قبل فوات الأوان.. 7 دروس يجب أن يدركها زيلينسكي لإنهاء الحرب

بعد أكثر من 3 سنوات من القتال العنيف، تجد أوكرانيا نفسها في وضع معقد يفرض عليها إعادة النظر في مسار الحرب المستمرة مع روسيا.
ووفق تحليل لمجلة «فورين بوليسي»، الأمريكية، فقد أثبتت الأحداث أن تحقيق نصر عسكري حاسم أمر بعيد المنال، مما يفتح المجال أمام خيار التفاوض، رغم التنازلات التي قد يتطلبها.
- نتائج اتصال ترامب وبوتين.. شروط ومخاطر في أوكرانيا واتفاق حول إيران
- حرب أوكرانيا.. حسم العديد من بنود اتفاق نهائي لتبريد جبهات القتال
وبينما ينظر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى المستقبل، فإنه مطالب باتخاذ قرارات صعبة تعتمد على دروس الماضي والحقائق الراهنة.
تاريخيًا، أظهرت الحروب الكبرى أن الجمود العسكري لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، إذ يصبح الحل السياسي أمرًا لا مفر منه، كما حدث في الحربين العالميتين، وحرب فيتنام، والصراع الكوري.
واليوم، تواجه أوكرانيا لحظة حاسمة تستدعي التفكير في كيفية إنهاء الحرب دون فقدان المكتسبات التي تحققت، ودون السماح لموسكو بإملاء شروطها بالكامل.
التفاوض.. بين الواقع والطموحات
في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، قدم مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية آنذاك، رؤية جريئة حين أشار إلى أن النصر العسكري الكامل لأوكرانيا قد يكون غير ممكن.
استندت تصريحاته إلى الواقع الميداني، حيث وصلت أوكرانيا إلى حالة جمود عسكري بعد نجاحها الأولي في الدفاع عن أراضيها واستعادة بعض المناطق.
الميزة التي تمتعت بها أوكرانيا في بداية الحرب تضاءلت مع مرور الوقت، حيث بدأت روسيا في استيعاب الضربات وإعادة تنظيم صفوفها.
وبحلول أواخر 2023، أكد فاليري زالوغني، القائد العام للقوات الأوكرانية آنذاك، أن الحرب قد دخلت في مرحلة «القتال الاستنزافي»، ما يعني أن استمرارها سيصب في مصلحة روسيا التي تمتلك قدرة أكبر على تحمل الخسائر وإعادة بناء قوتها العسكرية.
بعد مرور عام على تصريحات ميلي، وجد القادة العسكريون أنفسهم أمام استنتاج مماثل: أوكرانيا بحاجة إلى مخرج سياسي قبل أن تفقد المزيد من مقدراتها البشرية والاقتصادية.
تكلفة الحرب.. خسائر بلا مكاسب
كان بإمكان أوكرانيا إنهاء الحرب مبكرًا في 2023 لو تم تبني مقاربة تفاوضية أكثر واقعية.
لو حدث ذلك، لربما تم إنقاذ أكثر من 300 ألف جندي من القتل أو الإصابة الخطيرة، ولظلت ملايين المنازل والبنى التحتية قائمة دون دمار.
كما أن الاقتصاد الأوكراني، الذي لا يزال أصغر بنسبة 10% مما كان عليه قبل الحرب، كان من الممكن أن يكون في وضع أفضل بكثير.
إضافة إلى الهجرة الجماعية التي شهدتها البلاد، حيث غادر نحو 15% من السكان، تمثل كارثة ديموغرافية ستؤثر على مستقبل أوكرانيا لعقود.
كل هذا يجعل البحث عن مخرج تفاوضي ضرورة استراتيجية، وليس مجرد خيار سياسي.
ترامب.. المتغير الجديد
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يواجه زيلينسكي واقعًا جديدًا.
ترامب، الذي لطالما أبدى موقفًا متحفظًا تجاه دعم أوكرانيا، أوضح خلال لقائه الأخير مع زيلينسكي أن «أوكرانيا لا تربح هذه الحرب».
التصريح كان صادمًا، لكنه يعكس حقيقة واضحة: الدعم العسكري الأمريكي ليس مضمونًا كما كان في السابق.
ترامب، الذي يرى أن الحرب يجب أن تتوقف، يتبنى رؤية براغماتية قد لا تكون في صالح أوكرانيا.
وإيلون ماسك، الذي كلفه ترامب بإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية، عبر عن الأمر بصراحة حين كتب: «استمرار الحرب في حالة الجمود سيؤدي في النهاية إلى خسارة أوكرانيا».
7 دروس يجب أن يتعلمها زيلينسكي
ووفق تحليل «فورين بوليسي»، فإن هناك 7 دروس على زيلينسكي تعلمها للوصول إلى نهاية لهذه الحرب وهي:
1. ترامب هو اللاعب الرئيسي في المفاوضات
ويجب أن يدرك زيلينسكي أن واشنطن لن تستمر في تقديم دعم غير مشروط، وأن التعامل مع ترامب يتطلب تغييرًا في الأسلوب الأوكراني. محاولة الضغط عليه أو التأثير على موقفه قد تكون غير مجدية.
2. أوكرانيا لا يمكنها الإفلات من نفوذ روسيا
كما أن كندا والمكسيك لا تستطيعان الهروب من تأثير أمريكا، فإن أوكرانيا ستظل دائمًا تحت تأثير روسيا، بحكم الجغرافيا والتاريخ.
3. السلام لن يكون مثاليًا، لكنه ضروري
يجب على أوكرانيا التفكير في هدنة طويلة الأمد بدلًا من انتظار اتفاق سلام شامل قد لا يتحقق. النموذج الكوري قد يكون أحد السيناريوهات المطروحة.
4. الانضمام إلى «الناتو» لم يعد خيارًا واقعيًا
إدارة ترامب لن تقبل بضم أوكرانيا إلى الحلف، ما يعني أن كييف بحاجة إلى البحث عن بدائل أخرى لتعزيز أمنها.
5. الضمانات الأمنية الأوروبية ليست كافية
رغم الوعود الأوروبية، فإن الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا قد يكون محدودًا بدون الغطاء الأمريكي.
6. اتفاق السلام يجب أن يكون مستدامًا
لا يمكن لأوكرانيا الدخول في اتفاقية سلام تمنح روسيا الفرصة لإعادة التسلح وشن هجوم مستقبلي. عليها السعي لضمانات فعلية تمنع ذلك.
7. المستقبل يعتمد على العلاقة مع أوروبا
على أوكرانيا أن تركز على تعميق العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، لضمان انتعاشها الاقتصادي على غرار تجربة ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية.
خيار التفاوض لم يعد ترفًا
وبعد 3 سنوات من الحرب، لم تعد أوكرانيا في وضع يسمح لها برفض المفاوضات. فاستمرار القتال بلا استراتيجية خروج واضحة سيؤدي إلى مزيد من الخسائر دون أي مكاسب حقيقية.
وأمام زيلينسكي خياران إما الاستمرار في حرب استنزافية قد تضعف أوكرانيا أكثر، أو التفاوض على اتفاق قد يكون غير مثالي، لكنه يمنح بلاده فرصة لإعادة البناء وضمان مستقبل أكثر استقرارًا.
ووفق التحليل، فإن الحروب لا تنتهي بالشعارات، بل بالوقائع على الأرض، وأوكرانيا بحاجة إلى مواجهة هذه الوقائع بشجاعة، قبل أن تجد نفسها أمام سيناريو أسوأ مما تواجهه اليوم.