هؤلاء الذين لم يشاهدوا الثورة من مكاتبهم أو عبر شاشات التلفزيون؛ بل صنعوها بأيديهم وسجلت عيونهم مشاهدها
5 سنوات مرّت على 25 يناير 2011، يوم المصريين الأعظم في الألفية الثالثة، وعلى "الاعتصام الكبير" في ميدان التحرير خلال الثمانية عشر يوما، التي انتهت رسميا بإعلان مبارك تخليه عن الحكم. توحد الجميع على قلب رجل واحد من أجل إسقاط نظام فاسد أهان مصر وأبناءها لمدة 30 عاما، هؤلاء الذين لم يشاهدوا الثورة من مكاتبهم أو عبر شاشات التلفزيون؛ بل صنعوها بأيديهم وسجلت عيونهم مشاهدها.
في خلال هذه السنوات الخمس، لم يتوقف "طوفان" الكتب والإصدارات في مصر وخارجها لتتعرض بصورة أو بأخرى لهذا الحدث الكبير، صدر كثير من الكتب التي حاولت أن تقتنصَ من منظور أصحابها ما حدث خلال الثورة وما تلاها، عرضت لتفاصيل وأحداث ووقائع الثورة المصرية من زوايا نظر مختلفة، ذاتية وتسجيلية، موضوعية ومنهجية وتحليلية، فنية وأدبية، مقالات وخطب وبيانات، في مجالات شتى، يصعب حصرها.
كانت الموجة الأولى من هذه الكتب خلال الأشهر الستة الأولى التي أعقبت تنحي مبارك، الطابع العام لهذه الكتب هو تسجيل فورة المشاعر العارمة الملتهبة خلال 18 يوما، اتحدت فيها مشاعر الجماهير وغضبهم، انصهرت كلها في بؤرة واحدة، ميادين مصر الغاضبة، وفي القلب منها ميدان التحرير.
«الشعب يريد»
كتيب صغير لا يزيد عدد صفحاته على 120 صفحة عنوانه «الشعب يريد»، ربما كان أسبق هذه المحاولات جميعًا، إذ قام الناشر شريف بكر بتجميع كل الشعارات والهتافات والعبارات والنكات التي ترددت خلال الأيام الأولى من الثورة، وأصدرها في كتيبين صغيرين؛ «الشعب يريد»، و«هاش تاج». «الشعب يريد» كان عن هتافات وشعارات ونكت الثورة، صدرت طبعته الأولى في مارس 2011، كانت محاولة الغرض منها كما ذكر الناشر في مقدمة الكتاب: "أن أوثّق جانبًا آخر من الثورة؛ جانبًا مختلفًا، يُظهر وجهًا معروفًا عن الشعب المصري، وهو كيفية مواجهته لتلك المواقف بروحه المرحة وحبه للدعابة وللحياة حتى في أصعب المواقف".
في الأشهر الثلاثة الأولى من اندلاع الثورة، صدر كم هائل من الكتب التي سجلت يوميات الثورة ووقائعها من خلال مشاركات أصحابها في الاعتصام الكبير خلال الثمانية عشر يوماً.
«أيام الحرية في ميدان التحرير»
الكاتب الصحافي محمد الشماع، كان من أسبق هذه المحاولات، إذ قام الشماع بتسجيل مشاركته ورصده لهذه الأيام، كتابة اختلط فيها الذاتي بالتوثيقي التسجيلي، وضمّن كتابه صورا فوتوغرافية للمتظاهرين والثائرين خلال أحداث الثورة واعتصام ميدان التحرير، واهتم برصد وتوثيق مانشيتات الصحف والصفحات الأولى من الجرائد خلال تلك الفترة في ملحق بعنوان "صحف من زمن الثورة"، واختتم كتابه بملحق ثالث ضمنه "خطابات وبيانات الثورة" في أيامها الأولى.
«مائة خطوة من الثورة»
أما الكاتب والروائي أحمد زغلول الشيطي، من سكان محيط التحرير، فكان موجودا بصفة دائمة في الميدان، وقام بتسجيل وكتابة يومياته خلال تلك الفترة، وأصدرها بعنوان «مائة خطوة من الثورة.. يوميات ميدان التحرير»، الذي أهداه إلى شهداء الثورة.
«كان في مَرّة ثورة»
الكتاب هذا أصدره الكاتب الساخر والإعلامي محمد فتحي، وهو من الوجوه الشابة التي تحظى بجماهيرية وسط القراء الشباب، صدر عن دار "اكتب" في مارس 2011، أي خلال أقل من شهرين على تنحي مبارك، ووجه كتابه إلى "مصر اللي جاية، وولادي فيها، وليس برعاية كنتاكي".
الكتاب الثاني لفتحي عن أيام الثورة، صدر بعد بعد قرابة العام من كتابه الأول، بعنوان «في العضل 100 حقنة من سنة أولى ثورة»، وذكر في مقدمته "لا تقرأ هذا الكتاب إذا كنت من المواطنين الشرفاء، وبتوع آسفين يا ريس، وبتنزل ميدان العباسية تحب عمرو مصطفى وتوفيق عكاشة وتراهما مثلا أعلى لك".
