«العين» في جولتها اليومية بالمعرض، التقت العديد من الكتاب والمبدعين العرب والأجانب في جولات حرة خارج قاعات الندوات الرسمية
أيام قليلة، ويطوي معرض القاهرة للكتاب الـ 47 صفحته لهذا العام 2016، عشرات الآلاف من الزائرين، ملايين الكتب، حركة لا تكفّ طوال أيامه، وضيوف من جميع أنحاء العالم، وخاصة العالم العربي، كتابا وناشرين ونقادا، يتوافدون بالعشرات للقاء في رحاب المعرض، والمشاركة في فعالياته، والالتقاء بجمهور غفير، يحتفلون جميعا بالكتاب وعلى شرفه.
«العين» في جولتها اليومية بالمعرض، التقت العديد من الكتاب والمبدعين العرب والأجانب في جولات حرة خارج قاعات الندوات الرسمية، كاتب أو اثنان أو ثلاثة، أو أكثر ربما، يتواعدون على اللقاء قبل ميعاد ندوتهم المقررة، يحضرونها، ثم يتجهون إلى سرايات العرض، هناك يقابلون أصدقاء بالمصادفة، أو يتوقفون لتوقيع كتاب جديد لأحد الكتاب الشباب أو المبدعين من الأجيال الأكبر، الأحاديث تدور بينهم بلا توقف، والذكريات حاضرة بحنينها السخي، وتتناثر الحكايا والتفاصيل التي تنادي "من يجمعني.. من يكتبني.. ها هنا كنز عظيم".
في سراي 4، التي تضم العشرات من دور النشر المصرية، لكن الأهم أن من بينها ما لا يقل عن 10 دور معنية بنشر الأدب والترجمات ومعروفة مصريا وعربيا، مثلا دار العين، ودار الكتب خان، ودار العربي للنشر والتوزيع، وغيرها. في جناح العربي، ثمة صالون مصغر، أصبح من مقاصد المعرض وأماكنه المميزة، بات نقطة التقاء وتجمع العديد من الكتاب المعروفين في العالم العربي.
التقيت هناك الكاتب والروائي الفلسطيني ربعي المدهون، والناقد الأردني فخري صالح، والكاتب والروائي المغربي أحمد المديني، والروائي التونسي شكري المبخوت، والروائي السوداني الشاب حمور زيادة، وآخرين غيرهم يتوافدون يوميا على الجناح، جيئة وذهابا..
بين الكتب وكرنفالات حفلات التوقيع والتقاط الصور التذكارية، يتجول شكري المبخوت وحمور زيادة، كلاهما من أهل البوكر، الأول حصدت روايته «الطلياني» الجائزة العام الماضي، والثاني صارت روايته «شوق الدرويش» التي كانت ضمن القائمة القصيرة، واحدة من أعلى الروايات مبيعا وشهرة. «العين» التقتهما في جناح العربي، كانا يتجولان عقب مشاركتهما في ندوة عن نجيب محفوظ، شكري المبخوت يحظى بسمعة طيبة في الأوساط الأكاديمية في مصر قبل حصوله على البوكر، هو أستاذ أدب ولغة، وبعد البوكر صار من المعروفين أدبيا وعلى نطاق واسع. سألته: كيف الحال في المعرض؟ ضحك بصوت عال وتحدث بلهجته التونسية الشهيرة "والله عال"، مقلدا المصريين، تابع: أجمل ما في المعرض البشر، هذه الحركة التي لا تتوقف، ما يميز معرض القاهرة هو هذا الكمّ الهائل من الكتاب والمثقفين الذين يتجمعون في رحابه.
المبخوت أضاف: فرصة لا تتكرر إلا من العام إلى العام، شخصيا سعدت بمقابلة أصدقاء من مصر والعالم العربي، مثل حمور زيادة وأحمد المديني ووحيد الطويلة وفريد أبو سعدة، نلتقي في المعرض وخارجه، في مقهى زهرة البستان الشهير أيضا نمضي أوقاتا ممتعة.
