" لا تنام الخليل إلا على جريمة إسرائيلية، ولا تصحو إلا على رد فلسطيني "
" لا تنام الخليل إلا على جريمة إسرائيلية، ولا تصحو إلا على رد فلسطيني".. تلك هي "المعادلة الثنائية" التي يلخصها حسن الرجوب لواقع محافظة الخليل في صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين.
ومع انطلاق الهبة الفلسطينية منذ بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وسياساته على الأرض؛ خصوصاً في القدس المحتلة والمسجد الأقصى؛ اعتبرت الخليل بمثابة خط الدفاع الأول عن القدس، فتقدمت على غيرها من المحافظات الفلسطينية، وقدمت عشرات الشهداء ومئات الجرحى والأسرى.
تتصدر الخليل الصدارة في مجمل إحصائيات الهبة الشعبية، حسب الكاتب حسن الرجوب؛ فهي تتصدر عدد شهداء الهبة بـ(31) شهيداً بما نسبته (38%) من إجمالي شهداء الهبة الـ (83)، وهناك مئات الجرحى، علاوةً على اعتقال قوات الاحتلال أكثر من (600) من أبنائها.
في المقابل لم تترك الخليل الكلمة لجنود الاحتلال والمستوطنين، فهب شبانها وفتياتها للتصدي للاحتلال، بكل الوسائل المتاحة من حجارة وزجاجات فارغة وحارقة، وعمليات طعن بالسكاكين ودهس بالسيارات وإطلاق نار، حتى وصلت نسبة عمليات (الطعن والدهس وإطلاق النار) خاصتهم إلى (27) عملية، من بين (127) عملية نفذت خلال أيام الهبة، حسب ما أفاد مدير مركز القدس للدراسات علاء الريماوي.
"قناص الخليل"
ولا تزال العملية الفدائية المشهورة باسم عملية " قناص الخليل" محور حديث وسائل الإعلام الإسرائيلية، منذ نجاح قناص فلسطيني في السادس من الشهر الجاري في إصابة عدد من جنود الاحتلال في موقعين للجيش بالخليل.
ويضيف الريماوي "بوابة العين": أكثر محافظة تشهد نقاط مواجهات بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال هي الخليل، ويلفت إلى أن أقوى المواجهات يقع في الخليل أيضاً، فضلاً عن تنفيذ أهلها عددا من العمليات الفردية النوعية ضد الاحتلال.
لا تقتصر شدة المواجهات وامتدادها على الهبة الشعبية الحالية برأي الرجوب؛ ويوضح ذلك بقوله لـ "بوابة العين": على مدار سنوات الاحتلال والخليل بمثابة "برميل وقود"، بسبب انتشار المستوطنات الإسرائيلية في قلب المدينة وفي محيطها.
ويشير الكاتب الرجوب، وهو أحد سكان الخليل، إلى أن مخزون الغضب الفلسطيني منطلق من مخزون القهر والظلم الذي تمارسه قوات الاحتلال يومياً ضد المدينة وسكانها منذ عشرات السنين، لافتاً إلى المجزرة التي نفذها المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين في المسجد الإبراهيمي وسط الخليل في (25/5/1994)، والتي استشهد فيها (29) مصلياً فلسطينياً وأصيب العشرات، وعلى إثرها قسمت قوات الاحتلال المسجد، ووضعت بوابات وحواجز تعلى مداخله، وحدت من حرية وصول المسلمين إليه، وتمنع رفع الأذان فيه عشرات المرات شهرياً.
ويذكر عيسى عمرو -منسق تجمع شباب ضد الاستيطان في الخليل- أن تفجر الخليل وتصدرها المواجهات في هبة الدفاع عن القدس، لم تأت من فراغ " إنما جاءت من أسباب وجيهة وقوية".
ويقول عمرو لـ "بوابة العين": الاستيطان وحواجز قوات الاحتلال والطرق الالتفافية في قلب الخليل ومحطيها أحد أسباب تصاعد المواجهات، وكذلك الارتباط الجغرافي والعائلي بين الخليل والقدس ( فمعظم العائلات تمتد مناطق سكنها من الخليل إلى القدس)، وهذا ما يوجب على أهل الخليل التحرك دفاعاً عن القدس وأهلها.
ويوضح: في الخليل تجثم على أراضي الفلسطينيين (28) مستوطنة يهودية تسيطر على مساحة (8%) من المحافظة، و(4) بؤر استيطانية، وأكثر من (120) حاجزاً وموقعاً عسكرياً تحكم من خلال قوات الاحتلال إغلاق المحافظة من جهاتها الأربع، فضلاً عن الطرق الالتفافية التي تسيطر على (3%) من مساحة الخليل.
ويتابع عمرو: من خلال الرسم الاحتلالي والاستيطاني السابق؛ يتضح أن الخليل هي أكثر المدن الفلسطينية التي تعيش واقع المعاناة التي يعاني منها أهالي مدينة القدس المحتلة، التي يستنزفها الاستيطان والتهويد.
المشروع الاستيطاني الكبير
ويوضح عمرو: في قلب المدينة تجثم بؤر تل الرميدة، وجبل الرحمة، وشارع الشهداء، وسوق الخضار، ويشير إلى مخطط إسرائيلي يجري تنفيذه لضم هذه البؤر لمستوطنة كريات أربع، التي تبعد قليلاً عن وسط الخليل، في محاولة من إسرائيل لتفريغ المنطقة الممتدة من البؤر للمستوطنة من الوجود الفلسطيني (يقدر عددهم بـ 10 آلاف نسمة) لتحقق المشروع الاستيطاني الاسرائيلي الكبير، الذي يمتد من القدس إلى الخليل دون وجود لأي فلسطيني.
وتقع الخليل المقامة على حوالي (880) كلم2، على بعد (35) كلم جنوب مدينتي القدس وبيت لحم، وتعد المدن الثلاثة من أهم المناطق الدينية والتاريخية للمسلمين والمسيحيين في العالم، وهي المدن التي يدعي اليهود أهميتها لهم أيضاً، بما تضمه المدن من أماكن مقدسة مثل المسجد الأقصى، وكنيسة القيامة، وكنيسة المهد، والمسجد الإبراهيمي.
ويقيم في مستوطنات الخليل حوالي (33) ألف مستوطن، نصفهم من غلاة المتطرفين المزودين بالأسلحة الرشاشة، في محيط من الفلسطينيين يقدر تعدادهم بحوالي (760) ألف نسمة، ويوضح عمرو أن "في الخليل هنا بيت لفلسطيني مدني أعزل يقابله بيت مستوطن متطرف مدجج بالسلاح".
ويؤكد محافظ الخليل كامل حميد، أن قوات الاحتلال تفرض نظام تمييز عنصريًّا في الخليل، من خلال ممارستها ضد الفلسطينيين، خصوصاً في البلدة القديمة من المدينة التي تستهدف قوات الاحتلال سكانها بهدف تهجيرهم منها.
يقول حميد: إن قيود الاحتلال وانتهاكاته التي تطال الفلسطيني أدت إلى نشأة جيل فلسطيني غاضب على الاحتلال، جيل لم ير سوى اعتداءات المستوطنين وبنادق الاحتلال، وهذا ما يفسر ما يجري في القدس والخليل.
aXA6IDE4LjE4OC45MS4yMjMg جزيرة ام اند امز