شُح الدولار يهدد المصانع المصرية بالإيقاف المؤقت
أكد عددًا من الصناع أن الشركات تنتظر فترة طويلة تصل إلى شهر لحين تدبير العملة الصعبة من البنوك لشراء مستلزمات الإنتاج
أكد عددًا من الصناع أن نقص الدولار بالبنوك المصرية يهدد المصانع الكبيرة بإيقاف النشاط لفترات مؤقتة خلال العام الحالي، بسبب تعرضها لنفاذ مخزون مكونات الإنتاج المستوردة من الخارج، وعدم توافر سيولة بالعملة الصعبة للإفراج الجمركي عن الشحنات المُكدّسة بالموانئ المحلية.
وتأتي هذه المخاوف بعد إعلان شركة جنرال موتورز الأسبوع الماضي عن توقف مصانعها عن العمل مؤقتًا بسبب عدم قدرتها على تدبير العملة الصعبة من الجهاز المصرفي لشراء مدخلات الإنتاج.
وبحسب تصريحات الصناع لبوابة "العين" الإخبارية فإن حالة جنرال موتورز ليست هي الأولى من نوعها في السوق المصرية، حيث توقفت شركة جي بي أوتو قبل 4 أشهر عن التشغيل لمدة 20 يومًا ضمن عدد من الشركات الصناعية بسبب نقص العملة الصعبة.
كما توقعت بنوك الاستثمار أن يؤدي نقص الدولار إلى استكمال البنك المركزي السياسات التي شرع في تنفيذها العام الماضي بخفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار حتى يستطيع الجهاز المصرفي استقطاب تدفقات العملة الصعبة التي تستقبلها السوق الموازية.
ورجحت بنوك الاستثمار أن يرتفع سعر الدولار إلى ما بين 8.20 إلى 9 جنيهات في العام 2016، مقابل 7.83 جنيه الآن.
من جانبه، قال وليد جمال الدين عضو مجلس اتحاد الصناعات المصرية، رئيس المجلس التصديري لمواد البناء إن عدد من المصانع اضطر إلى إيقاف عمليات التشغيل خلال فترات متقطعة منذ العام الماضي حتى الآن بسبب عدم العملة الصعبة لشراء مكونات الإنتاج، وأن إيقاف شركة جنرال موتورز لعملياتها التشغيلية مؤقتًا ليس حالة فردية.
وأوضح أن الكيانات الكبيرة مثل جنرال موتورز تواجه شبح الإيقاف المؤقت للتشغيل نظرًا لأن هذه الكيانات لن تستطع تدبير احتياجاتها من النقد الأجنبي عبر السوق السوداء التي تسيطر عليه شركات الصرافة في ظل وضع البنك المركزي قيودًا على حجم الإيداع المسموح به بالنقد الأجنبي في البنوك.
وقد لجأ البنك المركزي المصري في فبراير/شباط 2015 إلى وضع سقفًا للإيداع النقدي بالعملات الأجنبية في البنوك بنحو 50 ألف دولار شهريًا للعميل الواحد في محاولة لتقليص تداول الدولار في السوق السوداء نظرًا لأنه من الصعب احتفاظ شركات الصرافة بمبالغ كبيرة في خزائنها الخاصة، فضلاً عن الحيلولة دون إيداع الشركات المستوردة مبالغ كبيرة قادمة من خارج القطاع المصرفي.
وأكد هشام رامز محافظ البنك المركزي آنذاك أن هذه الخطوة تستهدف القضاء على السوق السوداء نهائيًا لانها باتت تستقطب التدفقات الأجنبية بصورة كبيرة، فعلى سبيل المثال تحويلات العاملين بالخارج التي تبلغ 19 مليار دولار لا يستقبل منها القطاع المصرفي الرسمي سوى 10% فقط من هذا المبلغ.
وكان ذلك قبل أن يعلن "المركزي" في نهاية يناير/كانون الثاني 2016 عن رفع سقف الإيداع النقدي الأجنبي إلى 250 ألف دولار شهريًا للسلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج والمواد الخام الوسيطة والمعدات.
وأشار عضو مجلس اتحاد الصناعات المصرية إلى أن سقف الإيداع النقدي الأجنبي الحالي يتناسب مع الشركات الصغيرة والمتوسطة التي بإمكانها توفير احتياجاتها عبر شركات الصرافة.
وتابع أن أزمة نقص الدولار بالبنوك أدت إلى طول فترة انتظار الشركات بالبنوك لحين إصدار خطابات الاعتماد المستندية للإفراج الجمركي عن السلع المُكدّسة في الموانئ المصرية، الأمر الذي يتسبب في إيقاف العمليات التشغيلية من جانب وتكبد الشركات غرامات التأخر في سداد قيمة الشحنة من جانب آخر.
