مصادر دبلوماسية مصرية تقول إن القاهرة رشحت وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية خلفاً للعربي
قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن القاهرة رشحت وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية خلفاً لنبيل العربي، الذي رفض تجديد ولايته التي تنتهي في يوليو/ تموز المقبل.
وكان العربي قد أعلن الأحد عدم رغبته في تولي هذا المنصب لولاية ثانية، عقب انتهاء ولايته الأولى في يوليو/ تموز المقبل.
ويشغل العربي المنصب منذ 15 مايو/ آيار 2011 وسينتخب الأمين العام الجديد يوم 15 مايو/ آيار المقبل.
وفور إعلانه عدم الترشح لولاية ثانية، أعلنت وزارة الخارجية المصرية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي تقدم بمرشح مصري جديد – لم تذكر اسمه- "ذي ثقل وخبرة دبلوماسية كبيرة" إلى الملوك والرؤساء والقادة العرب لشغل منصب أمين عام جامعة الدول العربية وأن مشاورات رفيعة المستوى تُجرى حاليا للحصول على الدعم العربي للمرشح المصري.
وزادت التكهنات حول ترشيح مصر أبو الغيط أو وزير الخارجية الحالي سامح شكري حال عدم التوافق على الأول، لكن المصادر قالت إن مصر راسلت وزراء الخارجية العرب حول ترشيح "أبو الغيط" مؤكدةً أنه سيلقى قبولاً واسعاً من الدول العربية وخاصةً الخليجية.
وقال مسؤول في الجامعة العربية- مطلع على الملف- إنه تم ترشيح أبو الغيط لمنصب الأمين العام ويجري حاليا التوافق عليه من قبل الدول الأعضاء.
وأوضح المسؤول أن اسم "أبو الغيط" تم طرحه قبل انعقاد القمة العربية الماضية في مدينة شرم الشيخ وتم التوافق على ترشيحه وحسم المقعد ليكون خلفا للعربي، وذلك بحسب صحف محلية.
وتابع أنه تم تأجيل ذلك بسبب أحداث اليمن وبدء عاصفة الحزم تزامنا مع أعمال القمة، مشيراً إلى أن هناك ترشيحا إضافيا لوزير الخارجية المصري سامح شكري في حالة عدم التوافق على أبو الغيط من قبل الدول الأعضاء.
وكان الإعلامي المصري جابر القرموطي قد قال فى برنامجه "مانشيت" الأحد إن الرئيس المصري قرر بنسبة 90% أن يكون وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط أميناً عاماً لجامعة الدول العربية.
وكشف عن أنه كان هناك ترشيح من قبل البعض لتولي سامح شكري، وزير الخارجية الحالي المنصب لكن القيادة السياسية المصرية رفضت هذا الترشيح.
موقفه من إيران والإخوان والإرهاب
ويعرفُ أبو الغيط في الوسط الدبلوماسي المصري بأنه دبلوماسي كلاسيكي يميل لتوخي الحيطة والحذر ولانتقاء الكلمات بعناية زائدة، لكن مواقف إيران المستفزة في المنطقة العربية جعلته يتخذا موقفا صارما حيالها، كما أن له موقفا واضحا بضرورة محاربة الإرهاب واقتلاع جذوره من الدول العربية.
ويرى مراقبون أن لهذه الأسباب قد يجد ترشيح أبو الغيط لهذا المنصب قبولاً لدى بعض الدول العربية وبخاصةَ الخليجية.
ففي 26 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2010 اتهم أبو الغيط إيران بالوقوف وراء التصعيد الذي أدى إلى الحرب على غزة، وحملها المسؤولية الكاملة لما يعيشه أهالي القطاع من فقر ودمار وخراب.
وحذر وزير الخارجية المصري الأسبق طهران من التدخل في الشأن الداخلي لدول الخليج والعراق ولبنان، رافضا ما سماه استخدام طهران للبلاد العربية كأوراق في تنافسها مع القوى الغربية.
