سعوديات يواجهن حظر القيادة وهروب الأزواج بـ"سواق المشوار"
المرأة السعودية لم يصرَّح لها حتى الآن بقيادة السيارة، لذلك تلجأ إلى "سواق المشوار" بدلاً من التاكسي، لأنَّه يكون محل ثقة أو معروفًا.
انتشر مصطلح "سواق المشوار" على عدد كبير من المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك"، و"تويتر"، حيث تبحث النساء من خلالها عن سائق ذي مواصفات خاصة. أولها أن يكون محل ثقة، ومجربًا، وأحيانًا يتم اشتراط جنسيته، ضمن شروطً أخرى.
وبرزت ظاهرة "سواق المشوار" نتيجة عدم التصريح للمرأة السعودية بقيادة السيارة حتى الآن، وتفضله المرأة على التاكسي، لأنَّه يكون معروفًا لديها من خلال تجريب إحدى الصديقات أو الزميلات لعمله ودرايته بطرق المدينة المراد العمل فيها.
الإعلامية السعودية أسماء المحمد لخصت لـ"بوابة العين" عقدة بحث النساء عن "سواق المشوار"، متهمة الأزواج بأنَّهم السبب وراء بحث المرأة عن هذا النوع من السائقين، حتى تستطيع الذهاب إلى عملها، وتعود إلى بيتها، أو أحيانًا يقوم أيضًا بتوصيل الأبناء والبنات إلى المدارس والجامعات، ولا بديل إلا قبول ارتفاع الأسعار، لكنها تشكو من استغلال السائقين حاجة المرأة لهم فيرفعون أسعارهم.
وعن رأيها في انتشار "سواق المشوار" بين النساء مؤخرًا، قالت: "الحاجة أم الاختراع، فماذا تفعل المرأة العاملة إذا لم تجد من يوصلها إلى عملها، أو قضاء بعض لوازمها، وهي لا تملك ما تستقدم به سائقًا دائمًا معها، وفي المقابل، هناك من يملك سيارة، ولا يعرف كيف يستثمرها، فبدلاً من وضعها أمام باب بيته، يقوم بالإعلان عن نفسه من خلال لصق بعض الملصقات على أبواب المولات، وفي الشوارع، وينتظر حتى تأتيه الفرصة الشريفة التي يتكسَّب منها؛ لكنه أيضًا يبقى مصدر خطر، أخطر بكثير من مشاكل الليموزين".
واقترحت المحمد تنظيم هذا العمل، ما دام أصبح ضرورة اجتماعية، بأن تكون هناك شركات منظمة لهذا العمل؛ بدلاً من تعرض المرأة لمخاطر هي في غنى عنها، وذلك على غرار تاكسي لندن المنتشر في شوارع الرياض مثلاً.
وأشارت مديرة قسم البرامج الطبية والعلوم الصحية في الملحقية الثقافية بسفارة خادم الحرمين الشريفين في واشنطن، الدكتورة سمر السقاف، إلى أنَّ "سواق المشوار" وسيلة تنقل معروفة في العالم كله، لكنها منظمة من خلال شركات تعمل على تنظيمها، والإبلاغ عن بيانات السائقين، وخطوط سيرهم، وبمجرد الاتصال بالشركة القائمة على المشروع من خلال رقم موحد، وتحديد الجهة المرادة، يتم الاتصال بالسائق الأقرب، وفي غضون 5 دقائق يكون السائق حاضرًا في المكان والزمان المتفق عليه، ولكل جهة سعرها المحدد سلفًا من خلال الاتصال، حتى لا يحدث الاستغلال الذي يتبعه البعض.
وعن حاجة المرأة السعودية لـ"سائق المشوار"، أكَّدت السقاف أنَّ المرأة السعودية حتى الآن لا تشعر بالنعمة التي هي فيها، فأنا أقود سيارتي في واشنطن مضطرة، لعدم توفر السائق الذي يوفر عليَّ تعب السير وصعوبته، أما السيدات في السعودية، فلأنهن مجبرات على السائق الخاص، فليس أمامهن إلا هذه الحيلة التي ظهرت مؤخرًا، وهي "سائق المشوار"، لكن إذا وجد البديل، فمن المؤكد أنه أفضل.
