هيلاري كلينتون تقترب من الفوز بانتخابات الرئاسة. لكن النساء الأمريكيات، لسن متحمسات لوصول هيلاري إلى مقعد الرئاسة.
تُعد هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، رائدة في الولايات المتحدة، حيث لم تصل امرأة إلى القرب من الفوز بانتخابات الرئاسة كما حدث في حالة هيلاري. لكن النساء الأمريكيات، خصوصا اللاتي ولدن في الألفية، لسن متحمسات لوصولها إلى مقعد الرئاسة، حيث يعتبرها الكثير منهن مجرد وجه جديد لتقليد قديم في الولايات المتحدة.
في إحصائية نشرتها مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، وجد أن منافسها في الحزب الديموقراطي، بيرني سانديرز قد جمع 53% من الأصوات النسائية. حيث إن 82% من هذه الأصوات هن تحت سن الـ30 عاما.
ويعتبر ذلك مؤشرا واضحا على ابتعاد الصوت النسائي من هيلاري، حيث هناك أسباب عدة لعدم رغبة النساء في التصويت لصالح كلينتون، توضحها الكثير من وجهات النظر التي نشرت عن هذا الموضوع في مجلة بوليتيكو الأمريكية.
تقول مولي روبيرتس، كاتبة في جريدة هارفارد كريمزون، إن رئاسة كلينتون ستكون الأولى من نوعها خلال الـ227 سنة الماضية، لكن الكثير يرونها، خصوصا النساء، لا تختلف عن المرشحين الرجال لهذا المنصب. وتوضح مولي أن كون هيلاري امرأة ليس كافيا لتحصل على الدعم من الأمريكيات، حيث إنها من الطبقة الغنية في الولايات المتحدة ووضعها وعلاقاتها سمحا لها بالترشح بسهولة، لكن إذا ما كانت تنتمي لعرق آخر أو تأتي من أسرة فقيرة، فمن المحتمل أن يشجع ذلك النساء الأمريكيات على التصويت لصالح هيلاري.
وفي سياق آخر، أكدت مولي أن الكثير من النساء الأمريكيات لا يكترثن بكون هيلاري امرأة من الأساس، حيث إنها في نظر الكثير منهن لا تمثل الوجه الحقيقي لما تعانيه النساء في الولايات المتحدة من عدم المساواة في الأجور والمناصب.
وتقول جيل شيلي، مؤلفة كتاب عن السيرة الذاتية لهيلاري كلينتون، إن الكثير من النساء يعتقدن أن ميزة هيلاري كانت لكونها زوجة رئيس سابق ووزيرة سابقة. وإن ذلك لا يعكس الكفاح الحقيقي لكثير من النساء لتولي المناصب العليا في الحكومة الأمريكية. حيث يعتقد الكثير منهن أن علاقات زوجها، الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، كانت السبب في وصولها إلى الحقيبة الوزارية في حكومة أوباما الأولى، وحصولها على الدعم المادي واللوجستي لحملاتها الانتخابية.
وتوضح جيل أن النساء بين 18 إلى 34 عاما يردن التغيير في التو واللحظة، حيث لديهن أمنيات مثالية عن التغيير الذي يجب أن يحدث في مجالات الحقوق والقيود المفروضة على النساء في الأجور والمناصب، وهو أمر مستبعد نظرا لتعقد هذا الموضوع وتغلغله في الكثير من المؤسسات الخاصة والعامة الأمريكية.
وتقول سادي دويل، صحفية، إن هيلاري نفسها ليست لديها مشكلة مع الأمريكيات الشابات، لكن لديها مشكلة مع الشباب الأمريكيين عموما، حيث إن 80% من الشباب تحت سن الـ30 صوّتوا لسانديرز في ولاية نيوهامشر. وتوضح سادي أنه لا يجب وضع المشكلة تحت بند النساء الأمريكيات فقط، لأن ذلك لا يمثل المشكلة الحقيقية التي تواجه هيلاري مع الجيل الجديد في الولايات المتحدة، والتي يمكن تلخيصها في الوضع الاقتصادي الصعب لكثير من الشباب في الولايات المتحدة، خصوصا من ينتمون للأعراق الأخرى.
