إنفوجرافيك وصور.. أوسكار 2016: صدمات وتوقعات
تشكل جوائز "أوسكار"، في الدورة الـ88 صدمةً تتناقض وترشيحات رسمية عديدة، على الرغم من أن إحداها تتوافق وتوقّعات مُساقة منذ 14 يناير 2016
تُشكِّل النتائج النهائية لجوائز "أوسكار"، في الدورة الـ88 المُقامَة في "مسرح دولبي" في لوس أنجلوس مساء الأحد (فجر الاثنين بتوقيت أبوظبي)، صدمةً تتناقض وترشيحات رسمية عديدة، على الرغم من أن إحداها تتوافق وتوقّعات مُساقة منذ 14 يناير 2016، مع إعلان الترشيحات هذه.
ولئن تتمثّل الصدمة في خروج "ذا ريفننت" لأليخاندرو غونزاليس إيناريتو بـ3 جوائز فقط من أصل 12 ترشيحاً، فإن التوقّع المتحقَّق منعكسٌ في فوز الممثل ليوناردو دي كابريو بإحدى هذه الجوائز، بعد أعوام مديدة من الانتظار، وبعد 5 ترشيحات أحدها في فئة أفضل ممثل ثانٍ ("بوابة العين الإخبارية"، الأحد 28 فبراير 2016). علماً أن الفيلم نفسه ينال جائزتي أفضل إخراج، وأفضل تصوير لإيمانويل لوبيزكي.
والصدمة متأتية أيضاً من "إخفاق" أفلام عديدة أخرى من تحقيق جزء من التوقّعات، أو من ترجمة ترشيحاتٍ إلى جوائز. فمن أصل 6 ترشيحات، يفوز "سبوتلايت" لطوم ماكارثي بجائزتين اثنتين، أولى في فئة أفضل فيلم يحصل عليها المنتجون مايكل سوغار وستيف غولن ونيكول روكلن وبْلاي باغون فاوست، وثانية في فئة أفضل سيناريو أصلي لجوش سينغر والمخرج ماكارثي نفسه؛ ومن بين 5 ترشيحات، يحصل "النقص الكبير (The Big Short)" لآدم ماكاي على جائزة واحدة أيضاً، في فئة أفضل سيناريو مقتبس لتشارلز راندولف وماكاي، عن كتاب "النقص الكبير: داخل آلة يوم القيامة" لمايكل لويس، الصادر في العام 2010.
في السياق نفسه، هل يُمكن اعتبار عدم فوز "ذيب" للأردني ناجي أبو نوّار بـ"أوسكار" أفضل فيلم أجنبي، بمثابة صدمة سلبية؟ للبعض حقٌّ في إعلان خيبة من الفشل، إذ إن الفيلم -المرشَّح باسم المملكة الأردنية الهاشمية- يتمتّع بصفات سينمائية متماسكة في بنائها الفني الدرامي الجمالي. والمادة المروية مكتوبة بسلاسة ومتانة تخلو من كلّ ثرثرة كلامية، وتتيح للصورة، غالباً، فرصة التعبير والبوح والسرد البصري. في حين أن بعضاً آخر لم يتوقّع الفوز، لأن الأفلام الـ4 المنافسة له لا تقلّ جودة وحرفية سينمائيتين لافتتين للنظر، خصوصاً الفيلم الفائز "ابن شاول" للهنغاريّ لازلو نيميس ("بوابة العين الإخبارية"، 7 نوفمبر 2015).
فـ"ابن شاول" -الذي يروي وقائع 3 أيام فقط مطلع أكتوبر 1944 في معتقل "أوشفيتز"، أثناء المحرقة اليهودية- يرتكز على جماليات الصورة في سرد بعض تفاصيل الجريمة النازية، من دون إظهارها مباشرة، بل بمواربة فنية تولي أهمية قصوى للشريط الصوتي في تبيان الفعل الجُرمي، بدلاً من الانسياق البصري وراء إثارة المشاعر بطريقة مسطّحة. في حين أن "ذيب" الأردني يتابع رحلة صبيّ خارج حدود قبيلته، في العام 1917، في سعيه إلى اكتشاف الدنيا والتحوّلات الحاصلة حينها، في الجغرافيا الصحراوية والإنسانية والحياتية أيضاً.
إلى ذلك، يُمكن القول إن صدمةً من نوع آخر تُحدثها النتائج. فـ"ماكس المجنون: طريق الغضب" لجورج ميلر، المُرشَّح لـ10 جوائز، ينال 6 منها، في الفئات التقنية البحتة: أفضل ديكور لكولن غيبسون وليزا تومبسون، وأفضل أزياء لجيني بيفان، وأفضل ماكياج لليسلي فاندروالت وإلكا وارديغا وداميان مارتن، وأفضل مونتاج لمارغريت سيكسل، وأفضل مونتاج صوت لمارك آ. مانغيني وديفيد وايت،وأفضل ميكساج صوتلكريس جانكينس وغريغ رودلف وبن أوسمو.
