النزاع السوري يدخل عامه السادس في ظل هدنة غير مسبوقة بين النظام والمعارضة يصعب التكهن بصمودها
يدخل النزاع السوري عامه السادس في ظل هدنة غير مسبوقة بين النظام والمعارضة يصعب التكهن بصمودها، لكن تعول عليها القوى الدولية للدفع في اتجاه حل سياسي لحرب مدمرة تسببت بأزمة لاجئين ضخمة تجتاح أوروبا.
ويعد عام 2015 عام التحولات الكبيرة في النزاع السوري؛ إذ شهد تدخلا روسيا جويا نجح في تغيير المعطيات العسكرية على الأرض لصالح قوات النظام، ولعب دورًا في التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال القتالية يستثني تنظيم داعش وجبهة النصرة اللذين يسيطران على أكثر من نصف الأراضي السورية.
وتتزامن ذكرى اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد في منتصف مارس/آذار 2011 مع جولة محادثات سلام تعقد في جنيف برعاية الأمم المتحدة، وسط ضغوط من الدول الكبرى، سعيًا إلى حل لنزاع أسفر عن مقتل أكثر من 270 ألف شخص، وتشريد نصف مليون سوري داخل البلاد وخارجها، ما انعكس أكبر أزمة للاجئين في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
وبدأت الأزمة في 15 مارس/آذار 2011 بسلسلة تظاهرات طالبت بإصلاحات ثم بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، لكنها وجهت بحملة قمع عنيفة.
وما لبثت أن تطورت إلى نزاع دام بين قوات النظام ومعارضين حملوا السلاح، ثم إلى حرب مدمرة متعددة الجبهات تدخلت فيها أطراف إقليمية عدة، وصولا إلى بروز إرهابيين الذين احتلوا أجزاء واسعة من البلاد ونشروا الرعب فيها.
ويقول مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار "تركت سوريا لتنمو فيها حروب بالوكالة لا علاقة لها بالمطالب الأصلية للشعب السوري"، مضيفًا أن التدخل الروسي شكل "من دون أي شك منعطفًا حاسمًا في الحرب".
وساعد هذا التدخل النظام الذي كان مني في السنوات السابقة بخسائر فادحة في "تمكين سيطرته على سوريا المفيدة"، وهو الاسم الذي يطلق على المناطق التي تضم العدد الأكبر من السكان والتي تشمل دمشق ومناطق في وسط وغرب البلاد تتمتع بتواصل جغرافي.
وتسيطر قوات النظام حاليا على 30 في المئة من الأراضي السورية؛ حيث يعيش أكثر من 60 في المئة من السكان الموجودين في البلاد.
ويقول الباحث في معهد كارنيغي للشرق الأوسط يزيد صايغ لفرانس برس "التدخل الروسي وضع النقاط على الحروف: "لا نستطيع إسقاط بشار الأسد".
ولا يوجد أي مؤشر حاليا يوحي برحيل الأسد في وقت قريب، رغم إصرار المعارضة على هذا الطلب الذي ستحمله مجددًا إلى المفاوضات في جنيف.
وخلافا للتوقعات، صمد وقف لإطلاق النار تم التوصل إليه من خلال اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة منذ بدء سريانه في 27 فبراير/شباط.
وسمحت هذه الهدنة بتحديد موعد للمفاوضات التي يفترض أن تنطلق الاثنين، وستركز على تشكيل حكومة جديدة وصياغة دستور جديد للبلاد وتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية.
إلا أن الهوة لا تزال كبيرة بين القوى الكبرى، ويقول صايغ "بات واضحًا للأمريكيين أنه لا بد من القيام بتنازلات (...)، ولكنهم في الوقت ذاته غير مستعدين للقبول ببقاء الأسد إلى ما لا نهاية".
وحسب صايغ، "يشترط الأمريكيون على الأقل رحيله في بداية المرحلة الانتقالية أو وسطها أو نهايتها، وهذا موقف لم يقبل به الروس حتى الآن".
ويبقى السؤال برأيه "هل سيسمح للأسد بالترشح لدورة رئاسية جديدة؟ هذه نقطة جوهرية".
وتدرك واشنطن وموسكو أن عدم التوصل إلى حل سياسي سينهي اتفاق الهدنة، ويقول صايغ "إذا لم تتعزز الهدنة باتفاق سياسي، فالقتال سيعود تدريجيا".
ويرى بيطار أن أزمة المهاجرين أسهمت في تغيير الأولويات، لا سيما بالنسبة إلى الغربيين الذين كانوا يطالبون في بداية النزاع برحيل الأسد الفوري.
ويقول "الهاجس الأوروبي المتعلق بتدفق اللاجئين كان أحد العوامل الرئيسية التي دفعت في اتجاه إعادة النظر في السياسات في سوريا، وجعلت من فرض الاستقرار على المدى القصير أولوية مطلقة، على حساب أهداف أخرى سياسية أو استراتيجية".
aXA6IDE4LjE5MS4yMDAuMjIzIA==
جزيرة ام اند امز