إنهاء معاناة القيق تبعث الأمل بأن الأسير الفلسطيني يمكن أن يحقق بذلك النوع من الإضرابات مراده، ويرغم سجانه على التنازل.
"الإضراب عن الطعام هو الطريق الوحيد للانتصار ونيل حريتك من سجانك"، ذلك ما يؤكده الأسير المحرر خضر عدنان، بعد نجاح الأسير المضرب عن الطعام الصحفي محمد القيق من انتزاع مطالبه من الاحتلال وتحقيق الانتصار على السجان.
واعتقلت قوات الاحتلال القيق من منزله، في مدينة رام الله 21 شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفي 25 من الشهر ذاته قررت مخابرات الاحتلال تحويله للاعتقال الإداري، وهو ما رفضه القيق بشدة وقرر خوض إضرابه عن الطعام حتى نيل حريته.
ومنذ 25 نوفمبر الماضي، استمر في إضرابه طوال 94 يومًا، رفض خلالها تناول مدعمات طبية، أو إجراء فحوصات طبية في مستشفى العفولة الإسرائيلي المحتجز فيه، وظل متمسكًا بمطلب الإفراج عنه، وإنهاء اعتقاله الإداري، وهو ما جوبه برفض سلطات الاحتلال بمختلف أذرعتها القضائية والأمنية والسياسية.
بارقة أمل:
ويعطي انتصار القيق في إضرابه "بارقة أمل" لآلاف الأسرى، ويبعث الأمل بأن الأسير الفلسطيني يحقق بذلك النوع من الإضرابات مراده، ويرغم سجانه على التنازل، حسب عدنان.
ويصف عدنان لحظات الانتصار الأولى للأسير المضرب، بقوله: "هي لحظات حمد وشكر لله على نعمة الصبر على الإضراب والانتصار على السجان"، ويضيف: "يكون الأسير في لحظة فرح لا توصف .. لا تعادلها أي فرحة أخرى".
وخضر عدنان أول من خاض إضرابًا عن الطعام من أجل حريته، عندما شرع في 18 نوفمبر 2011 في إضرابه عن الطعام لينتزع بعد 56 يومًا قرار حريته من أيدي مخابرات الاحتلال.
والإضراب عن الطعام، هو آخر الوسائل النضالية التي يلجأ إليها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، لتحقيق مطالبهم.
وخاض الأسرى في سجون الاحتلال أول اضراب عن الطعام عام 1968، لمدة 3 أيام، احتجاجًا على سياسة الضرب والإذلال التي كانوا يتعرضون لها على يد جنود الاحتلال، وللمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والإنسانية.
ويقول عدنان لبوابة "العين" الإخبارية، إن "الإضرابات الفردية لنيل الحرية لم تعهدها سلطات الاحتلال من الأسرى من قبل .. إذ يكون مطلب الأسير الإفراج عنه وليس تحقيق قضايا مطلبية وحقوقية".
ويضيف: "الاحتلال مستعد أن يلبي للأسرى المضربين كثيرًا من مطالبهم، إلا مطلب الحرية"، ويتابع "تحقيق هذا المطلب يعني بداية إسقاط الاعتقال الإداري برمته".
و"الاعتقال الإداري" تلجأ له سلطات الاحتلال لاعتقال الفلسطينيين دون تهمة محددة ودون محاكمة، مما يحرم المعتقل ومحاميه من معرفة أسباب الاعتقال.
ويصدر الاحتلال أوامر الاعتقال الإداري بناءً على معلومات سرية لا يحق للمعتقل الاطلاع عليها، وغالبًا ما يتم تجديد أمر الاعتقال الإداري بحق المعتقل لعدة مرات، قد تصل لسنوات طويلة.
وأوقفت سلطات الاحتلال الاعتقال الاداري منذ عام 1977 وحتى عام 1985 ثم أعادت العمل به عام 1985، لتستمر به حتى اليوم، حيث يوجد في سجون الاحتلال أكثر من 600 معتقل إداري من بين 7 آلاف معتقل فلسطيني يتوزعون على سجون الاحتلال ومراكز توقيفه الـ(32).
ويؤكد المحامي رائد محاميد عضو فريق الدفاع عن محمد القيق، أن الأخير انتزع انتصاره بفضل صموده "الأسطوري" أمام جبروت و عناد مخابرات الاحتلال، وتواطؤ جهاز القضاء الإسرائيلي مع المخابرات.
تحدٍّ غير مسبوق في التاريخ"
وقال محاميد لبوابة "العين"، الفضل يعود في انتصار القيق وخنوع الاحتلال إلى صمود القيق وإصراره على حريته، مضيفًا: "حجم التضامن الفلسطيني الكبير والتدخلات القانونية والسياسية المحلية والدولية أرغمت الاحتلال على الاستجابة لمطلب القيق".
وعد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، أن إرادة الحياة التي تحلى بها القيق قد انتصرت على إرادة الموت الإسرائيلية، وأنه سجل بطولة خارقة في تحديه لسياسة الاعتقال الإداري التعسفية، ولقوانين الاحتلال الظالمة، وتحديًا غير مسبوق في تاريخ إضرابات الأسرى على مستوى العالم في النضال من أجل حقوقهم.
ومنذ شروعه في الإضراب عن الطعام، امتلأت مختلف شوارع المدن الفلسطينية، فضلًا عن شوارع العديد من العواصم العربية والغربية بمئات الفعاليات التضامنية مع القيق.
وتصف فيحاء شلش انتصار زوجها في إضرابه بأنه "يوم لا توصف فيه الفرحة بهذا الانتصار العظيم"، يوم يستحق فيه الشعب الفلسطيني وقفة إجلال وإكبار على ما قدم نصرةً لمحمد القيق، وتضامنًا معه، واحتجاجًا على سطوة السجان الإسرائيلي.
وقالت شلش لبوابة "العين"، بعد مخاض طويل وعسير ، كانت صحة محمد تزداد تدهورًا، وحياته مهددة، توج الإضراب الأطول عن الطعام دون مدعمات أو فحوصات طبية، متوجًا بمطالب زوجي.
وذكرت أن زوجها سمح للأطباء ببدء الفحوصات اللازمة له، للشروع بالعلاج التدريجي، مشيرة إلى أن العائلة تنتظر ترتيب إجراءات زيارتها لمحمد في مستشفى العفولة الذي سيمكث فيه لعدة أسابيع لتناول العلاج فيه على أيدي أطباء فلسطينيين.
ويؤكد عدنان أن تجربة محمد القيق يجب أن لا تنتهي عند انتصاره فقط، بل يجب استثمار هذا الانتصار لتأصيل مرحلة جديدة عنوانها إنهاء ملف الاعتقال الإداري لكل الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
aXA6IDMuMTQxLjI5LjkwIA== جزيرة ام اند امز