عند التقاط الصور التذكارية، ضحك حمور زيادة وطلب مني أن أتوسطهما، قال ممازحاً: لا بد من ضبط المشهد وتعديل الكادر (حمور فاره الطول والمبخوت قصير القامة)، سألت حمور عن نشاطه، قال أستعد لإصدار روايتي الجديدة عن دار العين، أتمنى أن تكون جاهزة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، رفض بإصرار بث أي حديث عن الرواية أو تفاصيلها أو عنوانها "لا أحب الحديث عن شيء لم يظهر بعد.. دعها تخرج للنور أولا".
بعدهما بقليل، حضر الروائي المغربي أحمد المديني، كانت روايته «ممر الصفصاف» (صدرت عن المركز الثقافي العربي) أيضًا ضمن القائمة القصيرة للبوكر العام الماضي، المديني من المشاركين في معرض القاهرة للكتاب بنشاط وفعالية، اشترك العام الماضي في مناقشة رواية «جيمانزيوم» للروائية المصرية مي خالد، والعام الذي سبقه صدر له كتاب «نصيبي من باريس» عن الدار المصرية اللبنانية.
المديني شارك هذا العام في ندوة خاصة عن أعمال الكاتب والأديب الراحل جمال الغيطاني، حيث ناقش عددٌ من المثقفين جانبًا من مسيرة الروائي الكبير، تحت عنوان «رواية الغيطاني عالميًا»، بالقاعة الرئيسية في معرض الكتاب. قال المديني إن مشاركته في هذا اللقاء تأتي من تقدير خاص يحمله للروائي الراحل ومنجزه الإبداعي "الغيطاني كان صديقي، وعلاقتي به تعود إلى عقود طويلة مضت. تعرفت عليه منتصف السبعينيات حين نظمنا مؤتمرًا للرواية العربية، وتوطدت هذه العلاقة إنسانيا ونصوصا وتدريسا، أدبه من وجهة نظري أقرب إلى المثال الإنجليزي أو الألماني عنه من الجانب الفرنسي".
الناقد الأردني فخري صالح، بدوره كان يتجول في أروقة السراي، بصحبة سيد محمود المحرر الثقافي ورئيس تحرير جريدة القاهرة، حضوره كبير ويحظى بصداقات وافرة في القاهرة، صالح قال لـ «العين» المعرض يتألق بالعديد من الفعاليات والمشاركات الممتازة من جميع أنحاء العالم العربي، سألته عن جديده في المعرض، فقال صدرت الطبعة الجديدة من كتابي عن إدوارد سعيد (الدار العربية للعلوم ناشرون)، واشتريت خمس نسخ من ترجمتي لكتاب «موت الناقد» الذي صدرت منه طبعة شعبية في مشروع مكتبة الأسرة المصرية.
ضحك وقال لم أكن أعلم بأن الكتاب صدر في مكتبة الأسرة، سألتُ الناشرة فاطمة البودي عن الذي رشحه، فقالت لي: الكاتب والمحلل السياسي نبيل عبد الفتاح، شكرته، وفرحت طبعا بصدور طبعة شعبية في مشروع توزع نسخه بالآلاف، صالح أضاف: لم أكن أتوقع ردة الفعل هذه خاصة في مصر، لاقى الكتاب استجابة كبيرة، ونشرت عنه مواد عدة، بالتأكيد هذا أمر يسعدني جدا.
صالح قال إن زيارته للمعرض تمتد لعدة أيام قصيرة قابل خلالها العديد من الأصدقاء الكتاب والناشرين المصريين والعرب، وتابع أيضا صدور بعض الطبعات الجديدة من كتبه عن دور نشر مصرية وعربية، اختص من بينها الطبعة الجديدة من كتابه «المبدأ الحواري» لتودوروف عن ميخائيل باختين، وكذلك كتابه «دفاعا عن إدوارد سعيد»، وكلاهما عن دار رؤية للنشر والتوزيع.
طوال تجوالك الحر في المساحة الهائلة المقام عليها معرض الكتاب، أنت مرشح دائما لمقابلة كاتب أو ناقد أو مثقف عربي معروف، لم يعد المقهى الثقافي وحده "هو الملتقى" صار كل مكان في المعرض؛ قاعات الندوات، سرايات العرض، أجنحة البيع، سور الأزبكية، نقاط التقاء أكيدة، و"منتديات" عامرة بالصحبة الثقافية والإبداعية..
aXA6IDMuMTM3LjE1OS4xMzQg
جزيرة ام اند امز