مصر تحاكم 8 مسؤولين عن كسر وتشويه ذقن قناع توت عنخ آمون
ذقن قناع الملك توت عنخ آمون التي كسرت في 2014، تلاحق مجموعة من العاملين في المتحف المصري وتدفع إلى إحالتهم المحاكمة التأديبية.
ها هي ذقن قناع الملك توت عنخ آمون التي كسرت وشوهت في عام 2014، تلاحق مجموعة من العاملين في المتحف المصري وتدفع إلى إحالتهم المحاكمة التأديبية العاجل، دقن القناع التي سقطت عنه العام الماضي أثناء عمليات جرد بالمتحف، تم إعادة لصقها بمادة "الإيبوكسي" الذي يُعد خطأً فادحًا في الترميم، واستخدمت أدوات حادة في محاولة إصلاحه، مما تسبب في إحداث خدوش بذقن القناع الأصلية.
وعلى الرغم من أن ذقن وجه الملك كانت في الأصل مفصولة عن القناع المصنوع من الذهب، عند اكتشافها في مقبرة الملك في عشرينيات القرن الماضي، لكن تم تركيبها وترميم التمثال بالطرق الصحيحة.
وكان المستشار سامح كمال، رئيس هيئة النيابة الإدارية في مصر قد أمر، السبت، بإحالة 8 متهمين من العاملين بالمتحف المصري، للمحاكمة التأديبية العاجلة، وذلك إزاء ما كشفت عنه التحقيقات من إهمال جسيم وانتهاك صارخ للأصول والقواعد العلمية والمهنية للتعامل مع قناع الملك وإتلافه.
وقال المستشار محمد سمير المتحدث الرسمي لهيئة النيابة الإدارية -في بيان له- إن قائمة المحالين للمحاكمة التأديبية، ضمت اثنين من المرممين بالمتحف، و4 من كبار أخصائي الترميم، ومدير الترميم السابق، والمدير العام السابق للمتحف.
وكشفت التحقيقات أن المتهمين تعاملوا بإهمال بالغ مع قطعة أثرية يربو عمرها على 3 آلاف عام أنتجتها حضارة موغلة في القدم كإحدى أقدم الحضارات التي عرفتها البشرية قاطبة، بأسلوب إن دل فإنما يدل على مدى الاستهتار الذي بلغ منتهاه من أولئك المتهمين.
وذكرت النيابة الإدارية أن الأمر وصل إلى أنهم، وفي سبيل التستر على ما قاموا به ابتداءً من رفع القناع بشكل خاطئ وانفصال الذقن المستعارة عنه، قاموا بالتعامل مع القناع أكثر من 4 مرات، سواء داخل قاعة العرض مرتين يوم 12 أغسطس 2014 وداخل معمل الترميم يومي 30 أكتوبر و2 نوفمبر 2014 بأسلوب لا يمت للعلم بصلة، وباستخدام غير مقنن لمادة لاصقة دون إجراء الدراسة العلمية اللازمة، ترتب عليها وجود فاصل وآثار لاستخدامها على القناع.
وأضافت التحقيقات أن المتهمين لم يكتفوا بذلك، بل زادوه بالإمعان في محاولة ستر ذلك التلف الذي تسببوا فيه، فقاموا باستخدام أدوات حادة (مشارط وأدوات معدنية) لإزالة آثار المادة اللاصقة عن القناع فأحدثوا تلك التلفيات والخدوش التي ما زالت آثارها على القناع حتى الآن.
وأشارت النيابة الإدارية إلى أن المتهمين الأول والثاني قاما برفع قناع الملك توت عنخ آمون بطريقة غير صحيحة وغير مهنية يوم 12 أغسطس 2014 بقاعة عرض القناع بالمتحف المصري، بالمخالفة للأصول الفنية كافة المعمول بها، مما ترتب عليه انفصال الذقن المستعارة عن القناع .. في حين حاول المتهمان الثالث والرابع إعادة تركيب الذقن المستعارة بالقناع دون اتباع للقواعد الصارمة المعمول بها في هذا الشأن، التي توجب نقل القناع إلى المكان المعد للترميم بالمتحف، وعمل دراسة مسبقة لتحديد المواد المستخدمة في عملية الترميم (كمًّا ونوعًا) وتحديد وضع القناع وقت الترميم، وهو ما أدى إلى فشل محاولة الترميم وإحداث أضرار بالقناع.
وذكرت التحقيقات أن المتهمين من الأول حتى الخامس قاموا بترميم قناع الملك توت عنخ آمون من دون اتباع الإجراءات الواجب اتباعها والأصول المعمول بها في عملية الترميم، مما ترتب عليه الاستخدام المسرف لمادة (إيبوكسي) اللاصقة أثناء الترميم، مما ألحق ضررًا بالقناع .. كما قام المتهمون الأول والثاني والثالث والسابع بمحاولات لتنظيف الذقن الأصلية لقناع الملك توت عنخ أمون، سترًا لواقعة الاستخدام المفرط للمادة اللاصقة بطريقة غير صحيحة وغير مهنية، وباستخدام أدوات حادة تسببت في إحداث خدوش بذقن القناع الأصلية.