نداء أشبه بالاستغاثة
من على أحد المنتديات رصدت "بوابة العين" نداءً أشبه بنداء الاستغاثة، وأطلقت من أسمت نفسها "غاية لا تدرك" نداءً تقول فيه "بنات، الله يرضى عليكم، أبغى سواق في جدة يوصلني فقط مشوار دوامي، ضروووووري، الله يسعدكم، اللي تقول لي تكون فكت أزمة، وفرجت عليا، وتكون لها دعوة، واللي ما تعرف ترفع الموضوع، بليييز".
وترد من أطلقت على نفسها اسم "وردة الحزينة" على النداء، لتقول أيضًا على صفحة المنتدى نفسها "عندي سواقي الخاص، هندي مسلم، وسيارته فان فورد جديدة، ومكيفة، أنا أؤجره، لأني ما أحتاجه، حياكم الله، لو تبون".
وتتحول فكرة "سواق المشوار" إلى مشروع تتم المناقشة حوله على عدد آخر من المنتديات، إذ تتساءل إحداهن: "ما أفضل جنسية للسواق، وما أفضل السيارات التي تتحمل المشاوير"، وتطلب من صديقاتها المشورة عليها للبدء في هذا المشروع.
ويعلق الكابتن ماهر اللقمان، البطل السعودي العالمي للقوة الخارقة، على انتشار "سواق المشوار" في شوارع مدن المملكة بقوله: "لا يقوم الرجال بأدوارهم المنوطة منهم، فحين تطلب الزوجة من زوجها توصيلها إلى عملها، يشعرها أنه سيصعد بها إلى القمر، ويتعلل بالأعذار الواهية، مما يدفعها دفعًا إلى البحث عن وسيلة بديلة، وتكون من ضمن الوسائل المتاحة "سواق المشوار"، لكن في المقابل هناك مستغلون لحاجة المرأة إلى الذهاب إلى عملها، فيطلب في المشوار الواحد 50 ريالاً أو 40 مثلاً في مشوار لا يتعدى ثمنه الـ10 ريالات مثلاً، وهذا لا يسمى إلا استغلال صريح، وجشع لا يمكن السكوت عليه.
دفاع
يدافع عن نفسه من اتهامه بالاستغلال السائق الذي رفض الكشف عن اسمه، لأنه يعمل موظفًا، في الصباح، وبعدما ينتهي من عمله، يعمل كـ"سائق مشوار"، مؤكدا أن العمل ليس عيبًا، فيقول إن المشكلة تكمن فيمن يتجاوز الحدود، فهو يتقي الله في عمله، ولا تركب معه في السيارة إلا من تعرفه جيدًا، ويعرف زوجها، بل ويتعرف عليه، ليتأكد من أخلاقه وأخلاق المرأة التي تركب معه السيارة، وحتى زوجته أيضًا في كثير من الأحيان تكون معه خلال عمله، وبعضهن يشترطن ذلك.
ويقر بأن هذه المهنة قد يدخل فيها معدومو الضمير الذين يستغلون حاجة المرأة العاملة خصوصًا، ليقوم باستغلالها أسوأ استغلال، من رفع قيمة المشوار إلى ثلاثة أضعاف، والمرأة لا يهمها إلا أن تذهب إلى مشوارها في موعدها، وتأمن على نفسها معه، والبعض يتجاوز حده أكثر من ذلك، ويتنصت على مكالمات المرأة التي تركب معه، ويعرف تفاصيل عن حياتها، لا ينبغي له أن يعرفها، ويعرضها لمشاكل كثيرة، والبعض أيضًا يتخذ من هذا العمل وسيلة للتعرف على الفتيات والسيدات، ومحاولة الإيقاع بهن في علاقات مشبوهة.
موقف طريف
تمر بالكثيرات العديد من المواقف الطريفة خلال رحلاتهن مع "سواق المشوار"، فتروي سارة، أنها كانت كلما تطلب من زوجها القيام بتوصيلها إلى أي مكان، كان يرفض ويتعذر بالعمل، وحين غضبت طلبت منه أن يمدها بأحد سائقي المشوار الموثوق فيهم، وبالفعل قام الزوج بإعطائها رقم هاتف، مدعيا أن الرقم لـ "سواق مشوار"، وحين قامت بالاتصال بالرقم، واتفقا على "المشوار"، تفاجأت أن من يرد عليها زوجها، وهو يضحك كثيرًا، وهو يقول لها "تحت أمرك، أنا من سيقوم بتوصيلك إلى أي مكان يا حبيبتي".
aXA6IDE4LjExOS4xNTkuMTk2IA== جزيرة ام اند امز