بيج تاير، صحفية ومؤلفة، توضح أن هناك أسبابا أخرى لعزوف الشابات الأمريكيات عن التصويت لها، منها طريقة هيلاري في إلقاء خطاباتها، والقضايا التي تناقشها خلال تلك الخطابات. حيث إن نبرة كلينتون العالية والحازمة تنفّر العديد من الشباب من التصويت لها، ويعتبرها الكثير، خصوصا النساء، نبرة تنمّ عن الأمر وليست الإقناع.
فيديو عن إحدى خطابات هيلاري كلينتون:
فيديو لكلينتون وهي تعنّف أحد الطلاب:
وتضيف بيح أن طريقة معالجة هيلاري للقضايا، مثل الإسكان والعدالة والفرص التعليمية والتوظيف، تنم عن عدم معرفة واضحة بالمشاكل الحقيقية التي تواجهها النساء في تلك القضايا. وأوضحت بيج أن هيلاري شخصية قوية تدعمها أطراف كثيرة، لا تنظر بجدية إلى الدعم النسائي لها لعدم قدرتها على مناقشة القضايا التي تمسّهن في المقام الأول.
وتقول إليزابيث هولتزمان، المحامية وممثلة مدينة نيويورك في الكونجرس من 1973 إلى 1980، إن الكثير مصدومون من خسارة هيلاري للصوت النسائي لصالح بيرني سانديرز. ليس لكونها امرأة، ولكن بسبب أن الكثير يرون أن هيلاري تسعى لمصلحتها الشخصية، ويتمثل ذلك في طريقة خطابها بقول "أنا" وليس "نحن". وتضيف إليزابيث أن تلك الرؤية تؤثر سلبا على صورة هيلاري، ليس فقط أمام النساء بل يشمل ذلك الشباب بشكل عام.
سالي كوين، صحفية ومؤلفة، تقول إن خطاب بيرني سانديرز أكثر جاذبية للنساء، حيث إن خطاباته تركز أكثر على دمج المرأة العاملة الأمريكية في الشؤون المحلية والتشريعية، خصوصا ما يتعلق بملفات التوظيف والأجور. وتضيف سالي أن هيلاري قد تخطت مرحلة الإقناع، حيث إن أي محاولات لتغيير سياساتها أو خطاباتها لن تنجح نظراً للصورة السلبية التي تكوّنت لدى النساء الأمريكيات عنها وعن خططتها التي تركز فقط للفوز بمقعد الرئاسة على حساب قضايا النساء في الولايات المتحدة.
وتشرح لاتويا باتيرسون، نائبة رئيس التحرير في شبكة آي إس بي إن، أن تعقيد كلينتون للملفات المطروحة ينفر الشباب من التصويت لها، حيث إن الجيل الحالي هو أكثر الأجيال إلماما ومعرفة بالأمور من أي وقت سبق. وتضيف أن الكثير من الشابات يرين في هيلاري المرشحة "الأقل ضررا" و"الأقل شرا" مقارنة بالجمهوريين، ولكن هناك الكثير من المناقشات في وسائل التواصل الاجتماعي عن التفكير الجدي في مقاطعة الانتخابات الحالية، خصوصا النساء اللاتي لا يرين في هيلاري تمثيلا حقيقيا لهن.
والجدير بالذكر أن بعد خسارة هيلاري أمام سانديرز، اعترفت هيلاري بحاجتها إلى العمل بشكل أفضل لجذب الشباب إلى صفها. حيث إن النساء خصوصا يبحثن عن الإجابات عن المشاكل التي تحيط بهن بشكل يومي، والتي عجزت هيلاري عن مخاطبتها خلال المراحل الماضية في سباق الرئاسة الأمريكي.
إذا أرادت هيلاري أن تستميل النساء الأمريكيات في خلال المراحل القادمة، فعليها تغيير لغة خطابها وطريقة معالجتها للقضايا النسائية.
aXA6IDE4LjExNy45OS4xOTIg جزيرة ام اند امز