عراقيون يعودون للوطن يأسا من بطء إجراءات اللجوء في ألمانيا
30 ألف عراقي في ألمانيا يطلبون اللجوء، ليصبح العراق خامس أكثر بلد جاء منه لاجئون لألمانيا بعد سوريا وألبانيا وكوسوفو وأفغانستان.
أول ما يعتزم الشاب العراقي ليث خضير عباس (27 عاما) طالب اللجوء في ألمانيا فعله حين يعود لوطنه، الأربعاء، هو السجود وتقبيل ترابه.
قال عباس في مطار تيجيل في برلين، حيث كان يستعد مع نحو 50 شابا عراقيا مثله لركوب طائرة للخطوط الجوية العراقية، عائدا إلى إربيل في شمال البلاد: "فررت إلى ألمانيا لأبني مستقبلي. لكني أدركت أنه لا يمكنني بناؤه على وعود زائفة."
ويتزايد عدد اللاجئين العراقيين في ألمانيا الذين يختارون العودة لوطنهم، الذي تمزقه الحرب وكلهم يشعرون بخيبة الأمل من بطء إجراءات اللجوء في بلد استقبل 1.1 مليون طالب لجوء العام الماضي، لا يزال غالبيتهم يعيشون في ملاجئ.
وأضاف عباس وهو يلوح بذراعيه من فرط خيبة الأمل متذكرا الأوضاع السيئة في الملجأ في برلين حيث دورات مياه غير صحية والطعام بلا طعم: "أشعر بالحنين لوطني.. وبالإهانة."
تكلف عباس في الرحلة من مسقط رأسه بغداد إلى ألمانيا أربعة آلاف دولار، بينها أموال دفعها للمهربين الذين وضعوه في قارب من تركيا إلى اليونان، التي انطلق منها مع مئات من طالبي اللجوء في رحلة على مدى أسابيع إلى ألمانيا عبر البلقان والنمسا.
وتظهر بيانات وزارة الداخلية الألمانية أن عدد العراقيين الذين يختارون العودة لوطنهم بدأ في الزيادة في سبتمبر الماضي، حين غادر 61 منهم، ارتفاعا من نحو عشرة فقط في كل من الأشهر السبعة الأولى من 2015. وفي ديسمبر تجاوز عدد العراقيين العائدين للوطن المئتين.
ولا يزال في ألمانيا نحو 30 ألف عراقي طلبوا اللجوء إليها العام الماضي ليصبح العراق خامس أكثر بلد جاء منه لاجئون لألمانيا بعد سوريا وألبانيا وكوسوفو وأفغانستان.
لكن هذا التوجه الجديد للرحيل يسلط الضوء على الواقع الصعب لطالبي اللجوء الفارين من الصراعات في الشرق الأوسط، بعدما سافروا إلى ألمانيا يحلمون بمستقبل أفضل، ليجدوا أن البلد المستضيف المعروف بكفاءة جهازه البيروقراطي وثروته يواجه صعوبات في استيعاب عدد كبير من الوافدين.
وقالت أنديشة كريم، وهي ممثلة لمكتب الخطوط الجوية العراقية في مطار تيجيل: "من المؤسف رؤية هذا العدد الكبير من الشبان يعودون لمنطقة حرب"، وتسير الخطوط العراقية ثلاث رحلات كل أسبوع إلى العراق من برلين ودوسلدورف وفرانكفورت.
"أوروبا ليست لطيفة"
ويبدو أن أسباب العودة تتعلق بالظروف غير الملائمة في ألمانيا أكثر منها بتحسن الوضع على الأرض في العراق، حيث حققت القوات الحكومية تقدما في مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي.
ولم يسيطر التنظيم على إربيل- الواقعة في إقليم كردستان العراق- ولا على بغداد، ولم تشهد المدينتان صراعات عنيفة رغم وقوع تفجيرات متكررة في العاصمة.
وقال حسن، وهو عراقي كردي عمره 19 عاما: "أوروبا ليست لطيفة. لم يصدروا لي تصريح إقامة ولم يعطوني أموالا. سأعود إلى كردستان.. إلى العراق. يمكنني الانضمام لقوات البشمركة والقتال ضد داعش".
وكان غالبية الشبان الذين ينتظرون ركوب الطائرة في الرحلة التي تتكلف 280 دولارا وتستغرق خمس ساعات يسافرون إلى أربيل بوثائق سفر في اتجاه واحد صادرة عن السفارة العراقية في برلين.
وفقد الكثير منهم جوازات سفرهم أو أتلفوها على الحدود الألمانية النمساوية على أمل أن يصعب ذلك عملية ترحيلهم إذا رفضت طلباتهم للجوء.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية إن السفارة العراقية أصدرت منذ نهاية أكتوبر الماضي 1400 وثيقة من هذا النوع، بعدما أصدرت 150 فقط خلال الأشهر العشرة الأولى من 2015.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من السفارة العراقية.
وبوسع من لا يملكون ثمن رحلة العودة التقدم بطلب للحصول على مساعدة مالية من المنظمة الدولية للهجرة.
لكن اليأس من ألمانيا لم يتمكن من الجميع حتى الآن. وحضر عبد الله وهو عراقي آخر إلى مطار تيجيل لتوديع صديقه عباس لكنه لا يزال يأمل في الحصول على حق اللجوء قريبا.
وقال: "سأبقى. إذا لم يحدث تقدم في طلبي فسأنتقل إلى بلد أوروبي آخر. لست مضطرا للبقاء في ألمانيا."
وغالب عباس دموعه وهو يودع عبد الله قبل أن يمضي في طريقه لإنهاء إجراءات سفره. وصاح عبد الله يناديه: "قل لأمي أن ترسل لي طعاما طيبا" ليرسم ابتسامة على وجه عباس.
aXA6IDMuMTQ1LjExMC45OSA= جزيرة ام اند امز