ضغوط أوروبية وإفريقية لتسريع تشكيل حكومة وفاق وطني بليبيا
سراج يلتقي حفتر قبل أيام من انتهاء مهلة البرلمان
الضغوط الأوروبية والإفريقية تصاعدت على الفرقاء الليبيين للإسراع بتشكيل حكومة وحدة تتصدى لخطر توسع داعش الإرهابي.
تصاعدت الضغوط الأوروبية والإفريقية على السلطات الليبية المتنازعة على الحكم من أجل الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية تنتشل البلاد من الفوضى الأمنية الغارقة فيها وتتصدى لخطر توسع تنظيم داعش الإرهابي.
وبينما عين الاتحاد الإفريقي في قمة أديس أبابا مجموعة من 5 رؤساء دول للمساعدة في تشكيل الحكومة في ليبيا، اعتبرت باريس أنه من "المُلِح" التوصُّل سريعًا إلى حل سياسي لتمكين المجتمع الدولي من تقديم مساعدة عسكرية لمواجهة الخطر الإرهابي.
في هذا الوقت، واصل رئيس المجلس الرئاسي الليبي المدعوم من الأمم المتحدة فايز السراج مشاوراته لطرح تشكيلة حكومة وفاق وطني جديدة على البرلمان المعترف به دوليًّا من أجل التصويت على منحها الثقة.
زيارة مفاجئة:
وقبل 4 أيام من انتهاء المهلة التي حددها له البرلمان لتقديم التشكيلة الحكومية، زار السراج في خطوة مفاجئة قائد القوات العسكرية في شرق البلاد خليفة حفتر.
وقال المكتب الإعلامي للسراج في بيان نشره على صفحته على موقع "فيس بوك"، الأحد، إن رئيس الحكومة المكلف التقى، السبت، في مدينة المرج في شرقي ليبيا، الفريق أول ركن خليفة حفتر "حيث تمت مناقشة العديد من القضايا".
وذكر البيان أن هذه الزيارة تأتي ضمن سلسلة زيارات يستمع فيها السراج "لرؤى ومخاوف وهواجس جميع الأطراف المؤثرة في الأزمة" القائمة على نزاع متواصل على الحكم بين سلطتين منذ أكثر من عام ونصف عام.
وتابع البيان أن السراج يعمل "على إعداد مقترح واقعي يقدم للمجلس الرئاسي لاستصدار ما يتم الاتفاق عليه من قرارات مستندة على الواقع المعاش، وهو ما تقتضيه ضرورات التوافق الذي بنيت على أساسه فكرة تشكيل هذه الحكومة".
ووقَّع أعضاء من البرلمان المعترف به دوليًّا في الشرق والبرلمان الموازي غير المعترف به في طرابلس اتفاقًا بإشراف الأمم المتحدة في منتصف كانون الأول/ديسمبر نص على تشكيل حكومة وفاق وطني.
ويحظى الاتفاق بدعم المجتمع الدولي، لكنه يلقى معارضة رئيسي البرلمان في طبرق (شرق) والبرلمان الموازي في طرابلس، كما أن حفتر، الشخصية العسكرية النافذة، من أبرز المطالبين بإدخال تعديلات عليه.
وتشكل بموجب الاتفاق مجلس رئاسي عمل على تشكيل الحكومة برئاسة فايز السراج الذي قدم تشكيلة حكومية تضم 32 حقيبة وزارية إلى البرلمان المعترف به، الإثنين الماضي، لكنها فشلت في الحصول على ثقة المجلس النيابي الذي أمهل السراج فترة 10 أيام تنتهي الخميس المقبل لتقديم تشكيلة حكومية أصغر.
في موازاة ذلك، صوت البرلمان لصالح رفض مادة في اتفاق الأمم المتحدة تنص على شغور المناصب الأمنية والعسكرية القيادية بمجرد حصول حكومة الوفاق على الثقة، ما يعني احتمال خسارة حفتر الذي يحظى بدعم عدد كبير من النواب، منصبه.
وترفض السلطات الحاكمة في طرابلس وبعض الشخصيات السياسية في المنطقة الشرقية أي دور لحفتر في المشهد الليبي المستقبلي.
وتعليقًا على لقاء السراج وحفتر، أكد نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق على صفحته على موقع "فيس بوك" أن السراج تصرف بشكل منفرد ولم يطلع المجلس على خطته زيارة حفتر.
ويدفع المجتمع الدولي منذ أشهر باتجاه تشكيل حكومة الوفاق الوطني في ليبيا لتوحيد السلطات في مواجهة تنظيم داعش الذي يسيطر على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) الساحلية التي تبعد بضعة مئات من الكيلومترات فقط عن أوروبا، ويشن هجمات على مدن قريبة منها في محاولة للتوسُّع شرقًا.
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر قد حذَّر في وقت سابق أيضًا من محاولة التنظيم الجهادي الذي تبنى عدة هجمات دامية في ليبيا، إلى التمدد نحو الجنوب والمناطق القريبة من حدود الدول الإفريقية المجاورة.
خطر كبير:
وفي هذا السياق، شدد وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في مقابلة تلفزيونية، اليوم، على أنه "لابد من التوصل إلى تشكيل حكومة وفاق وطني .. هناك عملية سياسية جدية جارية أقرها مجلس الأمن بالإجماع، أعتقد أن الأمر مُلِح، وسنقدم الدعم إلى الحكومة الليبية التي ستطلب منا ذلك".
وتابع: إن "داعش يترسخ، وأنا قلق جدًّا على ليبيا خصوصًا منذ أيلول/سبتمبر 2014، إنهم هنا ويتمركزون على نحو 300 كلم من الشواطئ (الأوروبية) ويتوسعون، إنهم اليوم على بعد 250 كلم من لامبيدوزا (إيطاليا)، وعندما سيتحسن الطقس قد يعبر مقاتلون (إلى أوروبا) بعد أن يندسوا في جموع اللاجئين، إنه خطر كبير".
وقال لودريان أيضًا: إن "الكل يُدرك خطر نقل النزاع من الشرق لفتح نزاع جديد في ليبيا"، معتبرًا أن "الوسيلة الوحيدة لاستئصاله هي الوحدة السياسية لهذا البلد كي يكون لنا محاور".
وفي أديس أبابا، قال مفوض الأمن والسلم في الاتحاد الإفريقي إسماعيل شرقي، الأحد: إن "ما يسمى تنظيم داعش يتقدم نحو شرق ليبيا، ويضرب المنشآت النفطية في راس لانوف ويرغب في توسيع وجوده في البلاد، بما في ذلك في الجنوب".
وأوضح أن "هذا جانب يهمنا جميعًا ويتطلب اتخاذ إجراءات صارمة، لكن لا يمكننا القيام بذلك إذا لم يكن لدينا في الوقت الحالي حكومة وقوات ليبية لإشراكها وتجهيزها".
وأعلن شرقي أن "رؤساء الدول (المجتمعون في أديس أبابا) قرروا إعادة إطلاق مجموعة الاتصال على مستوى عالٍ حول ليبيا تتألف من 5 رؤساء دول، لتقديم الدعم للجهود الجارية".
وعين رؤساء الدول الإفريقية أيضًا الرئيس التنزاني السابق جاكايا كيكويتي مبعوثًا خاصًّا جديدًا للاتحاد الإفريقي إلى ليبيا، خلفًا لرئيس الوزراء الجيبوتي السابق ديليتا محمد ديليتا.