المرأة تعول 12.6% من إجمالي الأسر الأردنية
تقرير أحوال الأسرة يعزو أسباب ارتفاع النسبة إلى زيادة حالات الترمل، والطلاق، والهجر، وحتى في حالات أخرى يكون فيها الزوج عاملا بالخارج.
كشف تقرير أحوال الأسرة الصادر عن المجلس الوطني لشؤون الأسرة لعام 2015، عن ارتفاع كبير في نسب الأسر الأردنية التي تعولها امرأة، لتصل إلى 12.6% حالياً، من إجمالي عدد الأسر بالأردن، مقارنة مع 8.8% في عام 1979، فيما بلغت نسبة الأسر التي يرأسها رجل 87.4%.
وعزا تقرير أحوال الأسرة أسباب ارتفاع هذه النسبة إلى زيادة حالات الترمل، والطلاق، والهجر، وحتى في حالات أخرى يكون فيها الزوج عاملا خارج المملكة، فتكون الزوجة هي المسؤولة عن إدارة شؤون الأسرة.
فادية عزمي أم لطفلين، توفى زوجها بسبب تعرضه لحادث أثناء عمله، تقول: "الآن أتحمل مسؤولية عائلتي بالكامل، فأوفر لهم المعيشة المناسبة التي اعتادوا عليها، وبذات الوقت لا أشعرهم أنهم أيتام وأنهم مختلفين عن غيرهم، فأعمل كمدرسة رياضيات، واعطي الحصص الخاصة، فالراتب الذي توفر لنا بعد وفاة زوجي قليل، ولا يكفي لإيجار المنزل حتى، فتوفير الدخل المادي هو أحد التحديات التي أواجهها بعد وفاة زوجي، وأرفض المساعدة من أحد، فلدي يقين بأن المرأة في حالة وفاة زوجها يجب أن ترعى أطفالها، وأن لا تتخلى عنهم".
تضيف : "المشكلة الحقيقة تكمن في المجتمع، فالمجتمع ذكوري، وفي التنشئة الأسرية فلم تعتد الفتاة على القيادة، والكثير من الأسر يحرمون الفتاة حتى من اتخاذ القرار المهم في حياتها، فهذه الشخصيات كيف لها أن تترأس أسرة إن تعرضت لمواقف صعبة في زواجها!".
رجل متغيب
وترى المهندسة سهام القيسي وهي أم لاربعة أبناء، وقد سافر زوجها للعمل في البرازيل في عام 2000، أن نمط الحياة قد تغير نتيجة العولمة، وبشكل أو بآخر أصبحنا نعيش حياة توزع بها المسؤوليات، وتلعب الزوجة دورا كبيرا في منظومة الأسرة، تقول سهام: "عندما سافر زوجي كان ابني الصغير في الصف السادس، والآخرون على أبواب الجامعات، وقد تعرضت لمواقف صعبة معهم، فهم يشعرون أن الأم متساهلة ومن الممكن أن ينحرفوا بسهولة بغياب الأب، ولكن لم يستطيعوا بفضل الله، فقد حرصت عليهم، والآن تزوج معظمهم ويشهدون لي على حسن تربيتي لهم، وكيف مرت أيام صعبة دون تواجد أبيهم، وزوجي كان دائم التواصل معهم ويشعرهم بأهمية احترامي".
تتابع سهام : "أعتقد أن الإحصائية غير دقيقة، وأن الرقم أكبر من ذلك، ولكن الكثير من النساء لا يعترفن بهذا الأمر خوفاً من غضب الزوج، فالمرأة اليوم تساعد الرجل في الدخل المادي للأسرة، وأعرف سيدات كثر متزوجات ولكن السيدة من تعيل الأسرة وتقرر القرارات المصيرية بشأن الأولاد، كون الرجل مريضا، أو غير مبالٍ بالمسؤوليات، والأهل لا يستطيعون مساعدتها، وبالتالي تبقى متزوجة وتقع عليها مسؤوليات الأب والأم بوجود الأب، فهنا الأب موجود بدون دور يقوم به".
الحزم مهم
رئيسة قسم الاستشارات في مركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية، الدكتورة ميسون العتوم، ترى أن هذا الارتفاع له عدة أسباب، من بينها زيادة نسب الطلاق، والأمراض التي تصيب الرجل لتجعله غير قادر على العمل، وأيضاً سفر الزوج للخارج لتوفير الحياة المعيشية الملائمة لأسرته، ومن الممكن وفاة الرجل وغيرها من الأسباب.
كل هذه الأسباب تجعل الأم تلعب دورين وليس دور واحد، وهو أمر في غاية التحدي، ومرهق لها على الصعيد النفسي والجسدي، فتجد نفسها تعمل وتلعب دور الأم والأب وترعى الأطفال وتدرسهم، وتتابع قضاياهم، ويجب أن تظهر لهم بصورة القوية، حتى لا يشعرون بالخوف وعدم الاطمئنان.
تقول العتوم: "إنني عشت تجربة ترأس أسرتي بسبب وفاة زوجي، منذ أن كان عمري 34 عاماً، وكان لدي 3 أطفال، واستطعت بفضل الله عزوجل التوفيق بين العمل والدراسة ورعايتهم، في لحظة ما تشعر الأم أنها لا تستطيع تحمل كل هذه الأمور، ولكن أطفالها يمنحونها القوة، ويجب أن تكون حازمة في بعض الأوقات حتى لا ينحرف الأبناء، فالحزم مهم ويجب أن يشعروا به، وبذات الوقت أن تمنحهم الحنان المضاعف، فهنا تقوم الأم بمسؤوليات كثيرة، ويجب أن تنسق بينهم".
تحديات صعبة بلا شك
رئيسة جمعية معهد تضامن النساء الأردني، المحامية لبنى دواني، تؤكد أن "المرأة اليوم قادرة على تحمل المسؤولية والقيام بها على أفضل وجه، ولكن نعترف أن التحديات التي ستواجهها ستكون كبيرة وليست بالأمر السهل، فالزوجة في العائلة الطبيعية التي يرأسها رجل تشكو دوماً من الضغوطات التي تشعر بها، وهي في هذه الحالة تقع عليها نصف المسؤولية، فوجود الرجل يخفف عنها بلا شك".
وتضيف دواني: "تشعر المرأة بالضغوطات لأنها في أساس تنشئتها لم تعتد على قيامها بأكثر من دور، وترأسها للأسرة هو نتيجة وقوع ظرف غير اعتيادي، كوفاة الزوج، أو الهجر، وهناك أسباب كثيرة لهذه الحالة.. المرأة اليوم وصلت إلى درجة عالية بالتعليم، وأثبتت قدرتها على تحمل المسؤولية، وخضوعها لأي ظرف ستثبت كيف أنها ستكون قادرة على التماشي مع هذه المسؤوليات".