عاش في الظل سنوات عمره الأخيرة ومات بلا صخب أو ضجيج هذا هو عبدالقادر حميدة الشاعر والكاتب، كان رقيقا عذبا
عاش في الظل سنوات عمره الأخيرة ومات بلا صخب أو ضجيج هذا هو عبدالقادر حميدة الشاعر والكاتب وبلدياتى من محافظة البحيرة كان شاعرا رقيقا عذبا وان سقط في شباك صاحبة الجلالة وحملته بعيدا عن مملكة الشعر سنوات طويلة..كان صحفيا محترما من طراز رفيع وشارك الراحل الكبير رجاء النقاش في مشواره في مجلة الدوحة أشهر المجلات الثقافية في العالم العربى وعاش سنوات متنقلا بين دول الخليج وجرائدها ومجلاتها المختلفة وحين عاد إلى مصر كانت الأحوال قد تغيرت ورفاق المشوار رحل منهم من رحل..كان عبدالقادر حميدة فلاحا أصيلا دمث الأخلاق والطباع وفى شعره عذوبة النيل وصفاء الحياة وطهارة البشر هو شاعر رقيق لم يكن يحب العواصف والضجيج واختار دائما جذع صفصافة على ضفاف النهر الخالد لكى يغنى للنهر وللحياة لم يحقق الشهرة التى كان يستحقها ربما لغيابه فترات طويلة خارج مصر وربما لأنه لم يساير تيارات الحداثة ومواكب التجريب وبقى شاعرا متمكنا أصيلا في رؤاه وكتاباته..كان فتحى سعيد وصبرى العسكرى وعبدالقادر حميدة يمثلون ثالوثا إبداعيا جميلا في محافظة البحيرة وان اختلفت الطرق والأعمار والإبداع منذ أسابيع قليلة تحدثنا معا تليفونيا وكان إنسانا مجاملا دائم السؤال عن الأصدقاء..وفى السنوات الأخيرة اعتكف في بيته وهو يعبر سنوات الخريف وزهد في كل شئ إلا عددا قليلا من الأصدقاء يشعر معهم بالسعادة ويرى فيهم ما بقى من العمر الجميل..هناك كتيبة من شعراء مصر الذين تجاهلتهم أقلام النقاد ولم يقترب من إبداعاتهم احد وكان عبدالقادر حميدة واحدا منهم..لقد نعى الصديق حلمى النمنم في كلمات رقيقة عبدالقادر حميدة ولعله يصدر أوامره إلى المسئولين في هيئة الكتاب بطبع الأعمال الكاملة للشاعر الراحل وإذا كان تعرض لظلم نقدى شديد في حياته فلا اقل من ان ننصفه بعد رحيله..في حدائق الإبداع المصرية أشجار كثيرة فارهة لم يلتفت إليها احد وسط الصخب المجنون وكان عبدالقادر حميدة من هذه الأشجار..عاش بعيدا عن الأضواء ورحل في كبرياء وصمت لتفقد مصر واحداً من أبنائها الذين تغنوا بها كثيرا في كل مكان..رحم الله عبدالقادر حميدة
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الأهرام وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة