الغارديان عن الإسكندرية: من هنا انطلقت حضارة العالم
استهلت سلسلة "قصة مدينة" من عروس البحر المتوسط
الصحيفة تبدأ نشر سلسلة مبتكرة من ٥٠ حلقة، ترسم تاريخ المدن التي انطلقت منها الحضارات على كوكب الأرض، تحت عنوان "قصة مدينة"
بدأت صحيفة "الغارديان" البريطانية نشر سلسلة مبتكرة من ٥٠ حلقة، ترسم تاريخ المدن التي انطلقت منها الحضارات على كوكب الأرض، تحت عنوان "قصة مدينة".
ووجدت الصحيفة أن أولى حلقاتها لابد أن تبدأ من مصر، وتحديدًا مدينة الإسكندرية، التي وصفتها بأنها المدينة التي "وضعت أسس العالم الحديث"، ومع استكشافها للمدينة وجدت أنها شكلت "سابقة قوية لمدن المستقبل في كل أنحاء العالم".
ومع أولي سطور هذه السلسلة وصفت الصحيفة ميناء الإسكندرية بـ" أعظم بوتقة عقلية عرفها العالم"، ووجدت أن السر في الإسكندرية يكمن في النعش الذهبي، وهو مرصع بالمجوهرات وغنيمة حرب عثر عليها بعد هزيمة الملك الفارسي داريوس الثالث قبل أكثر من ٢٣٠٠ سنة.
الرجل الذي هزم داريوس، وهو الإسكندر الأكبر، وضع أغلى ما يملك وهى أعمال هوميروس بداخله، فبعد وقت قصير من غزو مصر، ظهر للإسكندر حلم به هوميروس، وألقى عليه سطورًا من الأوديسا. وكان من بينها الإشارة إلى تلك المنطقة قبالة شواطئ البحر المتوسط، وصباح اليوم التالي توجه الإسكندر إلى المنطقة، ووقف على صخورها، ممسكًا بالنعش الذهبي، وعلى هذه الشواطئ، انطلقت المدينة الأكثر تميزًا في العالم القديم.
واليوم، تضم الإسكندرية أكثر من ألفي سنة من التطور الحضاري؛ وعدد قليل من المدن الكبيرة تحمل طابع الأساطير مثل الإسكندرية؛ لأنها تجمع تحت سمائها قصص العالم أجمع في مكان واحد ومازالت تكتب أجزاء جديدة في تاريخ التحضر.
وبحسب المؤرخين، الذين وضعوا هذه السلسلة عن مدن العالم ونشرتها "الغارديان"، فإن حوائط المواقع الأثرية وضعت الأسس الحقيقية للعالم الحديث - ليس فيما يتعلق بالحجارة - ولكن في الأفكار، ومازالت المنارة ومكتبة الإسكندرية والمتاحف مصدر فخر واحتفال حتى وقتنا الحاضر.
وتم وضع أسس تخطيط المدينة المصرية بعد تخطيط العديد من المدن اليونانية، حيث خصصت مواقع للقصر الملكي والمعابد لكل من الآلهة اليونانية والمصرية، وأسواق تجارية وكذلك وحدات سكنية وجدران محصنة، وتم استقطاع قنوات من نهر النيل لتحويلها تحت الشوارع الرئيسية لتزويد منازل الأثرياء بالمياه العذبة.
ويكمن نجاح الإسكندرية، ليس فقط في جذورها الإغريقية، ولكن أيضًا في التأثيرات المصرية عليها، وشكلت المدينة الجديدة آنذاك العلاقة المثالية بين المملكة المصرية الفرعونية الداخلية والإمبراطورية التجارية البحرية اليونانية، كما أن طرقها امتدت لتسمح بأكبر قدر من نسمات البحر، ومبانيها جمعت بين أفضل تصميمات في العمارتين الغربية والشرقية.
ولاحقًا مع صعود سمعة الإسكندرية، أخذت المؤسسات الأكثر شهرة، التي جمعت كبار العلماء في جميع التخصصات الأكاديمية، في التمركز بمكتبة الإسكندرية، التي يعتقد أنها كانت الأكبر على الأرض والتي ضمت كل كتاب دخل المدينة.
تلك التفاعلات السياسية والثقافية، استمرت على مر العصور في "تلوين" الإسكندرية حتى اليوم.
وحاليًا يعيش في المدينة ٥ ملايين نسمة، وهي ثاني أكبر منطقة حضرية في مصر، و"لا تزال الإسكندرية على خط المواجهة في مسيرة الرؤى المتنافسة لما يجب أن يكون عليه التخطيط الحضري المدروس"، حسب الصحيفة.