تغييرات وزارة الثقافة الإماراتية.. تأسيس لنهج خلّاق

ركز التغيير على ثلاثة حقول رئيسة في الثقافة، هي "المحتوى" و"حماية اللغة العربية" و"تنمية المعرفة".

لم تكن مبادرة "عام 2016.. عام القراءة" وحزم المبادرات الخاصة بتعزيز مكانة اللغة العربية ضمن "رؤية الإمارات 2021" بعيدة زمنياً عن الواقع الثقافي الإماراتي المتجدد.

مبادرة القراءة التي أطلقها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، جاءت "لترسخ ثقافة العلم والمعرفة والاطلاع على ثقافات العالم في نفوس المواطنين والمقيمين، وهي تصب في الرؤية نفسها التي وضعها مؤسس دولة الاتحاد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، التي كانت تقوم على أن بناء الدول لا يتم فقط بالتركيز على العمران المادي والتكنولوجي"، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام).

هذا الكلام متعلق بأكبر تغييرات هيكلية في الحكومة الاتحادية، أعلن عنها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الاثنين 8 يناير ومن بين التغييرات كان وزارة الثقافة.

هذه التغييرات أطلقها حاكم دبي بكثير من الاستثنائية وبشكل غير معتاد، حيث أعلن عن التغييرات الحكومية تباعاً عبر صفحته الشخصية على موقع "تويتر".

وركز التغيير على ثلاثة حقول رئيسة في الثقافة، هي "المحتوى" و"حماية اللغة العربية" و"تنمية المعرفة"، عبر نقل قطاع تنمية المجتمع من وزارة الثقافة إلى وزارة تنمية المجتمع، وتغيير المسمى ليصبح "وزارة الثقافة وتنمية المعرفة".

الحقل الأول: صناعة محتوى الثقافة الإماراتية

تتمثل النظرة الثقافية في هذا الحقل في خلق حالة عامة لا تتوقف عند حدود معينة من الثقافة، بل تتعداها، سواء كان بالتراث أو الأدب أو الفن، وما إلى ذلك من مجالات قادرة على استحداث الحالة المعرفية في الإمارات.

ويجب أن يتسم هذا المحتوى بالعمق والمصداقية والتأثير، حيث يشير هذا الثالوث إلى أن المجتمع الإماراتي ربما سيكون على موعد جديد ونظرة حداثية لواقعه الثقافي الذي سيكون فيه المحتوى أهم من الشكل.

ويرى مختصون في الشأن الثقافي الإماراتي، أن صناعة المحتوى أصعب من صناعة الشكل، إلا أنها تحفر عميقاً وتترك تأثيرها الإيجابي الكافي وتخلد ثقافة شعب بأكمله، كلما كان المحتوى دقيقاً وعميقاً ومعبراً عن هذا الشعب بكل تفاصيله.

وتتعدد الأمثلة ولا تتوقف، سواء في المهرجانات والمناسبات التي تشجع على القراءة، كون الكتاب له أثر تراكمي لا لحظي، والاهتمام بالتعليم، وتعزيز دور المثقفين والعلماء وتكريمهم والدمج بين الثقافة والحياة اليومية.

ولعل الغاية الأهم في صناعة المحتوى تتلخص في التراكم المعرفي ليستفيد منه الأجيال القادمة، وهذا ما يطمح إليه الشيخ محمد بن راشد، بحسب مثقفين إماراتيين.

الحقل الثاني: كيفية حماية اللغة العربية

رغم الاهتمام الكبير واللامتناهي باللغة الإنكليزية كلغة ثانية في دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن اللغة العربية دائماً ما تحظى باهتمام قادة البلاد، وكثيرة هي المبادرات التي يطلقونها لحماية لغتهم الأم.

وتتلخص أهمية اللغة العربية في أنها الحاضنة أو الوعاء الرئيس للثقافة، والتي من خلالها يتواصل العالم وينشر ثقافته هنا وهناك، حيث تعيش على أرض الدولة الجاليات العربية من كافة الدول العربية، والتواصل بالعربية يحافظ على تنوع الموروث الثقافي والاتصال، وبالتالي خلق خصوصية معرفية تتميز باللغة.

وفي الإمارات ثمة ما يهدد اللغة العربية، لذا تبدو الفرصة سانحة وضرورية للحفاظ عليها من الاندثار وسط أزمة اللغات الأخرى وتنافسها، إذ يمكن الاهتمام بنشر العربية في كافة مجالات الثقافة والنشر والإعلام والفنون والآداب والعلوم والمعارف الأخرى، وبعدها ترجمة هذا النتاج إلى اللغات الحية في العالم، كالإنكليزية والفرنسية والألمانية.

ويهدف الشيخ محمد بن راشد إلى "جعل الدولة مركزاً للامتياز في اللغة العربية".

الحقل الثالث: تنمية المعرفة والثقافة

الآن أصبح اسم الوزارة "وزارة الثقافة وتنمية المعرفة"، ما يعني شمولية الفكرة واتساعها وبُعدها الممتد في نفس الوقت، كون المعرفة تضم الثقافة في جنباتها بحسب تعريفات عالمية للمصطلحات.

وعند الحديث عن المعرفة، لا بد من استحضار مفردات أخرى في الثقافة الإماراتية، تبدأ بالوعي وتمر بالأسلوب ولا تنتهي بالأزمنة الثلاثة التي تجسد هذه الثقافة وتحافظ عليها بشكل أو بآخر لخلق حالة معرفية في نهاية المطاف.

وتتعلق المعرفة بشكل خاص بالمعنى الإنساني، الذي يميزه عن غيره، بل وتأخذه إلى عوالمه الخاصة ليعيش فيها مع أفكاره ومعتقداته.

ويؤدي كل من المحتوى واللغة العربية والمعرفة إلى بعضهما بعضاً، وتسير هذه الحقول في آن، ولكل منها خصائصها ومهامها.

وجدير بالذكر أن وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع (سابقاً) / وزارة الثقافة وتنمية المعرفة (حالياً) "تم إنشاؤها بموجب الدستور المؤقت للإمارات العربية المتحدة في المادة (58). وفي عام 2006 تم إصدار المرسوم رقم (1) لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم (1) لسنة 1972م. والذي بناءً عليه تم إلغاء وزارة الإعلام والثقافة واستحداث وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع"، بحسب موقع الوزارة على الإنترنت.