ولفت إلى أن الشركات ينبغي أن تضع سعرًا دفتريًا للدولار يقترب من السعر المتداول في السوق الموازية عند إعداد ميزانياتها للعام الحالي، لأنها قد تضطر في أي وقت للجوء لهذه السوق لتدبير احتياجاتها من النقد الأجنبي. وكان بنك الاستثمار فاروس قد قال في مذكر بحثية خلال يناير/كانون الثاني 2016 إن غالبية الشركات الكبرى العاملة في مصر حددت سعر الدولار في ميزانياتها خلال 2016 بما يتراوح بين 9 إلى 9.5 جنيها.
فيما أكد جمال الدين أن اتحاد الصناعات المصرية حاول مع البنك المركزي حل جانب من أزمة الصناعة عبر قيامه بضخ عدة مليارات من الدولارت في السوق، ولكن مازال هناك فجوة بين النقد الأجنبي المطلوب والمتاح.
وكان طارق عامر محافظ البنك المركزي قد قال في نهاية ديسمبر/كانون الأول، إن المركزي قدم مع البنوك المحلية 8.3 مليار دولار لتغطية طلبات الاستيراد وسداد المستحقات المعلقة للمستثمرين الأجانب.
وتعاني مصر من نقصٍ في العملة الصعبة منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني بسبب عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وتفاقم فجوة العجز بالميزان التجاري إلى 38.8 مليار دولار العام المالي الماضي، وأدت هذه العوامل إلى هبوط احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي من 36 مليار دولار في 2011 إلى نحو 16.477 مليار دولار في نهاية يناير.
من جانبها، قالت منة صادق رئيس قطاع الاستثمار بشركة جي بي أوتو ،وهي واحدة من كبرى شركات توزيع وتجميع السيارات في مصر لـ"العين" الإخبارية إن لجوء شركات السيارات الكبيرة لتجميد نشاطها بات أمرًا شائعًا الآن.
وأضافت أن جي بي أوتو اضطرت هي الأخرى في نهاية سبتمبر 2015 إلى إيقاف العمل في مصانعها لمدة 20 يومًا بسبب نفاذ مدخلات الإنتاج وعدم توافر العملة الصعبة للإفراج عن شحنات مكونات الإنتاج الأجنبية التي تشكل أكثر من 50% من مدخلات إنتاج السيارات في مصر.
وأشارت صادق إلى أن الشركات الكبيرة تضطر إلى انتظار مدة تصل إلى 3- 4 أسابيع حتى تحصل على خطابات الاعتماد المستندية من البنوك، مقارنة بفترة أسبوع واحد قبل حدوث نقصًا في العملة الصعبة منذ العام 2013.
وأوضحت أن جي بي أوتو تتفادي تكرار توقف مصانعها عبر الاحتفاظ بمخزون كافي من مستلزمات الإنتاج، بما يُمكنها من تغطية احتياجاتها خلال فترات شُح العملة الصعبة.
من جانب آخر ذكرت رويترز الأسبوع الماضي على لسان مصدرين لم تسمهما بأن الحكومة بدأت في إعداد الموازنة العامة للدولة 2016 - 2017 وفقا لتقدير العملة الأجنبية عند 8.25 جنيه للدولار مقابل 7.75 جنيه في مشروع موازنة 2015-2016.
وقد علقت وزارة المالية على هذا النبأ، بأن الوزارة اعتادت منذ فترة طويلة أثناء إعداد مشروع الموازنة العامة بوضع عدة افتراضات لسعر الصرف كأسلوب للتحوط، وأنها خاضعة للتعديل بشكلٍ مستمر طوال فترة إعداد مشروع الموازنة.
وأكدت المالية أن البنك المركزى المصري ليس له علاقة بتحديد هذه الافتراضات، نظرًا لأنه يتمتع باستقلالية كاملة في إدارة أمور السياسة النقدية ومنها تحديد سعر الصرف.
ويقاوم البنك المركزي ضغوطًا لخفض قيمة الجنيه عبر طرح 3 عطاءات أسبوعية لبيع الدولار إلى البنوك، في محاولة لدعم سعر صرف الجنيه.
ورغم ذلك خفض "المركزي" قيمة الجنيه مقابل الدولار خلال العام 2015 من 7.05 جنيه إلى 7.83 جنيه على 3 دفعات، وذلك في الوقت الذي يتداول فيه الدولار بالسوق الموازية عند قيمة تتراوح بين 8.60 إلى 8.70 جنيه.
وتتوقع بنوك استثمار أن يستكمل البنك المركزي سياسات خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار خلال العام 2016، حيث رشحت المجموعة المالية هيرميس وصول سعر الدولار إلى 9 جنيهات، في حين رجح بنك الاستثمار فاروس في مذكرة بحثية أن يصل سعر صرف الدولار بين 8.5 جنيه، وهو ما سينعكس في ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
بينما توقع بنك الاستثمار سي آي كابيتال أن يرتفع سعر الدولار إلى 8.20 جنيه بحلول يونيو 2017، ثم يواصل الصعود ليسجل 8.60 جنيه في يونيو 2017.
aXA6IDMuMTM3LjE3OC4xMjIg جزيرة ام اند امز