اقتصاد اليمن في 2022.. رسائل تفاؤل بطلها "الريال"
سيطرت حالة من التفاؤل على توقعات وتنبؤات خبراء الاقتصاد في اليمن، بشأن مستقبل العملة المحلية "الريال" خلال العام الجديد 2022.
رغم أن عام 2021 سجل وصول العملة المحلية لمستويات تاريخية وغير مسبوقة من التدهور، إلا أن الأيام الأخيرة من ذات العام حملت بعض الأخبار السارة.
فمع صدور قرارات رئاسية لإصلاح وضع العملة، تعافى سعر صرف الريال اليمني، ومعه تحسن الوضع المعيشي، وهو ما توقع الخبراء استمراره خلال 2022.
عوامل استمرار التعافي
"أنظر للوضع القادم من عام 2022 بتفاؤل".. هكذا بدأ الدكتور محمد علي قحطان، أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز اليمنية، حديثه عن مستقبل الريال والاقتصاد في اليمن.
وقال قحطان لـ"العين الإخبارية": "إن بشائر التعافي المعيشي والاقتصادي بدأت بالظهور بالفعل من خلال تراجع أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني".
وأضاف: "القرارات المتخذة أخيرا أدت إلى تحسن واضح، كان حصيلة جملة من القضايا، أهمها: تغيير قيادة البنك المركزي، وإعلان الإفراج عمّا تبقى من الوديعة السعودية".
وأكد قحطان أن إعلان دول الرباعية والتي تشمل "السعودية، الإمارات، أمريكا، وبريطانيا"، وكذلك صندوق النقد الدولي، استعدادها لدعم الاقتصاد اليمني والعمل مع الحكومة الشرعية على مواجهة انهيار الريال اليمني وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي، ساهم في هذا التحسن، وسيؤدي إلى استمراره مستقبلا.
واعتبر أن ضخ النقد الأجنبي من البنك المركزي بعدن لسوق النقد عبر مزاد علني، سيُمكّن البنك من سحب السيولة النقدية الفائضة والتوقف عن الإصدارات النقدية الجديدة، والتي لجأ إليها لتمويل نفقات الحكومة.
وأشار قحطان إلى أن هذه الجزئية ستعمل على إعادة التوازن للسوق النقدية والسيطرة عليها من قبل البنك المركزي.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن التعافي المتوقع مرتبط أيضا بظهور مؤشرات لتوجه جاد لتصدير النفط والغاز عبر ميناء بلحاف في شبوة، بالإضافة إلى التوجه المعلن بخصوص تطبيق اتفاقية الرياض، وفشل الحوثيين في الاستيلاء على مأرب، الأمر الذي يشير إلى تعزيز الشرعية اليمنية نحو التغلب على الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة.
مقترحات اقتصادية
الأكاديمي اليمني رأى أن أهم العوامل التي يمكن أن تُحدث أثرا حقيقيا في تعافي الريال اليمني، وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي، متوقفة على مجموعة إجراءات اقتصادية وصفها "بالمؤثرة".
من تلك العوامل والإجراءات عودة قيادات الحكومة إلى الداخل لترشيد الإنفاق الخارجي، وكذلك تفعيل مصافي النفط وعودة شركة النفط لاحتكار المتاجرة بهذه السلعة الاستراتيجية بجميع مشتقاتها، وهو ما تم اتخاذه مؤخرا.
وطالب بتفعيل كافة شركات ومؤسسات القطاع العام، وعلى رأسها: شركات الغاز والنفط والتبغ والكبريت، والمؤسسة الاقتصادية، والمؤسسة العامة للحبوب، والمؤسسة العامة للأسمنت، وغيرها من الوحدات الاقتصادية التابعة للحكومة، وتمكينها من ممارسة أعمالها، بما يكفل مواجهة احتكار وجشع التجار.
كما اقترح الدكتور محمد قحطان خطوات اقتصادية لاستمرار التعافي، كالحد من نفقات السفر للسلك الدبلوماسي، والسفر الخارجي بهدف التعليم وطلب الخدمات الصحية، والحد من استيراد السلع الكمالية.
وأشار الخبير اليمني إلى ضرورة إحكام السيطرة على شركات الصرافة، والحد من السمسرة والفوضى التي تمارسها هذه الشركات في التلاعب بأسعار العملات، ووضع حد لتهريب العملات الأجنبية للخارج.
بالإضافة إلى تأمين تدفق كافة موارد الحكومة عبر البنك المركزي اليمني وفروعه بالمحافظات، وتفعيل وزارة المالية، وتفعيل مراقبة ميزان المدفوعات اليمني، بما يكفل مواجهة أي اختلال لهذا الميزان.
وطالب قحطان ضرورة توسيع عملية فتح كافة منافذ الإمارات للعالم الخارجي، مع تأكيده على أهمية السيطرة التامة على إيرادات هذه المنافذ وتدفقها لخزينة البنك المركزي بعدن.
قرارات إصلاحية أخرى
أما ماجد الداعري الخبير الاقتصادي اليمني فأكد أن تعافي الريال بدأ بقرارات تغيير قيادة البنك المركزي ومجلس إدارته.
وتوقع إعلان قرارات أخرى تتعلق بإصلاح بقية أدوات المنظومة الاقتصادية، وتفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وتحصيل موارد اليمن الضريبية والجمركية وغيرها من مصادر الدخل القومي للبلد.
وقال لـ"العين الإخبارية" إن كل هذه الجهود والإجراءات تتطلب التكامل مع بقية المؤسسات، حتى يستمر التحسن الملحوظ في سعر صرف العملة المحلية خلال 2022.
داعيا إلى الاستفادة بشكل صحيح مما تبقى من وديعة الملياري دولار السعودية السابقة، وحصة اليمن من صندوق النقد الدولي، ومنحتين ماليتين بـ170 مليون دولار أُعلن عنها مؤخرا.
بالإضافة إلى الاستفادة من إفراج بنك إنجلترا عن مبلغ 100 مليون يورو تقريبا من أموال اليمن المجمدة، والعمل على تكوين احتياطي نقدي لإعادة تحكم البنك المركزي بالسوق المصرفية.
وأكد أنه بدون هذه الإجراءات وتكاملها فلن يكون هناك أي تحسن مستمر لصرف الريال في 2022، حتى لو قُدمت وديعة بخمسة مليارات دولار، لأن تأثيرها سيكون مؤقتا وسرعان ما ينتهي بانتهاء ضخها إلى السوق.
حلول ومعالجات
ورأى الخبير الاقتصادي ماجد الداعري أن تفعيل أدوات الضبط الإيرادية وإصلاح مالية الحكومة اليمنية أهم من الدعم والأموال والمنح، في هذه المرحلة تحديدا.
وأكد أنه بدون ذلك سيعود الانهيار الكارثي لقيمة صرف العملة المحلية مقابل بقية العملات، وستشهد مجددا عمليات المضاربة الإجرامية بقيمة الصرف من قبل مافيا الصرافة والسماسرة لتحقيق مليارات من فوارق الصرف الوهمية على حساب قيمة عملة بلدهم المنهارة.
aXA6IDE4LjExNy43MS4yMTMg جزيرة ام اند امز