سوريا.. أداة "بوتين" لتجميل الانهيار الروسي
"موسكو" تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ 2008
إعلان روسيا تصميمها مواصلة حملتها العسكرية لدعم النظام السوري يثير تكهنات حول الدافع الذي يجعل إدارة بوتين تصر على موقفها الداعم لدمشق
أثار إعلان روسيا تصميمها على مواصلة حملتها العسكرية لدعم قوات النظام السوري، واتهامها لتركيا بإثارة المزيد من التوتر، تكهنات حول الدافع الذي يجعل إدارة الرئيس فلاديمير بوتين، تصر على موقفها الداعم لدمشق، وهذا الدافع يراه العديد من المراقبين أنه ما هو إلا محاولة للفت الانتباه عن المشاكل الداخلية التي تواجه موسكو.
ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، قال أمس السبت، إن بلاده ستواصل دعم القوات المسلحة السورية في عملياتها ضد من وصفهم بالإرهابيين، موضحًا أنها ستواصل سياستها الرامية إلى ضمان استقرار سوريا ووحدة أراضيها، وذلك بردٍّ منه على إحباط مشروع قرار روسي في مجلس الأمن الدولي ضد تدخل عسكري بري تركي أو دولي محتمل في سوريا.
ورفض 5 من أعضاء مجلس الأمن الدولي، أمس، مشروع القرار الروسي الذي قدمته موسكو خلال اجتماع طارئ للمجلس، ولا يذكر المشروع تركيا أو أي بلد آخر على وجه التحديد، لكنه يشدد على ما يسميه احترامًا كاملًا لسيادة سوريا، ويطالب بالوقف الفوري لأي قصف أو توغل عبر الحدود، والتخلي عن كل محاولات أو خطط التدخل البري في سوريا.
يقول سيرجي اليكساشينكو، نائب رئيس البنك المركزي السابق والعضو في معهد بروكنجز، إن الأزمة الاقتصادية الحالية في روسيا هي الأسوأ منذ 2008، وستؤثر بشكل كبير على شعبية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل انتخابات مارس 2018، حيث إن طموحات روسيا العسكرية ومستقبل روسيا مرهون بوضعها الدولي.
ويوضح اليكساشينكو أن هناك عوامل عدة أدت إلى التدهور الاقتصادي في روسيا، مثل انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية التي تلت أزمة أوكرانيا وانخفاض الاستثمار المحلي والأجنبي منذ 2012. لذلك دفعت تلك العوامل روسيا، نظام بوتين بالتحديد، إلى البحث عن مخرج يضمن لها البقاء كقوة عظمى في العالم مع الحفاظ على شعبية بوتين، الذي لايزال متمسكًا على زيادة الإنفاق العسكري.
وأضاف اليكساشينكو أن الأزمة في سوريا بالنسبة إلى روسيا هي طريقة لإثبات أنها قوة عظمى، حيث إنها تستطيع أن تفعل ما تشاء بالنسبة لسياستها الخارجية.
ويشير العديد من الخبراء الأمريكيين والأوروبيين إلى أن التدخل الروسي في سوريا ما هو إلا عملية للفت الانتباه عن المشاكل الداخلية التي تواجه موسكو، لكن إليكساشينكو أشار إلى أنه على المدى الطويل، ستعمل العقوبات الغربية والسياسة الخارجية التي تتبعها موسكو في العديد من الأزمات إلى إضعاف البنية الاقتصادية الروسية بشكل كبير، وأن روسيا احتاجت الكثير من الاستثمار والتكنولوجيا الغربية التي تشمل المعدات والمعرفة التقنية لتحديث اقتصادها، لذلك لابد لها من خفض لهجتها الهجومية تجاه الغرب لكي لا تفقد ما تبقى من أساسيات اقتصادها الحالي.
ويرى المراقبون أن الوضع في سوريا يستنزف موارد روسيا بشكل تصاعدي، وهي مخاطرة قد تدفع المنطقة بكاملها إلى حرب مفتوحة لأجل زيادة شعبية بوتن، كما فعل في التسعينات مع الشيشان، لكن الأمر هذه المرة يتعدى قابلية موسكو للسيطرة على الوضع، خصوصًا مع كثرة الأطراف المتنازعة والاحتمالات المتصاعدة بتدخل التحالف الإسلامي إلى سوريا، لذا فالحرب المفتوحة في سوريا قد تزيد شعبية بوتين لفترة وجيزة، لكنها لن تستطيع أن تواكب التكاليف الباهظة، خصوصًا مع وضع اقتصادي سيئ يزداد سوءًا.