«عيون رأت الثورة»
في مايو 2011، بادرت دار «دَوِّنْ للنشر والتوزيع» بإصدار كتاب يجمع شهادات 48 شخصية مصرية عامة، من كافة الأطياف والتيارت الفكرية والسياسية والثقافية والدينية؛ كتابا وأدباء وصحفيين وقضاة ومهندسين.. إلخ، وكلها شارك في الثورة واشترك فيها، وأدلوا بشهادتهم الآنية عن اللحظة الثورية للوطن والتاريخ، في هذا الكتاب: «عيون رأت الثورة». تصدر الكتاب، إهداء وجهه القائمون على جمعه إلى "هؤلاء الذين خرجوا وهم ينادون (سلمية.. سلمية)؛ فسقطوا شهداء واحداً تلو الآخر".
الكتاب رغم صغر حجمه، يقع في 240 صفحة من القطع الصغير، حشد كمًّا من الشهادات والأقوال لأسماء: أحمد فؤاد نجم، أسامة غريب، بهاء طاهر، إبراهيم عيسى، بلال فضل، جلال أمين، جورج إسحق، جميلة إسماعيل، صافي ناز كاظم، عبد الرحمن يوسف، عمار علي حسن، علاء الأسواني، نوارة نجم، يسري فودة.. وغيرهم، اجتمعوا كلهم في كتاب واحد ليقدموا رؤية عن الثورة المصرية وشهادات حية من قلبها.
«الثورة الآن»
من أبرز الكتب التي صدرت في هذا الإطار وتمثل أهمية خاصة، كتاب «الثورة الآن ـ يوميات من ميدان التحرير»، للكاتب الصحفي والروائي سعد القرش، وهو كتاب كبير نسبيا، يقع في 416 صفحة من القطع المتوسط، سجل فيه القرش يومًا بيوم وقائع ما جرى في التحرير بدءا من 25 يناير وحتى 11 فبراير، صدره بفصلين طويلين نسبيا "طرف من كتاب لم يتم"، وهو تسجيل وتوثيق لمواقف أبرز رجالات مبارك في السياسة والثقافة، من واقع مقالاتهم وشهاداتهم وتصريحاتهم في مناسبات مختلفة قبل الثورة، مقتطفات من المقالات التي كتبت قبل الثورة مباشرة دفاعا عن مبارك، وأخرى لنفس كاتبي المقالات الأولى يمجّدون فيها الثورة.
ثم "الطريق إلى الثورة اعتذار لكل مصري"، تناول فيها الفترة منذ اشتعال شرارة الثورة التونسية في 17 ديسمبر 2010 وحتى ما قبل الثورة المصرية، وخاتمة ضمت 4 مقالات طويلة كتبها القرش قبل ثورة 25 يناير.
«أنا اسمي ثورة»
وضمن هذا التيار من الكتب التي سجلت يوميات الثورة ووقائعها أيضا، كتاب منى البرنس «أنا اسمي ثورة»، طبعته على نفقتها الخاصة، وكتاب مؤمن المحمدي «سنة أولى ثورة»، عن دار نهضة مصر. وأدلى الكاتب والروائي إبراهيم عبد المجيد بدلوه، وسجل شهادته وانطباعاته عن الثورة ووقائعها، وتجمعات المثقفين في الميدان خلال الـ18 يوما في كتابه «أيام التحرير»، الذي صدرت طبعته الأولى عن دار أخبار اليوم.
في صيف 2011، أي بعد حوالي 5 أشهر من الحدث، أصدرت مجلة «الكرمل» الفصلية عددًا خاصًا عن الثورة، ضمنته محورا بعنوان "كلام الشهود"، ضم عددا من الشهادات التي كتبها مثقفون ومبدعون ورجال قانون عن الثورة، كان من أهمها شهادة الكاتب الروائي والبدلوماسي عز الدين شكري بعنوان "ثلاثية التحرير". كذلك أصدرت مجلة «الكتابة الأخرى» التي يصدرها الشاعر هشام قشطة بشكل مستقل وغير دوري، عددا كاملا يضم شهادات كتاب وشعراء ونقاد عن الثورة.
خلال العامين التاليين، توالى صدور الكتب التي سارت في ذات الطريق، تتحدث عن تجارب وشهادات أصحابها ويومياتهم عن الثورة، فكتب عمار علي حسن «عشت ما جرى.. شهادتي على ثورة 25 يناير»، وكتب مكاوي سعيد «عن ميدان التحرير وتجلياته» أو قرص الشمس الذي أشعل الثورة، كما أصدر كتابا آخر بعنوان «كراسة التحرير». وغيرها من الكتابات الأخرى التي صدر معظمها ضمن سلسلة (كتابات الثورة) عن هيئة قصور الثقافة خلال الفترة من 2012 وحتى 2013.
aXA6IDE4LjIyNC41Ni4xMjcg جزيرة ام اند امز