هدوء في مناطق الهدنة قبل أيام من المفاوضات السورية
مناطق الهدنة السورية تعيش يومًا هادئًا، فيما تستعد الأمم المتحدة لبدء جولة مفاوضات جديدة الأسبوع المقبل
تشهد المناطق التي تشملها الهدنة في سوريا يومًا، هو الأكثر هدوءًا منذ وقف الأعمال القتالية قبل 9 أيام، في وقت تستعد فيه الأمم المتحدة لاستضافة ممثلين عن الحكومة والمعارضة الأسبوع المقبل في جولة مفاوضات جديدة.
وأعلن موفد الأمم المتحدة إلى سوريا، ستافان دي مستورا، أمس السبت، أن الجولة الثانية من المفاوضات السورية غير المباشرة ستبدأ عمليًّا في العاشر من الشهر الحالي في جنيف، في حين لم تتخذ المعارضة بعد قرارها بالمشاركة.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، إن "اليوم هو الأكثر هدوءًا في المناطق التي يشملها اتفاق وقف الأعمال القتالية منذ دخوله حيز التنفيذ ليل 27 فبراير/شباط الماضي".
وتستثني الهدنة، بموجب اتفاق أمريكي روسي، تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، ومجموعات إرهابية أخرى، لتقتصر المناطق المعنية على الجزء الأكبر من ريف دمشق، ومحافظة درعا جنوبًا، وريف حمص الشمالي وريف حماة الشمالي (وسط)، ومدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي.
وأشار عبدالرحمن إلى اشتباكات محدودة في ريف اللاذقية الشمالي (غرب)؛ حيث تتواجد جبهة النصرة مع فصائل إرهابية أخرى.
ويطرح استثناء جبهة النصرة صعوبات في توثيق الهدنة كونها تتواجد في محافظات عدة، وغالبًا في تحالفات مع فصائل إرهابية.
وينعكس وقف إطلاق النار على حصيلة القتلى، ولم يشهد اليوم حتى اللحظة سقوط خسائر بشرية في مناطق الهدنة، مقارنة مع حوالي 12 قتلوا أمس، وفق المرصد.
وأشار عبدالرحمن إلى "انخفاض الخسائر البشرية من مدنيين بنسبة 90% ، ومن مسلحين سواء عناصر من قوات النظام أو الفصائل المقاتلة بحوالي 80%" مقارنة مع ما كانت تشهده سوريا قبل الهدنة.
ووثق المرصد في مناطق الهدنة خلال 9 أيام مقتل 148 شخصًا، بينهم 37 مدنيًّا و52 عنصرًا من الفصائل الإرهابية والمقاتلة و26 من قوات النظام و25 من جبهة النصرة ومجموعات حليفة لها، وتستثني هذه الحصيلة المعارك مع تنظيم داعش.
ويتواصل القصف والمعارك في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش؛ إذ تدور اشتباكات مع قوات النظام في محيط مدينتي تدمر والقريتين في ريف حمص الشرقي، كما تستهدف طائرات حربية مواقع إرهابيين في محافظة دير الزور (شرق) والواقعة تحت سيطرة داعش.
وتشهد سوريا منذ حوالي خمس سنوات، نزاعًا أسفر عن مقتل ما يزيد عن 270 ألف شخص وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها ودمار هائل في البنية التحتية.
وباءت جهود دولية عدة لحل هذا النزاع بالفشل طوال تلك السنوات، إلا أنه من شأن التطورات الأخيرة في الملفين العسكري والإنساني، أن تفتح الطريق أمام تقدم سياسي أيضًا.
وتضغط القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة وروسيا لإنجاح المفاوضات الجديدة، التي تعقد بموجب قرار لمجلس الأمن الدولي ينص أيضًا على وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون 6 أشهر، وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرًا، دون التطرق إلى مصير الرئيس السوري.
جولة تفاوض جديدة
وبعد فشل الجولة الأولى في بداية فبراير/شباط الماضي في جنيف، أجبر دي ميستورا على تعليقها مرات عدة.
وتختلف الجولة الجديدة من المفاوضات عن مبادرات الحل السابقة بأنها تترافق مع اتفاق وقف الأعمال القتالية ومساعدات للمدنيين المحاصرين.
إلا أن الهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية التي تشكلت في الرياض، لم تتخذ قرارها بالمشاركة حتى اللحظة.
وقال المتحدث باسمها منذر ماخوس، اليوم السبت، لفرانس برس إن "الهيئة لم تتخذ قرارًا حتى الآن بشأن المشاركة" في المفاوضات المرتقبة، وتنتظر حصول تقدم في الملف الإنساني وفي احترام اتفاق وقف إطلاق النار (...) وما حصل حتى اليوم غير كاف لمشاركتنا، وفي حال حصول تقدم سنشارك بالتأكيد".
وكانت الهيئة حضرت إلى الجولة الأولى للمشاركة في المحادثات وليس للتفاوض، حسب تعبيرها وقتها؛ إذ طالبت بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي ينص على إيصال مساعدات إنسانية وحماية المدنيين من القصف.
إلا أن دي ميستورا اعتبر أن "وقف العمليات القتالية هش، وليست هناك ضمانة بالنجاح، لكن هناك تقدمًا وكان مرئيًّا ولا يمكن لأحد أن يشكك فيه، ويكفي أن تسأل السوريين.. وسيقولون ذلك".
وأكد أن الأمم المتحدة أوصلت خلال الفترة الأخيرة مساعدات إلى 115 ألف شخص، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن العدد يبقى "غير كاف، لدينا أكثر من 300 ألف شخص آخرين"، ووعد بمواصلة إيصال المساعدات.
ويعيش حاليا وفق الأمم المتحدة 486 ألف شخص في مناطق محاصرة في سوريا، كما يبلغ عدد السكان الذين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها 4,6 ملايين نسمة.
aXA6IDMuMTI4LjIwMC4xNjUg جزيرة ام اند امز