مستشار الرئيس التونسي للشؤون الدبلوماسية لـ"العين" أكد أن الوفد الأميركي طرح مذكرة شاملة للتعاون الأمني والسياسي.
استبق وزير الخارجية الأميركي جون كيري اجتماعَي "فيينا" حول سوريا وأنطاليا التركية بمناسبة قمة الـ20 بزيارة جديدة لتونس يرافقه فيها وفد كبير من مساعديه الأمنيين والسياسيين لإعطاء إشارة "الدور الثاني من الحوار الاستراتيجي التونسي الأميركي" الذي انطلق العام الماضي في واشنطن، متابعةً لمسارين "استراتيجيين" مماثلين سبق للإدارة الأميركية أن أعطت إشارة انطلاقهما مع كلٍّ من المملكة المغربية والجزائر.
الوزير المستشار الدبلوماسي ومسؤول ملف العلاقات الخارجية في رئاسة الجمهورية التونسية خميّس الجهيناوي، أورد في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن زيارة كيري والوفد رفيع المستوى المرافق له لتونس جاءت "لمتابعة نتائج زيارة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي للولايات المتحدة في مايو الماضي وما أفرزته من اتفاقيات سياسية وأمنية واقتصادية ومن بينها بالخصوص مذكرة شاملة للتعاون الأمني والسياسي وإحداث لجنة مشتركة اقتصادية أميركية تونسية قرر الجانب الأميركي تأسيسها في مبادرة نادرة، تقديرا لتونس شعبًا ودولةً".
المسؤول الأول عن ملف السياسة الخارجية في ديوان الرئيس التونسي أضاف في تصريحه لـ"العين الإخبارية"، أن زيارة كيري لتونس واجتماع آلية الحوار الاستراتيجي الثانية عشية اجتماع فيينا عن سوريا واجتماع تركيا لقادة الـ20 دولة، تؤكد دعم واشنطن المتزايد لتونس أمنيًّا وعسكريًّا وسياسيًّا وهي التي سبق أن منحت تونس خلال العامين الماضيين "ضمانات قروض تتجاوز قيمتها مليار دولار" من المؤمل الإعلان عن قسط ثالث جديد يدعمها ويشجع شركاء تونس الدوليين على التعامل مع تونس والثقة في مستقبلها، وهي التي نجحت في مسار الانتقال السياسي السلمي وفازت بجائزة نوبل للسلام.
وإذ يؤكد الساسة التونسيون الصبغة "التاريخية" للتقارب بين تونس ـومن قبلها الرباط والجزائرـ وواشنطن، فلا بد من ربط مسار"التنسيق السياسي الأمني العسكري الشامل" الذي يُستأنف اليوم في تونس بخطوات التقارب الاستراتيجي بين دول شمال إفريقيا والولايات المتحدة قبل 11 سبتمبر 2001 وبعده، ثم منذ انضمام البلدان الثلاثة مع مصر والأردن منذ مؤتمر حلف الأطلسي في إسطنبول في 2004، إلى آلية "الحوار الأطلسي المتوسطي".
يُذكر أن مساعدة وزير الخارجية الأميركية سابقًا هيلين ليبسون منذ انعقاد "الدورة الأولى لآلية الحوار الاستراتيجي" بين تونس وأميركا في أبريل 2014، ذكرت أن "المعنيّ بهذا الحوار ليس تونس وحدها بل كامل فضائها الجيوسياسي وعمقها الاستراتيجي العربي والإفريقي والأورمتوسطي بدءًا من ليبيا والجزائر...".
واعتبر وزير الدولة للشؤون الخارجية السابق صلاح الدين الجمالي، أن "الاهتمام المتزايد بتونس وبنجاح التوافق السياسي فيها بين العلمانيين والإسلاميين" وبمخططاتها لـ"محاربة الارهاب" مرتبط بعوامل كثيرة من بينها حالة الفوضى التي تمر بها المنطقة العربية منذ مطلع 2011 لا سيما في ليبيا الغنية بثرواتها الهائلة من المحروقات والمجاورة لـ6 دول ـمن بينها تونس والجزائر ومصرـ والتي لديها أكثر من ألفي كيلومتر من السواحل في البحر الأبيض المتوسط ".
