الأزمة الاقتصادية والفساد يكبّدان إيطاليا خسائر فادحة
إيطاليا هي ثاني أكبر دولة متضررة في أوروبا من آثار الأزمة المالية وأزمة الدين بعد اليونان
تشير البيانات الاقتصادية إلى أن إيطاليا كانت أكثر الدول الأوروبية تأثرا من الأزمة المالية العالمية وأزمة الدين في أوروبا، إلا أن تدهور حالة الاقتصاد تعود في جزء منها أيضا إلى ظاهرة الفساد المستفحلة في البلد.
فقدت إيطاليا بحسب أرقام صندوق النقد الدولي 8.5% من ناتجها المحلي الخام، بين سنتي 2001 و2015، وهو تراجع لم يسجل حتى في أسوأ البلدان الأوروبية تعرضا للأزمة الاقتصادية، كما هو حال اليونان التي انخفض ناتجها المحلي الخام في نفس الفترة بنحو 7.3%.
هذا الواقع انعكس على معدل دخل الفرد، فبينما كان الفارق بين الناتج المحلي للفرد بين الألماني والإيطالي يساوي 1700 يورو قبل 15 سنة، قفز اليوم إلى 8500 يورو، بارتفاع يصل إلى 500%، مما يبيّن حجم التفاوت بين حالة الاقتصادين الكبيرين في أوروبا.
وكنتيجة لذلك، ارتفعت نسبة البطالة في إيطاليا لتناهز 3 ملايين عاطل عن العمل، وهو ما دفع بالحكومة لتعديل قانون العمل بإضفاء مرونة أكبر على العقود، مما سمح بتخفيضه جزئيا، إذ أعلنت الحكومة في بداية مارس آذار الحالي عن تراجع عدد البطالين بنحو 203 آلاف بطّال.
كما ازدادت الهوة بين الفقراء والأغنياء، إذ تشير إحصائيات رسمية أن ثروة 10 أشخاص تفوق ما يملكه ثلاثة ملايين إيطالي، ويتركز الفقراء غالبا في جنوب إيطاليا، بينما تنتشر المناطق الغنية في الشمال حيث تزدهر الصناعة وتتمركز كبرى الشركات.
ويفسر ضعف أداء الاقتصاد الإيطالي في جزء منه، بانتشار الفساد الذي لم ينجح البلد في تخفيض حدته، حيث غالبا ما تصنف إيطاليا في مراتب متأخرة أوروبيا في تقرير الشفافية الدولي (المرتبة 32) وتعطى علامات سيئة في مجال مكافحة الفساد، رغم أن التشريعات الإيطالية صارمة في هذا المجال.
وتبين أرقام مجلس المحاسبة الإيطالي أن هذه ظاهرة الفساد، تكلف الاقتصاد 60 مليار يورو سنويا، كما أن التهرب الضريبي أخسر البلد 122 مليار يورو سنة 2015، وتعاني الإدارة الإيطالية خصوصا من هذه الظاهرة حيث تنتشر الرشوة بقوة مما يسهل على الشركات التملص من دفع الضرائب.
وتتوقع إيطاليا سنة 2016، أن يصل معدل نموها إلى 1.6%، إلا أن المؤشرات الاقتصادية تظهر صعوبة الوصل إلى هذا الرقم. وترزح إيطاليا تحت عبء ديون عمومية ضخمة تصل إلى 132.6% من الناتج المحلي الخام، وهي بذلك أكبر بلد مدين في أوروبا بعد اليونان.