بعيداً عن الصدمة والتوقّعات، تحتمل نتائج الدورة الـ88 هذه، التي تُنظّمها "أكاديمية فنون السينما وعلومها" في لوس أنجلوس سنوياً منذ العام 1927، تعبيراً عن توجّه سينمائيّ ينبع من مقاربة أحوال العالم وتبدّلاته الخطرة، من خلال "تكريم" الصورة "الأباكوليبسية" للعالم هذا (ماد المجنون)؛ أو من خلال التركيز على أصول مهنة الصحافة المكتوبة ومفردات عملها في كشف بعض المخبّأ في ثنايا البيئة الاجتماعية (سبوتلايت)؛ أو على توقّد ذكاء فرديّ في التنبّه الباكر للانهيار المالي ـ العقاريّ الأمريكي (النقص الكبير)؛ أو بتبيان المسارب البشرية لثنائية الخير والشرّ، المفتوحة على أسئلة الثأر والصداقة والأبوّة، ضمن أطر سينمائية منصرفةٍ إلى إعلاء شأن الصورة كأداة تعبير (ذا ريفيننت).
أما ليوناردو دي كابريو، فلن يكون فوزه عابراً في مسيرته المهنية، خصوصاً أنه متأتٍ بفضل تأديته أحد أصعب أدواره، وأكثرها إثارة لجدل نقدي، إذْ يمزج فيه بين حساسية الأبوّة ووحشية المحيط الجغرافي والإنساني، وبين قسوة الطبيعة المتداخلة بقسوة الفرد. لذا، فإن الجائزة هذه مدخلٌ إلى مرحلة جديدة في الأداء، على الرغم من قناعة نقدية عامّة تفيد بأن الممثل الشاب مواظبٌ على تطوير دائمٍ لأساليب اشتغالاته التمثيلية، مُضيفاً إليها اهتماماته الإنتاجية المكمِّلة لرغبته في العثور على كلّ جديد ممكن في السينما.
الأفلام الـ3 المنضوية في جوائز التمثيل الأخرى تُقدِّم عوالم تقع في الحدّ الفاصل بين "بشاعة" الخارج و"صفاء" الداخل الفرديّ، وإنْ يُعاني الداخل هذا تمزّقات وخيبات، وإنْ يواجه تحدّيات.
ذلك أن بري لارسون، الفائزة بـ"أوسكار" أفضل ممثلة عن دورها في "غرفة" لليني أبراهامسون، تجد نفسها أسيرة حجرة ضيّقة يضعها فيها خاطفٌ لا يتردّد عن اغتصابها، فتُنجب منه ابناً تمضي معه داخل الغرفة نفسها 5 أعوام، قبل أن ينجحا في الخروج من العزلة إلى أمكنة تطرح مزيداً من أسئلة الانتماء والعلاقات والهوية والعزلة والوحدة والإحباط.
ومارك ريلانس ينال "أوسكار" أفضل ممثل ثانٍ عن دوره في "جسر الجواسيس" لستيفن سبيلبيرغ، الذي يستعيد أجواء الحرب الباردة بين المعسكرين الغربيّ والشرقيّ، في إطار سينمائيّ يضع الواجب المهني في مقابل سؤال أخلاقيّ حول إنسانية الجاسوس، ومعنى المقايضة، وبنية الصدام الدولي.
في حين أن آليسيا فيكاندر، التي تحصل على "أوسكار" أفضل ممثلة ثانية عن دورها في "الفتاة الدنماركية" لتوم هووبر، تشارك في عمل يعود إلى ثلاثينيات القرن الـ20 في الدنمارك، لسرد حكاية أول امرأة متحوّلة جنسياً.
هذا جزءٌ أساسيّ من اللائحة الطويلة لجوائز "أوسكار 2016"، الممنوحة لأفلام أمريكية مُنتجة ومعروضة في الصالات التجارية خلال العام 2015. الأفلام الفائزة وغير الفائزة تستمر في عروضها المتنوّعة هنا وهناك، وتفتح مزيداً من آفاقٍ لمتع العين والروح والانفعال، على الرغم من قسوة الحياة وانقلاباتها المدوّية، ومن ثقل التاريخ ـ الفردي والجماعي ـ المنفلش في الخارطة العامة للناس والبيئات والثقافات.
الجوائز الأخرى
أفضل مؤثّرات بصرية لمارك ويليامس آردنغتون وسارة بينيت وبول نورّيس وأندرو وايتهورست، عن عملهم الفني في "أكس ماشين" لألكس غارلاند.
أفضل أغنية أصلية لـ"الكتابة على الجدار"، كلمات وموسيقى لجيمي نابس وسام سميث، في "شبح" لسام مانديس.
أفضل موسيقى تصويرية لإينّيو مورّيكوني، عن تأليفه موسيقى "البغيضون الثمانية" لكوانتين تارانتينو.
أفضل فيلم تحريك لـ"داخل ـ خارج" لبيت دوكتر وروني دل كارمن.
أفضل فيلم وثائقي لـ"آمي" لآصيف كاباديا وجيمس غاي ـ ريس.
أفضل فيلم قصير لـ"ثقيل اللسان" لسيرينا آرميتاج وبنجامن كليري.
أفضل فيلم تحريك قصير لـ"قصّة دبّ" لباتو إسكالا بيارارتوغابرييل أوسوريو فارغاس.
أفضل فيلم وثائقي قصير لـ"فتاة في النهر: ثمن الغفران" لشارمين أوبايد ـ شينوا.