وأضافت التحقيقات أن المتهمين الأول والثالث والرابع والسادس قاموا بإعادة الكرة، باستخدام أدوات حادة في تنظيف ومحاولة إزالة آثار مادة الإيبوكسي عن ذقن القناع، فتسبب ذلك في إحداث مزيد من الخدوش بذقن القناع الأصلية .. فيما أهملت المتهمة السابعة الإشراف على أعمال المتهمين المذكورين مما ترتب عليه اقترافهم للمخالفات الثابتة قبلهم، كما أنها لم تتخذ الإجراءات اللازمة حيال توثيق حالة قناع الملك توت عنخ آمون قبل وأثناء وبعد أعمال الترميم بعدم إجراء تصوير فوتوغرافي للقناع ووصف حالته وإعداد تقرير علمي بالتفاصيل كافة الخاصة بأعمال الترميم، وذلك بالمخالفة للأصول المهنية كافة المعمول بها.
وأوضحت التحقيقات أن المتهم الثامن لم يقم بإبلاغ قياداته بما لحق بقناع الملك توت عنخ آمون من تشوهات لحقت به من جراء الاستخدام غير المهني للمادة اللاصقة ومحاولات إزالتها بشكل لا يتفق وأبسط القواعد المعمول بها، ولم يتخذ الإجراءات اللازمة المعمول بها حيال محاولة تنظيف ذقن قناع الملك توت عنخ آمون والتأكد من سلامة تلك الأعمال، وهو ما ترتب عليه قيام فريق الترميم المختص بمحاولة تنظيف الذقن الأصلية للقناع باستخدام أدوات حادة ألقت ضررًا بالقناع تمثل في خدوش متعددة بذقن القناع.
وقدمت اللجنة الفنية تقريرها المتضمن أن بداية الواقعة كانت حدوث عطل بالدائرة الكهربائية بواجهة العرض المخصصة لقناع الملك توت عنخ آمون بالمتحف المصري، فتم حينها تشكيل لجنة لهذا الغرض لضرورة رفع القناع قبل الشروع في إصلاح الدائرة الكهربائية، وبعد رفع القناع وعمل الإصلاحات اللازمة بالدائرة الكهربائية للواجهة، وأثناء إعادة القناع إلى مكانه بداخلها، قام المرممون بحمله بشكل خاطئ وغير مهني لا يتفق مع الأصول المعمول بها بحمله، بجعل وجه القناع مقابل لوجه من يحمله بخلاف المتعارف عليه علميًّا وفنيًّا، بضرورة رفع القناع من الخلف بحيث يتم تجنب احتكاك المناطق البارزة بالقناع، وهو ما ترتب عليه انفصال الذقن المستعار عن القناع.
وأشارت اللجنة إلى أن الجذور التاريخية لتلك الذقن التي تم اكتشافها مع القناع تعود إلى أنها لم تكن مثبتة به، غير أنه تلاحظ آنذاك وجود أنبوب أسطواني من الذهب الخالص مثبت في الذقن الأصلية للقناع وله مكان فارغ داخل الذقن المستعار يتم تركيبه فيها لتصبح جزءًا من القناع، وهو ما دعا إلى تركيبها بجسم القناع عام 1942 واستمرت مرتبطة بالقناع حتى تاريخه.
وأكدت التحقيقات أن أعضاء اللجنة من المرممين بدلًا من أن يتبعوا الإجراءات الواجبة لإصلاح وإعادة تركيب الذقن المستعار، قاموا بمحاولة إعادة تركيب الذقن المستعار باستخدام مادة لاصقة تحمل نسبًا خفيفة من عناصر الترابط والتماسك، وحال وجود القناع بقاعة العرض وليس بمكان مجهز للتعامل مع مثل ذلك الأثر (معمل الترميم) ودون عمل أي دراسة علمية دقيقة حول المواد المستخدمة نوعًا وكما بعد التعرف على المواد المصنوع منها الأثر.
وأشارت التحقيقات إلى أن المرممين قاموا بمحاولة اللصق في وضع خاطئ، وهو الوضع الرأسي بدلًا من الوضع الأفقي، مما جعل المحاولات تبوء بالفشل نتيجة ثقل الذقن المستعار ومقاومة الجاذبية الأرضية للمادة اللاصقة، وذلك بالمخالفة لأبسط القواعد العلمية والمنطقية.
وأضافت التحقيقات أن المتهمين قاموا في اليوم نفسه 12 أغسطس 2014 بنقل القناع إلى معمل الترميم في محاولة أخرى لإجراء عملية الترميم، وفي هذه المرة قاموا بالاستخدام المفرط للمادة اللاصقة (الإيبوكسي) مما أدى إلى وجود فاصل من تلك المادة بين القناع والذقن المستعار، فضلًا عن آثار للمادة اللاصقة على القناع نتيجة الإفراط في استخدامها، وهو ما مثل خطأً مهنيًّا جسيمًا أحدث تشوهات بجسم القناع.
وذكرت التحقيقات أن المتهمين لم يكتفوا بتلك الأخطاء، وإنما حاولوا ستر ما ارتكبوه من جرائم، يومي 30 أكتوبر و2 نوفمبر 2014 بمحاولة تنظيف القناع من آثار المادة اللاصقة التي ظهرت من جراء الترميم الخاطئ، مستخدمين في ذلك أدوات حادة، بالمخالفة للأصول والقواعد كافة المتعارف عليها.
وتضمن تقرير اللجنة الفنية المشكلة من النيابة الإدارية، أن تلك الإجراءات كافة تمت دون إبلاغ القيادات، وعلى رأسها الوزير ذاته، بالواقعة ودون عمل الإجراءات العملية المتمثلة في تسجيل حالة القناع قبل وبعد وأثناء عملية الترميم موثقاً بالصور.
aXA6IDE4LjExOS4xMzcuMTc1IA==
جزيرة ام اند امز