صندوق النقد الدولي يدعو تونس لإعادة النظر في نموذجها التنموي
الممثل الجديد لصندوق النقد الدولي في تونس روبرت بلوتيفوغل، يدعو السلطات التونسية لإعادة النظر في نموذجها التنموي
دعا الممثل الجديد لصندوق النقد الدولي في تونس روبرت بلوتيفوغل، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، السلطات التونسية التي تفاوض من أجل الحصول على خط ائتمان جديد من الصندوق، إلى إعادة النظر في نموذجها التنموي حتى تحقق نموًّا اقتصاديًّا أقوى وتوفر فرص عمل.
وشهدت تونس في يناير/كانون الثاني الماضي احتجاجات شعبية على الوضع المعيشي، كانت الأوسع منذ ثورة 2011 التي أسقطت نظام زين العابدين بن علي وأسست لإصلاحات سياسية، ولم تتجاوز نسبة النمو في 2015 في تونس 0,8 %، وساهم في جمود الاقتصاد سلسلة اعتداءات دموية استهدفت البلاد.
وقال بلوتيفوغل: "المؤشرات الأولى لدينا لا تنبئ بحصول انتعاش كبير" في قطاع السياحة الذي يشكل أحد أعمدة الاقتصاد التونسي.
وتراجعت إيرادات السياحة في تونس بشكل كبير جراء حالة عدم الاستقرار التي شهدتها البلاد بعد الثورة، وإثر مقتل 59 سائحًا أجنبيًّا في هجومين استهدفا في 2015 متحفًا في العاصمة وفندقًا في سوسة (وسط) وتبناهما تنظيم داعش.
وتابع المسؤول الدولي "الوضع صعب"، مرجحًا أيضًا انخفاض صادرات زيت الزيتون هذا العام، بعدما كانت بلغت مستويات غير مسبوقة السنة الماضية، وتقدمت تونس إلى صف أول مصدر عالمي للزيتون.
ووفرت صادرات زيت الزيتون لتونس في 2015 إيرادات بقيمة الف و995 مليار دينار (919 مليون يورو)، ما مكن اقتصاد البلاد من "تجنب الأسوأ"، حسبما أعلن وزير المالية سليم شاكر.
وأشار بلوتيفوغل إلى أن سنة 2016 "ستكون بمثابة سنة تحقيق استقرار" اقتصادي.
وتابع أن نسبة النمو الاقتصادي المتوقعة في 2016 "لا تستجيب لتطلعات الشعب التونسي، وليست قوية بما يكفي لإحداث فرص عمل للحد من البطالة".
سياسة جديدة
إزاء هذا الواقع، دعا مسؤول صندوق النقد الدولي السلطات التونسية إلى تغيير سياستها المالية الحالية.
وقال: "نواجه مشكلة في تركيبة ميزانية الدولة، في الواقع، تم التحكم في العجر الجملي للميزانية، وهذا شيء جيد، لكن تركيبة النفقات تدهورت وعرفت كتلة الرواتب زيادة هامة".
وأشار إلى أن تونس اصبحت تخصص اعتمادات مالية كبيرة في ميزانيتها لرواتب موظفي القطاع العام، معتبرًا ذلك أمرًا "غير مؤات للاستثمار والنمو".
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد خلال زيارة إلى تونس أن قيمة "فاتورة الأجور المتنامية في القطاع العام" تعادل نحو 13 % من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، معتبرة أنها "من أكبر فواتير الأجور في العالم".
وقال مسؤول الصندوق في تونس: "يجب عكس هذا الاتجاه وتوجيه النفقات نحو الاستثمارات العمومية التي تلعب دورًا هامًّا جدًّا في استئناف النمو والحد من التفاوت المناطقي".
وتابع "لكي يشمل النمو الأكثر ضعفًا والمناطق المحرومة، يتعين فعلًا إعادة تشغيل الماكينة الاقتصادية لتونس".
وتساءل "كيف نفعل ذلك؟ هذا بالضبط (..) ما نحن بصدد مناقشته مع الحكومة".
وقال: "نحن متفقون على أنه لا يجب أن نستدين لمجرد الاستدانة"، داعيًا إلى "وضع أسس نمو شامل واعادة صياغة نموذج التنمية" في تونس حتى تتمكن البلاد من تحقيق نسب نمو "أقوى وأسرع" وتوفر فرص عمل للعاطلين عن العمل.
وطلبت تونس خطًّا ائتمانيًّا جديدًا من صندوق النقد الدولي لا تقل قيمته عن 1،7 مليار دولار، حسبما أعلن محافظ البنك المركزي شادلي العياري في سبتمبر /أيلول الماضي.
وكان الصندوق منح تونس في 2013 خط ائتمان بقيمة 1,7 مليار دولار على عامين (تم تمديدهما سبعة أشهر) بهدف دعم الانتقال الديموقراطي فيها.
وقال بلوتيفوغل لوكالة فرانس برس، إن مفاوضات الصندوق مع الحكومة التونسية حول خط الائتمان الجديد "تتقدم بشكل جيد".
وأضاف "نحن متفقون على الهدف من الإصلاحات الكبرى، وعلى تشخيص الاقتصاد ووضعه الراهن. هناك تناغم تام في وجهات النظر والآن المناقشات تتركز خصوصا على روزنامة التنفيذ".
وذكر أن برنامج المساعدة الجديد يمتد على 4 سنوات، وأن مجلس ادارة الصندوق سيتخذ قرارًا بخصوص هذا البرنامج في 22 أبريل/نيسان القادم.
وأشار إلى أن برنامج المساعدات الأول "جرى في ظروف صعبة"، موضحًا أنه ترافق مع "تباطؤ النمو" الاقتصادي في منطقة اليورو، الشريك الاقتصادي الأول لتونس، والأزمة في ليبيا المجاورة لتونس والغارقة في الفوضى.
ولفت إلى أن الانتقال الديمقراطي في تونس "استغرق وقتًا أكثر من المنتظر وترافق مع تظاهرات اجتماعية" وبروز المسألة الأمنية منذ "الهجمات الإرهابية في 2015".
وأقر بأن تونس "أظهرت بعض المرونة"، إذ استطاعت "المحافظة على توازناتها المالية الكبرى وتمكنت الحكومة من تحقيق استقرار في الاقتصاد، كما حققت السلطات "تقدمًا هامًّا" في إصلاح قطاعات عدة مثل المالية عبر "إعادة هيكلة البنوك العمومية".
لكنه أضاف أن "هناك بعض التحديات ونقاط الضعف التي لا تزال قائمة".
aXA6IDE4LjIxNi41My43IA== جزيرة ام اند امز