وتُبرز الزيارة الجديدة التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي لتونس ومن قبله عدد كبير من أعضاء الكونغرس و مستشاري الرئيس اوباما السياسيين والأمنيين والعسكريين والاقتصاديين رهانًا جديدًا من قبل واشنطن على "قصة النجاح الوحيدة في بلدان الربيع العربي" حسب المحلل السياسي والاستراتيجي ووزير الإعلام الأسبق أسامة رمضاني.
وفي الوقت الذي يتنافس فيه مرشحو الحزبين الديمقراطي والجهوري في أميركا على الفوز بانتخابات العام القادم، فإن أنصار الرئيس أوباما وهيلاري كلينتون وغيرهم من رفاق جون كيري يراهنون على "تهدئة الأوضاع الأمنية والعسكرية في ليبيا وسوريا وكامل المنطقتين العربية والإفريقية قبل حلول موعد الانتخابات "حسب السفير التونسي السابق وأستاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية حاتم بن سالم.
في كل الحالات أكدت مصادر رسمية تونسية لـ"العين الإخبارية" أن التنسيق الأمني والعسكري والسياسي الذي يبحثه الوفدان التونسي والأميركي ووزيرا خارجية البلدين سبق أن كان محور اهتمام كبار المسؤولين في البلدين خلال الأشهر والأسابيع الماضية بما في ذلك في قصر الرئاسة التونسية بقرطاج حيث تعاقب "كبار الموفَدين من البيت الأبيض والكونغرس".
وفي نفس السياق كشف مصدر حكومي رفيع لـ"العين الإخبارية" تعاقُب "جلسات التنسيق بين مسؤولين أميركيين كبار مع وزير الداخلية ناجم الغرسلي، ووزير الدفاع فرحات الدشرواي، وكبار أعضائهما المعنييين، خصوصا بملفات مكافحة المخدرات والتهريب والإرهاب والهجرة المنظمة و"الأمن الخارجي" والاستعلامات... وهو تنسيق تضاعف منذ حرب مطار طرابلس في صيف 2014 وانهيار الدولة المركزية في ليبيا، ثم بعد الهجمات الإرهابية على أهداف سياحية وثقافية وعسكرية أمنية تونسية.
ولكل هذه الأسباب فإن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يرافقه في هذه الزيارة فريق مهم من مساعديه الذي سبق لهم أن التقوا في واشنطن وتونس المستشار الدبلوماسي لرئيس الجمهورية خميس الجهيناوي، ووزراء الداخلية والخارجية والدفاع، ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة الحبيب الصيد، ووزير الخارجية الطيب البكوش، الذي نظم بدوره قبل أسابيع زيارة عمل إلى مقر حلف الأطلسي في بروكسيل أكدت "رهان تونس على الشراكة المميزة مع واشنطن والحلف الأطلسي".
وكان كيري وقادة واشنطن قد أعلنوا مرارًا رهانهم في هذه المرحلة بالذات على "استبعاد الخيار العسكري في معالجة الأزمة في ليبيا وتشجيع جهود تونس والجزائر والمغرب لإنجاح سيناريو التسوية السياسية".
ومن بين ما يؤكد البعدين "الجيوسياسي" و"الاستراتيجي" لزيارة كيري الجديدة لتونس، أن الوفد المرافق له يضم بالخصوص كلا من مساعد وزير الخارجية المكلف بمحاربة المخدرات، ومساعد وزير الخارجية المكلف بحقوق الإنسان والشغل، ومساعد وزير الخارجية المكلف بالشؤون الاقتصادية، ومساعد وزير الخارجية المكلف بشؤون مصر والمغرب العربي، ومسؤول عن المكتب الأميركي للمساعدات الدولية المكلف بالشرق الأوسط، إلى جانب السفير الأميركي الجديد دانيال روبنشتاين الذي تكشف سيرته الذاتية خبرته الطويلة في "الصراعات الإقليمية والملفات الأمنية والعسكرية الساخنة" وخدمة أولويات بلاده في المنطقة بما فيها الأولويات السياسية في بلدان "الربيع العربي".
aXA6IDE4LjIyNS41Ni43OSA= جزيرة ام اند امز