إيران التي ظهرت بالأمس معلنةً بكل قبحٍ ووقاحة، أنها أحكمت قبضتها على الوطن العربي، تناست أن للعرب نفوسًا أبية تأبى الخضوع والخنوع.
أضحى المشهد العربي واضحًا وجليًّا في التعامل مع الأزمات وما يحيط بالمنطقة من تقلبات تعكر صفو جوه ونقاء أنفاسه، فلقد أخذت المملكة العربية السعودية زمام الأمور، ولم تتركها لحديثي العهد بالسياسة الذين تذهب بهم الرياح حيثما اشتهت سُفن العابثين، ولم يعد هناك حرب باردة تدور رحاها خلف جدران أجهزة الاستخبارات قلقًا على شعور المواطنين من الخوف والرهبة، فهذه الحرب لم يعد لها جدوى في ظل استشراءٍ بات واضحًا لعملاء إيران في الوطن العربي، وكأنهم خلايا سرطانية، فذاك يقدس وهذا يمول وذلكم يضحي بنفسه وعقله في خدمة الملالي.
إيران التي نجحت في غرس بذرة شرها في الوطن العربي عام 1981 في تراب لبنان بذريعة أنها بذرة ستنمو وتزهر أغصانها التي ستظل لبنان يوما ما وتقيها من حرِّ إسرائيل، فنمت وربت بعد أن اقتاتت من دم اللبنانيين وتمكنت جذورها البغيضة من أحشاء لبنان حتى أصبح هشيمًا تذروه الرياح !!
إيران التي ظهرت بالأمس القريب معلنةً بكل قبحٍ ووقاحة، أنها أحكمت قبضتها على الوطن العربي، تناست أن للعرب نفوسًا أبية تأبى الخضوع والخنوع، ويبدو كذلك أنها تناست معركة ذي قار التي كسرت أنياب إيران فيها بصفعةٍ من العرب حين سولت لها نفسها مس كرامتهم وعزتهم .
واليوم بعد أن أصبح اللعب (على المكشوف) وخرجت القوة المضادة على سطح، هبت عاصفة الحزم في اليمن ليشاهد العالم احتراق الورقة التي رُسِم عليها النمر الإيراني في اليمن، ولم يبقَ من جسده سوى رأسه البغيض والذي دنى قطفه بعد تحرير تعز، ولسوف يدفن في صنعاء بإذن الله بأيدي البواسل من جنود قوات المملكة العربية السعودية والامارات وأشقائهم من قوات التحالف العربي وأبطال المقاومة الشعبية، ولا شك أن بعد الهزائم التي يتلقاها الملالي سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا قد جافى النوم عينيه خوفًا ورهبة، فالوضع بعد اتحاد قلوب أغلب العرب والمسلمين على قلب رجلٍ واحد، أصبح ينبئ بزوال مشروعٍ تجاوز ربع قرن من التخطيط والتنفيذ والتضحية بمقدرات الشعب الإيراني في سبيل تحقيق ثورتها المزعومة، فما بالنا إذا ما اتحد العرب والمسلمين جميعًا .
ضربتين في الرأس توجع .. فما بالك حين تتوالى الضربات هنا وهناك، فالسعودية حظرت حزب الله واعتبرته إرهابيًّا، وكذا فعل بقية العرب مع تحفظ على هذا الاعتبار من قبل الرؤوس العميلة التي لا تمثل أبناء شعبها، وهناك في اليمن لم يتبقًّ لها شيء سوى الحطام، وفي سوريا الأسد حليف إيران وعميلها إن صح التعبير، لم يعد نظام بشار يقوى على شيء خصوصًا في ظل انتباه قادة الخليج العربي للمثلث الروسي الإيراني السوري، فسارعوا إلى زعزعة هذا المثلث بحنكة سياسية منعت إيران من أن تحركه كيفما شاءت، وأجبرت الدب الروسي على أن يضعف أمام حرارة شمس الخليج وينأى بفروه عنها، علاوة على القيود والتدابير والإجراءات التي فرضتها واتخذتها دول الخليج على المستثمرين الموالين لنظام الملالي، والضغوط السياسية والاقتصادية على الدول العظمى للحد من الانفتاح الذي تنويه مع هذا النظام .
