بعد 20 سنة على حرق دورها.. السينما تعود إلى غزة
الفلسطينيون في قطاع غزة استمتعوا بأول أمسية يقضونها في السينما منذ أن أدت التوترات السياسية إلى حرق دور العرض قبل 20 عامًا.
استمتع الفلسطينيون في قطاع غزة بأول أمسية يقضونها في دار للعرض السينمائي منذ أن قادت التوترات السياسية إلى حرق دور العرض قبل 20 عامًا.
ولم تعد أفلام هوليود بعد لكن الإسلاميين من حركة حماس الذين يسيطرون على القطاع الآن يبحثون عن شيء يعتبرونه غير مبتذل، لكن آلات العرض دارت مرة أخرى في دار سينما جديدة اقتصرت عروضها حتى الآن على أفلام عن النضال الفلسطيني والدولة الفلسطينية، ويبلغ سعر التذكرة 2.50 دولار.
واتخذ نحو 150 فلسطينيًّا مقاعدهم أمام شاشة العرض الأسبوع الماضي في قاعة جمعية الصليب الأحمر -وهو مكان عادة ما يستخدم لإقامة الاحتفالات وتقديم العروض التقليدية- لمشاهدة فيلم "معطف كبير الحجم"، والفيلم من إخراج الفلسطيني المقيم في الأردن نورس أبو صالح، وأنتج عام 2013، ويتناول حياة الفلسطينيين في الفترة من 1987 حتى 2011، وهي فترة شهدت فشل جهود السلام وانتفاضتين مناهضتين لإسرائيل.
وأشادت آلاء قاسم وهي إحدى الحضور التي لم تشاهد السينما من قبل بالتجربة الجديدة.
وقالت آلاء التي كانت رضيعة عندما احترقت آخر دار للعرض السينمائي في غزة أثناء القتال بين فصائل فلسطينية: "أنا مبسوطة جدًّا... لكن وين الذرة الفشار؟".
وكانت السينما مزدهرة ذات يوم في غزة، وفي خمسينات القرن الماضي عندما تولت مصر إدارة القطاع كان السكان يرتادون دور السينما لمشاهدة الأفلام العربية والغربية والآسيوية، لكن هذه الدور أضرمت فيها النار في عام 1987 عندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وأصلحت جميعها لكنها أحرقت مرة أخرى أثناء اقتتال داخلي في عام 1996.
وما زالت ملصقات إعلانات أفلام باهتة بعضها بالعبرية ويرجع تاريخها لـ 20 عامًا عندما كانت غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي معلقة على الجدران المتفحمة لما كانت ذات يوم واحدة من أكبر دور العرض في قطاع غزة.
وحطمت نوافذها قبل فترة طويلة وغطى الجرافيتي جدران المبنى سواء للإشادة بقتال إسرائيل أو للدعاية لشركات صغيرة.
لكن الصورة اختلفت تمامًا أثناء العرض يوم الخميس الماضي في قاعة جمعية الصليب الأحمر.
وصلت العائلات في نزهة ليلية وعندما انطفأت الأنوار استخدم بعض الحضور كاميرات هواتفهم المحمولة لتصوير أفلام خاصة عن الحدث.
وقال باسل عطوان وهو مخرج مسرحي من غزة كان قد شاهد أفلامًا في دور السينما القديمة بالقطاع "غزة جوعى للسينما .. حرمان الناس في غزة من دور السينما والمسارح هو انتقاص لإنسانيتهم".
حشود غامرة
ومع القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل ومصر على حدود غزة لا يستطيع سكان القطاع البالغ عددهم 1.9 مليون نسمة مغادرته؛ لذلك تشاهد الأفلام في المنازل على التلفزيون أو أجهزة تشغيل الإسطوانات المدمجة.
وقال حسام سالم من شركة عين ميديا التي رعت عرض يوم الخميس الماضي، إن المبادرة بدأت قبل شهرين عندما أقبل حشد ضخم من نحو 250 شخصًا إلى قاعدة جمعية الصليب الأحمر لمشاهدة الفيلم الأول.
وكانت الشركة تعتزم في بادئ الأمر تقديم عرض أسبوعي أيام السبت لكنها أضافت عرضًا آخر خلال الأسبوع استجابة لطلبات على صفحتها على موقع للتواصل الاجتماعي.
وأثناء عرض يوم الخميس قال الجمهور أنهم راضون عن الأفلام التي تتحدث عن النضال الفلسطيني لكنهم يريدون مشاهدة الأفلام الروائية المصرية والغربية وأفلام الحركة ونجوم مثل توم كروز سيلفستر ستالون.
وقال سالم، إن وزارة الداخلية التي تديرها حماس يجب أن توافق على محتوى الأفلام قبل عرضها. وأضاف أن هذا قد يعني محو مشاهد تعتبر غير لائقة.
وقال سالم، إنه لم يواجه ذلك بعد إذ إن الأفلام التي اختارها للعرض حتى الآن "تناسب العادات والتقاليد التي تربينا عليها".
وحماس المنخرطة في صراع مع إسرائيل وفي منافسة مع الفلسطينيين العلمانيين في الضفة الغربية المحتلة تستثمر منذ فترة طويلة في الأخبار التلفزيونية وعلى الإنترنت والبرامج التعليمية وحتى أفلام الكارتون التي تروج لآرائها.
لكن الفنانين المستقلين يقولون، إن السلطات تسارع بالاعتراض على المحتوى الذي لا تراه متمشيًا مع التعاليم الإسلامية في القطاع المحافظ، وتصف حماس تدخلها في إنتاج الأفلام والإنتاج التلفزيوني بأنه ضئيل.