"تاريخ الكذب" لجاك دريدا باللغة العربية

المركز الثقافي العربي للنشر يصدر الترجمة العربية الأولى لكتاب "تاريخ الكذب" للفيلسوف الفرنسي جاك دريدا
صدر حديثًا عن المركز الثقافي العربي للنشر، النسخة العربية لكتاب "تاريخ الكذب"، للكاتب جاك دريدا، ترجمة وتقديم رشيد بازي، كما سيكون من العناوين المتاحة عن المركز في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
الكتاب عبارة عن دراسة كرسها الكاتب جاك دريدا لمفهوم الكذب، وهي صياغة مختصرة للدروس التي ألقاها في مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية بباريس، حيث تلقى الضوء على ضرورة التمييز بين تاريخ الكذب كمفهوم وتاريخه في حد ذاته، والذى يحيل على عوامل تاريخية وثقافية تساهم في بلورة الممارسات والأساليب والدوافع التي تتعلق بالكذب، والتي تختلف من حضارة إلى أخرى، بل وحتى داخل الحضارة الواحدة نفسها.
الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا ولد عام 1930 في حي البيار بمدينة الجزائر ومات عام 2004، كتب عنه حسام نايل في كتابه "مدخل إلى التفكيك"، إن "الكتابة لديه ليست امتدادًا خيطيًا، أو ترابطاً نصيًا أو صيغة نحوية، بل هي معارك داخل الكلمات والجمل، وفي فضاء النص ثمة حالات حروب وانتقام بين الكلمات، مما يتيح لها المجال للصراع، وكأن القلم هو محرك عرائس، ولكأن الكتابة لعبة وممارسة متناقضة أو متخالفة ومتداخلة، هذه هي حالة نص دريدا غير المكتمل دائمًا، وكتبه غير المنجزة أصلًا، ذلك أن وظيفة المطرقة التي يحملها أنها لا تكمل بقدر ما تضرب أو تحدث كوة، أو تكشف ثغرة، أو تثير الغبار".
إشكالية الكتابة التي طرحها دريدا تعرضت لنقد واسع من فلاسفة من أهمهم هانز جورج غادامير، ويورغن هابرماس، وبول ريكور، وفي مؤتمر للفلسفة عقد في كندا في منتصف السبعينات خاطب ريكور دريدا ناقدًا: "هناك علو في التركيز على إشكاليات الكتابة، مصدره أنك تتعرض لقضايا لا تعالجها كما ينبغي، في ميدانها العلمي الصحيح، من حيث كونها قضايا تتعلق بتحليل الخطاب، لقد وقفت عند الحدود السيميولوجية، ولم تقترب قط من التخوم السيمانطيقية". بينما ينتقد هابرماس تفكيكية جاك دريدا بسبب عدم توفر الأخير على شرط منطقي لغوي متفق عليه للتفاهم والتواصل، الذي يسمح بالحوار بين الأفراد، واعتبر تفكيكية دريدا مجرد شكل أيديولوجي مناوئ للعقلانية، ويدخل على خط تأييد نقد هابرماس الفيلسوف غادامير.
يقول نايل، إنه من الصعب أن تكتب عن فيلسوف تفكيكي من أجل إيضاح مشروعه، ذلك أن طريقة طرحه ليست للتوثيق أو الشرح أو الدراسة، ثمة فلسفات عظمتها في الأدوات لا النتائج، وقيمتها في الإحراج لا الإجابة، وذكاؤها في التشتيت لا الجمع، دريدا كان من طينة أولئك الفلاسفة الذين ينثرون النقائض، يكتب الهامش في المتن، بينما يخبئ المتن في الهامش، ومن جميل ما يعبر عن شغب تفكيكيته: "إن صورة الفكر هي التي توجه خلْق المفاهيم، فهي تشبه الصرخة، في حين أن المفاهيم غناء".