"الحشد الشعبي" .. ميليشيات الموت الطائفية
الميليشيا تتألف من 42 فصيلًا أبرزها، كتائب "حزب الله العراق"، والتي تُعَد أشرس فصائل "الحشد" وأكثرها سرية، وهي تتبع إيران مباشرة.
مسلحون يعدمون طفلًا رميًا بالرصاص، وآخرون ينحرون رقبة شاب في وضح النهار، وهناك من يقتلون النساء والشيوخ ويهدمون المنازل والمساجد .. جرائم ليست حكرًا على تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق، لكنها ارتبطت أيضًا بميليشيات "الحشد الشعبي" التي أصبحت مرادفًا للموت والخراب في بلاد الرافدين.
البداية كانت في 13 يونيو/حزيران 2014، عندما أطلق آية الله علي السيستاني، فتوى دعا فيها العراقيين إلى الجهاد بعد الانهيار السريع للجيش العراقي أمام "داعش"، ما أدى إلى اتخاذ رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي قرارًا بضمها للجيش العراقي في 7 أبريل/نيسان 2015.
هذه الميليشيا المسلحة تتألف من 42 فصيلًا، أبرزهم: سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر، ومنظمة بدر "الجناح العسكري" الذي انفصل عن المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بقيادة عمار الحكيم.
وهناك أيضًا كتائب "حزب الله العراق"، والتي تُعَد أشرس فصائل "الحشد" وأكثرها سرية، وهي تتبع إيران مباشرة، وتكمن قوتها في خبراتها القتالية التي اكتسبتها من المعارك ضد الأمريكان منذ نشأتها في 2007، بالإضافة إلى "عصائب أهل الحق" التي انشقت عن "الصدر"، و"حركة حزب الله النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء"،و"سرايا الجهاد والبناء"، و"كتائب التيار الرسالي"، وسرايا الخرساني، وسرايا عاشوراء، وسرايا العتبات.
وتستمد هذه الميليشيا قوتها من الغطاء السياسي الذي تمنحه لهم الحكومة العراقية، إلى جانب البعد العشائري والمذهبي، فضلًا عن الدعم الخارجي المتمثل في إيران.
ساهمت الصبغة المذهبية الطائفية، في بلورة تحركاتهم على الأرض، والتي لم تقتصر فقط على محاربة "داعش"، بل امتدت لتصفية واستهداف المواطنين السُّنة دون تمييز، لترتقي أفعالهم إلى "جرائم حرب" بحسب آخر تقارير منظمة "هيومان رايتس ووتش"، الصادر في 31 يناير/كانون الثاني 2016.
فقد أشار التقرير إلى أن هذه الميليشيات اختطفت وقتلت العشرات من السُّنة المُقيمين في بلدة تقع وسط العراق، وهدموا منازل ومتاجر ومساجد سُنية، في أعقاب تفجيرات تبنتها داعش، مطلع هذا العام.
فعلى سبيل المثال قامت هذه العصابات المسلحة بإعدام نحو 90 شابًّا سُنيًّا بالمقدادية في ليلة 11 يناير/كانون الثاني 2016، كما تورطت في تصفية سيف طلال، مُراسل صحفي، وحسن العنبكي، مصور، يعملان في محطة الشرقية التلفزيونية يوم 12 يناير في بعقوبة، عاصمة مُحافظة ديالي، فضلًا عن تدمير المساجد، والتي بلغت بحسب الإحصائيات غير الرسمية نحو 12 مسجدًا.
ولم يقتصر الأمر فقط على ما سبق، بل امتد إلى منع أهالي تكريت من العودة إلى منازلهم بعد تحرير المدينة من قبضة داعش، في يونيو 2015.
ولفتت تصريحات طبية محلية، إلى أن الحكومة تدعم هذا القرار لخشيتها من كشف جرائم ميليشيات "الحشد الشعبي" في محافظة صلاح الدين وبالتحديد في تكريت.
فيما أشارت تقارير أهلية إلى أن 8 آلاف منزل داخل البلدة، قد تعرضت للنهب والسلب ثم التدمير بالعبوات الناسفة.
وكان تقرير للأمم المتحدة قد صدر في أبريل/نيسان 2015، كشف عن ارتكاب ميليشيات الحشد الشعبي والقوات العراقية "جرائم حرب"، حيث تم بث فيديو أظهر طفلًا عراقيًّا تم اعتقاله من جانب هذه العصابات المسلحة في ديالي، للاشتباه بكونه ينتمي إلى "داعش"، وتم إعدامه ميدانيًّا وهو مكبل الأيدي، في جريمة حرب مكتملة الأركان وواضحة المعالم.
اللافت في الأمر، أن بعض رجال دين الطائفة وقادة قوات الأمن، اعترفوا في يناير/كانون الثاني الماضي، بالعنف الطائفي ضد السُّنة وطالبوا بضبط النفس؛ حيث طالب السستاني، الحكومة "بعدم السماح بوجود الميليشيات خارج إطار الدولة"، كما قال هادي العامري، قائد فيلق بدر، إن استهداف السُّنة "جريمة لا تختلف عن جريمة الإرهاب".
ورغم هذه الاعترافات، وتلك الوقائع التي وثقتها المنظمات الدولية، وإدانتها للحكومة العراقية، التي تدفع رواتب هذه الميليشيات، بارتكاب جرائم حرب، إلى أن العالم لم يتحرك ساكنًا، أمام هذه الجرائم التي لا تختلف عن جرائم "داعش" الإرهابي.