قوات الاحتلال فرضت قيودًا مشددة على حركة الفلسطينيين داخل قطاع غزة ومنه إلى خارجه، ليتحول إلى سجن كبير.
تبدد حلم الأكاديمي الفلسطيني زكي عابد في الالتحاق بمنحة الزمالة التي فاز بها في إحدى الجامعات الأمريكية، بعدما تعذر سفره من قطاع غزة؛ بسبب القيود على حرية الحركة.
وقال عابد، وهو أكاديمي بجامعة الأزهر بغزة لبوابة "العين"، إنه فاز بمنحة زمالة في جامعة أمريكية، وهي منحة مهمة بالنسبة للأكاديميين وتفتح آفاق التعاون والاستفادة من تجربة الجامعات الأمريكية، إلا أنه لم يتمكن من الالتحاق بها بسبب إغلاق المعابر.
وذكر أنه لم يتمكن من السفر عبر معبر رفح المغلق، أو عبر معبر "إيرز" ببيت حانون، حيث تقدم 3 مرات للحصول على ورقة عدم الممانعة الأردنية إلا أنه تم رفضه.
ويعيش في قطاع غزة قرابة مليوني نسمة، يعانون من حرية الحركة من القطاع إلى خارجه في ظل الإغلاق المتواصل لمعبر رفح، وهو المنفذ الوحيد مع العالم الخارجي دون المرور عبر الاحتلال الإسرائيلي الذي يضع قيودًا كبيرة على السفر عبر معبر إيرز، وهو المنفذ الوحيد الآخر المتاح لحركة الأفراد من غزة إلى إسرائيل.
وثيقة وشروط السفر:
وكشفت وثيقة أعدها منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، عن وضع تصور يمكن من خلاله السماح لأهالي قطاع غزة السفر للخارج عبر الضفة الغربية ومِن ثَمَّ إلى الأردن، ضمن شروط وصفها حقوقيون فلسطينيون بـ"التعجيزية".
وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن الوثيقة تقترح تسهيل سفر الغزيين ضمن شروط من بينها: يسمح بالسفر عبر معبر الملك حسين مع الأردن بشرط العودة عبر ذات المعبر، لكن بعد عام على الأقل من تاريخ السفر.
كما تتضمن الوثيقة، تحديد عدد المسموح بسفرهم، بحيث لا يزيد عن 100 شخص أسبوعيًّا، كما يشترط أن يكون السفر لأحد الأسباب التالية: "علاج طبي خاص، أو اجتماعات خاصة، أو طلاب الدراسات العليا خارج البلاد".
ووفق الوثيقة فإن "كل مواطن في قطاع غزة معني بالدخول إلى إسرائيل والضفة الغربية لغرض التوجه إلى خارج البلاد لأهداف شخصية مختلفة، يمكنه ذلك، ولكن بشرط أن يتعهد كتابيًّا بعدم العودة عن طريق إسرائيل إلى قطاع غزة خلال سنة، وفقط بعد إجراء فحص أمني مفصل".
وتشترط الوثيقة أيضًا على مقدم الطلب أن يحصل على مصادقة الأردن على عبور أراضيها، كما أن السفر إلى المعبر يكون بمجموعات فقط، وبمرافقة عسكرية أو بمرافقة ممثل رسمي عن السلطة الفلسطينية.
محاولة تجميلية:
وأشار الحقوقي الفلسطيني، عبد الحليم أبو سمرة، إلى أن المقترح الإسرائيلي محاولة تجميلية للحصار تهدف إلى الالتفاف حول المطلب العادل برفع الحصار وإتاحة حرية الحركة بشكل كامل.
ولفت أبو سمرة في حديثه لبوابة "العين" إلى أن الاحتلال يفرض منذ قبل تأسيس السلطة قيود على الحركة، ومنع الفلسطينيين وشددت هذه القيود عام 2000 حيث فُرضت قيود جديدة على قطاع غزة للعبور عن طريق معبر بيت حانون "إيرز"، ومنع الطلاب من قطاع غزة من الدراسة في جامعات الضفة.
وفي عام 2005، وبعد تنفيذ خطة الانسحاب الأحادي من قطاع غزة منع الاحتلال أهالي غزة من العمل داخل الأراضي المحتلة عام 48، فيما فرض الحصار المحكم عام 2007 حيث أغلقت المنافذ جميعها بما فيها معبر رفح البري الذي يُعَد معبرًا فلسطينيًّا عربيًّا.
ويؤكد أبو سمرة، أن القيود الإسرائيلية تتنافى مع معايير حقوق الإنسان الدولية التي تنص على حرية السفر، وهو حق أصيل يترتب على حرمانه انتهاك العديد من الحقوق الأخرى مثل حقوق التعليم والتنمية والصحة وغيرها.
قيود داخلية:
ولا يقتصر تقييد حرية حركة لفلسطينيين في غزة على منعهم من السفر خارج القطاع، إنما يمتد ليشمل تقييد الحركة داخل القطاع نفسه.
ويوضح ياسر عبد الغفور، نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن الاحتلال يفرض منطقة عازلة برية وبحرية في قطاع غزة، بقوة النار، مشددًا على أن منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم وإلى مناطق الصيد يُشكل انتهاكًا لأحكام القانون الإنساني الدولي، وقانون حقوق الإنسان الدولي.
وأشار عبد الغفور في حديثه لـ"العين" إلى أن الاحتلال فرض هذه المنطقة بشكل أحادي وغير قانوني بعد إعادة انتشاره خارج أراضي القطاع عام 2005، وأصر عليها رغم التفاهمات التي جرت في اتفاقات التهدئة على رفعها.
ولفت في هذا الصدد إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل له في شهر سبتمبر 2012 عقب العدوان الإسرائيلي الواسع على القطاع، والذي نص على توسيع المسافة التي يسمح فيها بالصيد في البحر من 3 إلى 6 أميال بحرية، ولكن هناك تضاربًا بشأن المسافة التي تمتد إليها هذه "المنطقة العازلة"، ما أدى إلى تزايد المخاطر على سلامة المدنيين وممتلكاتهم في المناطق الحدودية.
وتمتد المنطقة العازلة على طول الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل شرقي القطاع بطول 40 كلم بعمق يتراوح بين 300 – 700 متر.
ويؤكد عبد الغفور أن المناطق المحظور على الفلسطينيين الوصول إليها، تعرضت إلى تغييرات في المساحات والمسافات بين الحين والآخر، وهي تحرم المزارعين من استغلال هذه الأراضي في الزراعة أو حتى الإعمار ما يمثل "انتهاكًا للقانون الدولي".
aXA6IDMuMTQ1LjY4LjE2NyA= جزيرة ام اند امز