وفى 10 يناير/ كانون الثاني نشر أبو الغيط مذكراته قال فيها إن جماعة الإخوان في مصر كانت جزءاً ظاهراً خافياً في اللعبة المصرية الأمريكية، وكانت العصا والجزرة في ذات الوقت.
لكن هناك من يعيب على " أبو الغيط" انتماءه لنظام حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
وعن ترشيح أبو الغيط لهذا المنصب قال خبراء لبوابة العين الإخبارية إنها خطوة إيجابية لما يتمتع به من علاقات حكمية وبخاصة مع القادة العرب.
وقال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة الدكتور محمد حسين إن ترشيح أبو الغيط للمنصب يعد خطوة إيجابية في السياسة المصرية، نظرًا لما يمتلكه من علاقات حكيمة وهادئة ومتعددة الأطراف مع الجميع تؤهله لإدارة المواقف العربية باتزان ودون صدام مع أحد.
وأضاف: "أبو الغيط كان وزير خارجية مصر ولم يكن وزير خارجية مبارك، لذلك أي أخطاء حدثت في هذا العهد يتحملها رئيس الجمهورية وليس الوزير"، لافتاً إلى أن وزارة الخارجية هي الحقيبة الوزارية الوحيدة التي توصف في العلوم السياسية بتغيرها وفقًا لاتجاهات الرئيس.
وقال مساعد وزير الخارجية السابق السفير حسين هريدي إن لأبو الغيط علاقات قوية تربطه بالملوك والأمراء العرب، ما قد يدعم قبوله من جميع الدول العربية لقيادة الجامعة العربية.
ولفت إلى أنه يتمتع بنظره ثاقبة حيال الكثير من القضايا العربية وتوليه المنصب إضافة إلى الجامعة العربية، كما أن ترشيحه سيكون خطوة مهمة في السياسية المصرية الخارجية، مشيراً إلى أن مواقفه السابقة من إيران وتدخلها في شؤون الخليج ستجعله يجوز دعما خليجيا.
وقال مساعد وزير الخارجية السابق، معصوم مرزوق: "لقد أتيح لي أن أعرف أبو الغيط عن قرب، وأشهد أن حبه لمصر لا يقل عن حب أي مصري مخلص، واشتهر بانضباطه الشديد، ويعرف كل من عمل معه أنه كان أول من يصل إلى مكتبه وآخر من يغادره، وهو عف اللسان، حسن المعشر، ولديه من الكثير من الخصال الشخصية الكريمة".
وعن انتقاد البعض له قال إن وزير الخارجية "في ظل أي نظام لا يصنع السياسة الخارجية، وإنما يتولى الإشراف على تنفيذها وفقاً لرؤى مؤسسة الرئاسة، ولقد كان الوزير السابق يجتهد شأنه شأن كل من تولوا هذا المنصب قبله".
ومنذ تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945 شغل مصريون منصب الأمين العام باستثناء التونسي الشاذلي القليبي الذي شغل المنصب عام 1979 بعد نقل مقر الجامعة إلى تونس احتجاجا على اتفاقات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل. وعادت الجامعة العربية إلى القاهرة عام 1990.
والتحق أبو الغيط بوزارة الخارجية في 1965 وأصبح على رأسها في 2004
وظل متنقلا في دروب سلك الدبلوماسية المصرية خلال أربعة عقود، مثّل فيها القاهرة في عواصم ومحافل كبيرة حتي تكليفه برئاسة دبلوماسية بلاده عام 2004.
والتحق أبو الغيط بوزارة الخارجية في أوج الحقبة الناصرية عام 1965، رغم حصوله علي بكالوريوس في التجارة من جامعة القاهرة حيث بدأ في التدرج الوظيفي تنقل أثناءه بين السفارات المصرية في نيقوسيا وموسكو وروما ونيويورك حتى تولي ممثلاً لبلاده لدى الأمم المتحدة في 1999 ولمدة خمس سنوات.