"باب العامود" .. "قبلة" الفدائيين ضد تهويد القدس
"باب العامود" كان مسرحاً لأكثر من 15 عملية فدائية، منذ اندلاع الانتفاضة الحالية مطلع أكتوبر الماضي، آخرها 3 عمليات طعن وإطلاق نار
لفت تركيز العمليات الفدائية عند أبواب القدس القديمة الأنظار مجدداً إلى ما تعانيه المدينة من الإجراءات الإسرائيلية المكثفة لطرد الفلسطينيين منها لإحلال المستوطنين مكانهم، في إطار مخطط يهودي استراتيجي لهدم المسجد الأقصى.
وباب العامود كان مسرحاً لأكثر من 15 عملية فدائية، منذ اندلاع الانتفاضة الحالية مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، آخرها 3 عمليات طعن وإطلاق نار، نفذت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وهو ما دفع الصحافة الإسرائيلية لتطلق عليه "بوابة الإرهاب".
يواجه باب العامود اليوم أقسى إجراءات أمنية وعسكرية تستهدف القدس القديمة منذ احتلالها في يونيو/ حزيران 1967، حسب المؤرخ المقدسي د.يوسف النتشة.
و"باب العامود" أشهر أبواب القدس القديمة الأحد عشر، يتكون من مدخل وعقد وبرج وموزع وممر، ويعلو المدخل ثقوب مدببة ذات طابع أمني ونقش التأسيس، ويسد فتحة المدخل (الباب) مصراعان من الخشب المصفح بالنحاس، ويبلغ عرضه نحو أربعة أمتار ونصف.
ويقول النتشة لبوابة "العين" الإخبارية: "يعبر من ذلك الباب آلاف الأشخاص يومياً، يخضعون لإجراءات شرطة الاحتلال المهينة للكرامة البشرية"، مضيفاً " لا تستثني تلك الإجراءات طلبة المدارس والنساء والشيوخ الكبار".
دلالات سياسية
ويربط المحلل السياسي راسم عبيدات ازدياد عدد العمليات الفدائية في باب العامود، بالإجراءات الأمنية المستفزة لآلاف الفلسطينيين يومياً على أبواب القدس القديمة، ويقول "هذه العمليات رد طبيعي على إجراءات الاحتلال بحق الفلسطينيين وخصوصاً المقدسيين".
تلك العمليات تحمل دلالات سياسية مهمة جداً في هذه المرحلة، حسب ما يقول عبيدات، لبوابة "العين"، مضيفا: "أن منفذي العمليات عند أبواب القدس وباب العامود تحديداً قطعوا مسافات طويلة واجتازوا كل الحواجز العسكرية والعوائق الأمنية الإسرائيلية للوصول إلى قلب القدس وتنفيذ عملياتهم الفدائية في هذه المنطقة المقدسة لدى الفلسطينيين جميعاً".
ويضيف المحلل المقدسي، أن العمليات في باب العامود تؤكد أن بوصلة الفلسطينيين لم تنحرف رغم الانقسامات الداخلية والخلافات، " اختيار النقطة الأقدس في فلسطين لم يكن من فراغ .. إنها حسابات دقيقة لجيل الشباب الفلسطيني تؤكد أن الفلسطينيين لن يتهاونوا مع تهويد القدس والأقصى".
ويشير النتشة إلى سلسلة إجراءات إسرائيلية اتخذتها مؤخراً في باب العامود لإحكام سيطرتها على البلدة القديمة، لافتاً إلى قطع شرطة الاحتلال الأشجار المحيطة بالباب، ووضعت كاميرات مراقبة في كل زاوية، وعززت عناصرها فيه، وضاعفت إجراءاتها القمعية المذلة خلال تفتيشها الفلسطينيين المارين من الباب.
أبواب القدس
تمتد الأبواب على طول سور المحيط بالقدس القديمة منذ العهد الكنعاني، قبل أن يعاد بنائه بشكله الحالي في عهد السلطان سليمان القانوني، قبل خمسة قرون، بأبراجه الـ(34) وأشهرها اللقلق، وكبريت، وأبوابه الأحد عشر.
ولا يدخل أحد البلدة القديمة وصولاً إلى المسجد الأقصى وكنيسة القيامة ومرافق البلدة الأخر، إلا من أبوابها السبعة المفتوحة "العامود، الخليل، الساهرة، المغاربة، النبي داوود، الأسباط، الحديد"، فيما الأبواب الأربعة المغلقة " الرحمة، المفرد، الثلاثي، المزدوج".
وحسب النتشة فإن جميع الأبواب في قبضة سلطات الاحتلال الإسرائيلية منذ العام 1967، فهي تسيطر عليها، وتتواجد قواتها على الأبواب بكثافة، وتتخذ من الإجراءات الأمنية والعسكرية الصارمة بحق الداخلين والخارجين من الأبواب، وتضيق على حركة سكان البلدة الأصليين في مساعي واضحة لحملهم على الرحيل منها.
ويشير المؤرخ الفلسطيني إلى الإجراءات الإسرائيلية المكثفة الهادفة لاقتلاع نحو 30-32 ألف مقدسي يسكنون البلدة القديمة، لإحلال المستوطنين بدلاً عنهم في البلدة القائمة على مساحة كيلو متر واحد.
ويجزم عبيدات أن كل الإجراءات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية "لن تحول دون دفاع الفلسطينيين عن قدسهم وأقصاهم ومقدساتهم التي تتعرض لتهويد وتدمير كبيرين دون أن يتحرك العالم للجمها".
سياسة الخداع
ويؤكد وزير شؤون القدس عدنان الحسيني، أن التفكير بالعقلية الأمنية لا يجدي نفعا، محذراً من نتائج الحرب الشاملة التي تشنها حكومة نتنياهو على القدس.
وحذر الحسيني من الانجرار وراء سياسة الخداع التي يمارسها بينيامين نتنياهو وادعاءاته بالحفاظ على الوضع القائم في المسجد الاقصى، فيما على أرض الواقع يمعن في اجراءاته التعسفية بحق المقدسيين.
ويؤكد وزير شؤون القدس لبوابة "العين" أن هذه السياسات تشير إلى حالة من الهستيريا أصيبت بها الأجهزة الرسمية الاسرائيلية، والفشل الذريع في تهويد وتمرير الاهداف التوسعية، وإلغاء الصبغة الفلسطينية العربية عن مدينة القدس المحتلة.
وحذر من تداعيات استمرار التعنت الاسرائيلي والتنكر للحقوق الفلسطينية، داعياً نتنياهو الى ادراك حقيقة الوجود الازلي الفلسطيني العربي في الأرض المقدسة، وإنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية والعودة الى حدود الرابع من يوينو/حزيران عام 1967.