حكمه أول انتخابات برلمانية في عهده جرت في أكتوبر الماضي.
وألقى السلطان هيثم بن طارق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي خطابا خلال افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان، المكون من مَجْلِسِ الدَّوْلَةِ (المعين)، ومجلسِ الشُّورى (المنتخب)، أبرز خلاله "ما تَحَقَّقَ خلالَ الأعوامِ الأربعةِ الماضيةِ من إنجازاتٍ متواصلةٍ في مسارِ التنميةِ الشاملةِ"، ورسم خلاله خارطة طريق لتعظيم الإنجازات القائمة في مختلف المجالات في إطار "رؤية عُمان 2040".
وبين في خطابه أن البلاد "تَمَكَّنَتْ من تحقيقِ نتائجَ طيبةٍ، وإنجازاتٍ مهمةٍ، على الصعيدِ الاجتماعيِّ والاقتصاديِّ والأداءِ الماليِّ بالرغمِ من التحدياتِ التي واجهها الاقتصادُ العالميُّ".
وأكد العزم "على الاستمرارِ في بذل المزيدِ من الجُهُودِ لتنويعِ مصادرِ الدَّخْلِ الوطني، من خلالِ زيادةِ الإيراداتِ غيرِ النفطيةِ؛ لضمانِ استدامةِ الماليةِ العامةِ للدولة".
وقال: "لنْ نَتَوَانَى عن بذلِ كلِّ ما هو متاحٌ لتحقيقِ ما رسمْناهُ من أهدافِ وتطلعاتِ رُؤيةِ عُمانَ 2040 .".
أيضا كان لافتا حرص السلطان هيثم بن طارق منذ توليه الحكم على الالتقاء بالمواطنين مباشرة ليطلع على احتياجاتهم ومتطلباتهم.
وجرى أول لقاء شعبي مباشر بين السلطان وشعبه منذ توليه مقاليد الحكم في منتصف سبتمبر/أيلول 2020، حيث التقى عددا من شيوخ ولايات محافظة ظفار جنوبي السلطنة، أعقبته لقاءات شعبية عديدة استمع فيها السلطان لأبناء شعبه، وأكد لهم أن الحكومة ماضية قدما في كل ما من شأنه الارتقاء بالمواطن في كافة ربوع الوطن، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي؛ لينعم بحياة أكثر هناء ورخاء.
السياسة الخارجية
على صعيد السياسة الخارجية، تقدم سلطنة عُمان بقيادة السُّلطان هيثم بن طارق نموذجًا عالميًّا يُحتذى، أساسه الاحترام المتبادل والمصالح والمنافع المشتركة وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول واحترام المواثيق والقوانين الدولية وإعلاء مبادئ السّلام والإنسانيّة والحوار والتسامح.
الأمر الذي جعلها محط ثقة وتقديرِ الوحدات والمنظمات الدولية للقيام بأدوار فاعلة وتحقيق الأمن والسِّلم والاستقرار في عدد من القضايا على المستويين الإقليمي والدولي، وأن نهج السلام والتعاون هو السبيل الأوحد والنموذج المثالي الأسلم للمنطقة والعالم.
وكان السلطان هيثم أكد عقب توليه الحكم أن السلطنة ستبقى كما عهدها العالم داعية ومساهمة في حل الخلافات بالطرق السلمية وباذلة الجهد لإيجاد حلول مرضية لها بروح من الوفاق والتفاهم، كما أنها ستواصل دورها كعضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة تحترم ميثاقها وتعمل مع الدول الأعضاء على تحقيق السلم والأمن الدوليين.
وعلى صعيد تعزيز العلاقات الثنائية مع دول المنطقة والعالم، قام السلطان هيثم بن طارق بإجراء مباحثات عدّة خلال العام الرابع من حكمه مع عدد من قادة الدول الشقيقة والصديقة منهم رؤساء الإمارات وأمريكا وروسيا وسوريا عبر الزيارات المتبادلة أو الاتصالات الهاتفية.
كما قام بزيارة عدد من الدول مثل دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية وإيران والهند وسنغافورة تناولت تعزيز مجالات التّعاون الثّنائي وتبادل وجهات النّظر حول عدد من القضايا الإقليميّة والدوليّة ذات الاهتمام المشترك.
أيضا ترأست سلطنة عُمان في العام الرابع من حكمه الدورة الـ43 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على مدار عام 2023، وقامت بجهود بارزة لتعزيز التضامن الخليجي.
على صعيد جهودها لحل أزمات المنطقة، تعمل سلطنة عُمان جاهدة في الوقت الراهن بمساعٍ مع شقيقاتها دول مجلس التعاون والدول العربية والإسلامية على وقف إطلاق النار في غزة .
وقدمت دول المجلس خلال اجتماعها الوزاري الخليجي بمسقط أكتوبر/تشرين الأول الماضي دعمًا فوريًّا بقيمة 100 مليون دولار أمريكي للمساعدات الإنسانية والإغاثية مع ضرورة تأمين إيصال هذه المساعدات إلى قطاع غزة بشكل عاجل.
وأسهمت سلطنة عُمان في حلحلة عدد من القضايا الإقليمية والدولية المعاصرة منها الأزمة اليمنية بالتعاون مع السعودية والأطراف اليمنية على بذل جهود بنّاءة للوصول إلى حل شامل ودائم يلبّي تطلعات أبناء الشعب اليمني الشقيق كافة.
وعلى الصعيد الإنساني، استجابت سلطنة عُمان للمساعي التي تمت مع إيران وبلجيكا، لتسهيل عملية استلام مواطنيْن نمساوييْن اثنيْن ومواطن دنماركي ونقلهم من طهران إلى مسقط ثم إلى بلدانهم يونيو/حزيران الماضي.
ويحتفي العمانيون بذكرى تولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في وقت تمضي فيه بلادهم قدما لتنفيذ الرؤية المستقبلية ”عُمان 2040″، وسط تفاؤل بمستقبل زاهر لبلادهم.