"آليات اتخاذ القرار”.. صراع ينذر بانشقاق فلسطيني جديد
اجتماعات "موسّعة" لعباس أثارت الجدل
سياسيون دعوا للفصل بين عمل السلطة الفلسطينية ومؤسساتها وهيئات فتح، منتقدين اجتماعات "موسعة" لعباس اعتبروها تكريسا للسلطة بيد الرئيس
كشفت انتقادات قيادي الجبهة الشعبية البارز جميل المجدلاوي، لشكل اجتماعات المؤسسة الرسمية الفلسطينية وآليات اتخاذ القرار فيها، عن صراع سياسي ينذر بانشقاق جديد في الساحة السياسية الفلسطينية المتصدعة منذ سنوات.
ويعقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الآونة الأخيرة، اجتماعات واسعة تضم مزيجًا من أعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير (أعلى هيئة قيادية فلسطينية رسمية)، وأعضاء من اللجنة المركزية لحركة فتح، وقادة أجهزة الأمن، والمحافظين، وشخصيات أخرى، لمناقشة مجمل التطورات الفلسطينية، حسب ما يصدر في البيانات الرسمية للرئاسة الفلسطينية.
شخصيات وقوى سياسية رأت أن جمع كل هذه الأطر والشخصيات في اجتماع واحد، يعمل على تكريس كل السلطات والصلاحيات في يد الرئيس الذي يتزعم حركة فتح إلى جانب رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وهو ما تنتقده القوى في عباس، وتطالبه بالفصل في الاجتماعات بين الأطر المتعددة.
فصل السلطات
المجدلاوي انتقد اجتماعًا واسعًا عقده عباس في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، الخميس، بحضور محافظي المحافظات وقادة الأجهزة الأمنية وأعضاء من اللجنة المركزية لحركة فتح، وأمناء سر أقاليم فتح، وغيرهم من الشخصيات.
وشدد القيادي بالشعبية على أن مشاركة فتح في اجتماعات مؤسسات السلطة الفلسطينية "إضعافٌ وتبهيتٌ للسلطة ومكانتها"، داعيًا للفصل بين عمل السلطة ومؤسساتها وهيئات فتح.
وتابع "نحن ننتقد الخلط والتعويم الحاصل في مؤسسات منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية على وجه الخصوص بإغراق اجتماعاتها بالقيادات الفلسطينية من خارج عضوية المنظمة وبدون مسوّغات تقررها اللجنة التنفيذية ذاتها”.
وأضاف "بدلًا من مراجعة هذا الخلط والعودة عنه، نوسع دائرته لتشمل السلطة ومؤسساتها وأجهزتها بما يضرب هيبة وحيادية هذه المؤسسات، وبما يضرب القانون الذي يؤكد على الحقوق المتكافئة لأبناء الشعب الفلسطيني فيُعطي للإخوة في فتح، موقعًا وحقوقًا يتجاوزون فيها حقوق الآخرين”.
وفتح العمود الفقري للسلطة الفلسطينية، رفضت انتقادات المجدلاوي، ورأت فيها "خلطًا متعمدًا للحقائق"، ويوضح جمال محيسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ذلك بقوله "هناك فصل واضح في اجتماعات الرئيس مع الأطر القيادية العديدة التي يرأسها"، ويتابع " لكن دقة الظروف التي تعيشها القضية الفلسطينية تستوجب في حالات محددة دعوة الجميع لاجتماع واحد”.
حق للرئيس
ويشير محيسن لـبوابة "العين" الإخبارية، إلى أن اجتماع الأربعاء الماضي، لم يكن للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أو لأي اطار فلسطيني رسمي، "فأين المشكلة عندما يجمع الرئيس أكبر عدد ممكن من قيادات شعبنا الفاعلة ليناقش معهم التطورات المختلفة”.
وشدد محيسن على أن الرئيس وفتح يفصلون "فصلًا واضحًا" بين الأطر القيادية المختلفة لمؤسسات منظمة التحرير، والسلطة الفلسطينية، وحركة فتح، مستدركًا "اللجنة التنفيذية شكلت قبل أشهر لجنة سياسية فيها أعضاء من اللجنة التنفيذية وأمناء عموم لقوى سياسية، والمجلس المركزي لمنظمة التحرير، وشخصيات مستقلة" وذلك لإشراك أكبر عدد ممكن من الشخصيات في اتخاذ القرار الفلسطيني، مؤكدًا أن اللجنة السياسية ليست بدلًا عن اللجنة التنفيذية.
لكن واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير "يعطي الحق للرئيس لتحديد شكل الاجتماع والمستويات المشاركة فيه"، ويوضح لـ"العين"، قائلا "يجوز للرئيس الفلسطيني أن يجتمع بمن يشاء متى يشاء تقديرًا منه للقضايا المطروحة على طاولة النقاش”.
ويرى أبو يوسف أن موقع عباس في الرئاسات الثلاثة ( الدولة، واللجنة التنفيذية، واللجنة المركزية لفتح) يعطيه المبرر لعقد اجتماعات مع هذه الأطر الثلاثة أو غيرها ، موضحًا " هناك قضايا تدخل في اختصاصات الأطر الثلاثة تجيز للرئيس جمع كل الأطر فيها لمناقشتها مرة واحدة”.
ويعترض المجدلاوي بشدة "على هذا الخلط والتداخل غير القانوني بين السلطة وحكومتها وأجهزتها المختلفة، وبين هيئات حركة فتح"، ويستدرك "هذا الأمر لا يعني التنكر لفتح ومكانتها القيادية في المؤسسة الفلسطينية”.
إلا أن أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية رائد نعيرات، يسجل تحفّظه على تلك الاجتماعات القيادية، ويقول: "عند الحديث عن عمل المؤسسة السياسية القيادية الأولى في الدولة، فإن المفهوم يكون أن اجتماعات الرئيس فيها مع أي إطار يكون له مسوّغ دستوري واضح”.
ويتابع نعيرات "في القانون هناك إطار دستوري واحد (اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير) واضح المهام والشخصيات المشكلة له، وما دون ذلك يدخل في عملية المجاملات السياسية للمدعوين من خارج الإطار الرسمي”.
وفي معرض رده على أبو يوسف ومحيسن، يوضح لـ"العين"، "غير مبرر هذا العدد من الشخصيات في اجتماع غير منصوص عليه في القانون"، وأضاف على الرئيس وفتح أن يعملوا على تفعيل "الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير المشكل بشخصياته ومهامه وفق اتفاقية القاهرة عام 2005" وهو يضم كل القوى الفلسطينية والشخصيات المستقلة الفاعلة.
ومنذ الاتفاق على تشكيل "الإطار المؤقت" قبل 10 سنوات، والقوى السياسية المختلفة تدعو الرئيس بإصدار قراره بعقد أول اجتماع للإطار. وجاءت آخر تلك الدعوات على لسان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
وحسب اتفاق القاهرة تشارك حركتا حماس والجهاد الإسلامي في "الإطار المؤقت" لمنظمة التحرير، بعد عقود من بقاء الحركتين خارج مؤسسات المنظمة المختلفة
aXA6IDE4LjE4OC4xODMuMjEg جزيرة ام اند امز