الحرب على إيران لم تعد حبيسة الأدراج وخلف الجدران، بعيدة عن أعين المواطن العربي والمسلم، الذي أصبح شريكًا في هذه الحرب بوعيه وإدراكه لحجم الخطر الذي يحدق بما تبقى من وطنه العربي، مما دفع الدول لأن تقف صفًّا مرصوصًا خلف المملكة العربية السعودية، وإن كان بعضها قد وقف على استحياء، ولكن لابد لهذا الحياء أن ينجلي في قادم الأيام.
كذلك وقد شاهد العالم مناورة رعد الشمال الأكبر والأشمل في تاريخ المنطقة وهي تضم 20 دولة عربية وإسلامية، بعدةٍ وعتاد ضجت بهما شاشة عرض الحفل الختامي، ذلك العرض الذي حمل من المعاني والرسائل الشيء الكثير للعالم بشكلٍ عام ولإيران ومن على شاكلتها بشكلٍ خاص؛ فرعد الشمال كانت صرخة في وجه إيران، التي دفعت بالميليشيات الإرهابية من الحشد الشعبي ونسخته السنية من تنظيم داعش، ليتخذوا من مواقع لهم متاخمة للحدود الشمالية مرتعًا يجتمعون فيه ينسقون ويتدربون في محاولةٍ لإرباك المملكة العربية السعودية، وتهديدًا لأمنها واستقراها ظنًّا منهم أن الغفلة قد شابت عقل رأس الهرم العربي، واعتقادًا بأن الثغرات مواتية لهم لنشر إرهابهم في أرجاء المملكة، وهم جاهلون للإخلاص كيف يدفع العربي والمسلم إلى الذود عن وطنه وعرضه، حتى ولو قطع جسده وفصل رأسه، فكان مشهد القوة السعودية والإماراتية على وجه الخصوص في رعد الشمال مرعبًا لما فيه من دلالة قوية على أن الحرب في اليمن لم تنهكنا، وأننا للحرب إن أردتم سنقول: هل من مزيد؟
كثيرة هي الرسائل والدلالات التي سطعت بها بروق رعد الشمال لمن أراد أن يتمحص ويتفكر، ولكنني أعرج على موقفٍ نبيل جادت به كاميرا الحفل الختامي لرعد الشمال، ذلك الموقف من سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة -حفظه الله- حين فز من مكانه إلى أمام الملك ليبادر بفتح قنينة ماء لشقيقه الأكبر، وكم كانت العفوية والخلق النبيل طاغيًا على ذلك المشهد الذي أشعل قلوب السعوديين والعرب الشرفاء قبل الإماراتيين بحب قادة الإمارات والاعتزاز بهم، ولكن الأهم في ذلك كله أن العفوية أوحت لمن يضمر الشر في داخله للعرب بأن السعودية والإمارات جسد واحد، إن ظمأ اللسان روته كفوف الود والإخاء دون أي اعتبار للبروتوكولات، فما بالكم إن تعرض هذا الجسد لمحاولات من شأنها أن تسوءه أو تمس بمقدراته؟
كلمة شكر نقولها وبكل فخر في حق المملكة العربية السعودية، التي أعطت لدولة الإمارات العربية المتحدة حقها من التقدير والاحترام في الحفل الختامي، دون تقليل من دور الآخرين، فكان لشاعر القوات المسلحة السعودية الرائد مشعل الحارثي من الأبيات ما ميزها عن غيرها في مدح الإمارات وقادتها، وكان لالتفات الملوك -حفظهم الله- تجاه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظه الله، ما يعبر لسموه وللمشاهد بأن هذه الأبيات قليلة في حق الإمارات قيادة وشعبًا وجيشًا، وكذلك عريف الحفل الذي صدح بصوته مدحًا نابعًا من واقعٍ عايشته أعينهم على أرض المعركة لقواتنا المسلحة وجنودنا البواسل، فنعم الجنود جنودنا، هم أهل العزم والوفاء المتقنون لفنون الحرب شهدت لهم الميدان والشهداء الأبرار .
أخيرًا..
إيران عليها أن تلقي السمع إن كان لها بصيرة، وتعي أننا لن نفرط بدولنا ومقدراتها وتاريخنا المجيد، فما بين عاصفة الجنوب ورعد الشمال ظلٌّ ظليل وطلع نضيد!!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة