جواسيس بالعراق وسوريا ساعدوا أمريكا في قتل سليماني
واشنطن بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفذت ضربة استهدفت سليماني لردع خطط هجمات إيرانية على مصالح الولايات المتحدة
كشفت تحقيقات جارية حاليا عن ضلوع شبكة من الجواسيس داخل مطار بغداد في تسريب تفاصيل أمنية بالغة الأهمية للولايات المتحدة ساعدت في إتمام عملية مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني المصنف إرهابيا.
ووفق رويترز، وصل الجنرال الإيراني إلى مطار دمشق في سيارة "بزجاج داكن". وكان بصحبته في السيارة أربعة جنود من الحرس الثوري الإيراني.
توقفت السيارة بالقرب من درج يقود إلى طائرة إيرباص إيه 320 تابعة لشركة أجنحة الشام للطيران متجهة إلى بغداد.
ولم يُدرج اسم سليماني ولا جنوده على قوائم الركاب، حسبما أفاد موظف من شركة أجنحة الشام وصف لرويترز مشهد مغادرتهم من العاصمة السورية.
وقال مصدر أمني عراقي مطلع على الترتيبات الأمنية الخاصة بسليماني، إن سليماني تجنب استخدام طائرته الخاصة بسبب مخاوف متزايدة على أمنه الشخصي.
وأشار مسؤولان أمنيان عراقيان إلى أن التحقيق العراقي في الضربات التي قتلت الرجلين في الثالث من يناير/كانون الثاني الجاري بدأ بعد دقائق من الضربة الأمريكية.
وأغلق أفراد من جهاز الأمن الوطني المطار ومنعوا العشرات من موظفي الأمن من المغادرة، بما في ذلك أفراد الشرطة وموظفو الجوازات ورجال المخابرات.
تحقيقات جارية
ركزت التحقيقات على كيفية تعاون أشخاص يشتبه بأنهم مخبرون داخل مطاري دمشق وبغداد مع الجيش الأمريكي لمساعدته على تتبع وتحديد موقع سليماني، وذلك حسبما أظهرت لقاءات أجرتها رويترز مع اثنين من المسؤولين الأمنيين العراقيين مطلعين بشكل مباشر على التحقيق الذي يجريه العراق مع اثنين من موظفي مطار بغداد واثنين من مسؤولي الشرطة واثنين من موظفي شركة أجنحة الشام، وهي شركة طيران خاصة مقرها دمشق.
ويقود التحقيق فالح الفياض، وهو مستشار الأمن الوطني العراقي ورئيس مليشيا الحشد الشعبي، الجهة التي تنسق مع فصائل عراقية معظمها شيعية، والتي يحظى عدد كبير منها بدعم إيران، ولها علاقات وثيقة بسليماني.
وقال أحد المسؤولين الأمنيين العراقيين لرويترز إن لدى محققي جهاز الأمن الوطني "مؤشرات قوية على ضلوع شبكة من الجواسيس داخل مطار بغداد في تسريب تفاصيل أمنية بالغة الأهمية" للولايات المتحدة عن وصول سليماني.
وأضاف أن المشتبه بهم بينهم موظفان أمنيان بمطار بغداد وموظفان في أجنحة الشام هما "جاسوس بمطار دمشق وآخر يعمل على متن الطائرة".
وأضاف المسؤول أن محققي جهاز الأمن الوطني يعتقدون أن المشتبه بهم الأربعة، الذين لم يُعتقلوا، عملوا ضمن مجموعة أوسع من الأشخاص على إمداد الجيش الأمريكي بالمعلومات.
وأوضح مسؤولا الأمن العراقيان أن موظفي شركة أجنحة الشام يخضعان لتحقيق تجريه المخابرات السورية.
ولم ترد إدارة المخابرات العامة السورية على طلب للتعليق.
مطار دمشق
وأضاف أحد المسؤولين العراقيين أن أفرادا في جهاز الأمن الوطني في بغداد يحققون بشأن عاملي الأمن بالمطار، وهما تابعان لمديرية حماية المنشآت العراقية.
وتابع المسؤول قائلا: "النتائج الأولية لفريق تحقيق بغداد تشير إلى أن أول معلومة عن سليماني وردت من مطار دمشق.
ولم يرد المكتب الإعلامي لجهاز المخابرات الوطني على طلبات للتعليق. كما لم ترد بعثة العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك على طلب للتعليق.
وأحجمت وزارة الدفاع الأمريكية عن التعليق بشأن ما إذا كان مخبرون في العراق وسوريا قد لعبوا دورا في الهجوم.
وقال مسؤولون أمريكيون لرويترز، مشترطين عدم نشر هوياتهم، إن الولايات المتحدة كانت تتابع تحركات سليماني على مدى أيام قبل الضربة، لكنهم أحجموا عن تحديد كيف حدد الجيش موقعه في ليلة الهجوم.
من جانبه، قال مدير في شركة أجنحة الشام في دمشق إن موظفي شركة الطيران ممنوعون من التعليق على الهجوم أو التحقيق.
وأحجم متحدث باسم سلطة الطيران المدني العراقي، التي تشغل مطارات البلاد، عن التعليق بشأن التحقيق لكنه وصفه بأنه أمر روتيني بعد واقعة مثل هذه تشمل مسؤولين كبارا.
وهبطت طائرة سليماني في مطار بغداد الساعة 12.30 تقريبا بعد منتصف ليل الثالث من يناير/كانون الثاني، حسبما أفاد اثنان من مسؤولي المطار استعانا بصور التقطتها الكاميرات الأمنية.
وخرج الجنرال وحراسه من الطائرة مباشرة إلى أرض المطار دون المرور بالجمارك. واستقبله المهندس خارج الطائرة، حيث استقل الاثنان سيارة مدرعة كانت في انتظارهما.
وقال مسؤولا المطار إن الجنود الذين يحرسون الجنرال استقلوا سيارة كبيرة أخرى مدرعة.
لحظة الاستهداف
وأضاف المسؤولان أن السيارتين اتجهتا تحت أنظار أفراد الأمن بالمطار إلى الطريق الرئيسي الذي يقود إلى الخارج.
وأصاب أول صاروخ أمريكي سيارة سليماني والمهندس في الساعة 12:55 صباحا. وتم قصف سيارة الحرس بعدها بثوان.
وبصفته قائدا لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، أدار سليماني عمليات سرية في دول أجنبية وكان شخصية رئيسية في الحملة الإيرانية طويلة الأمد الرامية لإخراج القوات الأمريكية من العراق.
وقضى سنوات يدير عمليات سرية ويزرع قادة فصائل في العراق لمد النفوذ الإيراني ومحاربة مصالح الولايات المتحدة، وشن سليماني سرا هجمات متصاعدة على القوات الأمريكية المتمركزة في العراق بداية من أكتوبر/تشرين الأول كما زود فصائل عراقية بأسلحة متطورة لشن الهجمات.
وأثار الهجوم على الجنرال غضبا واسع النطاق وتعهدات بالانتقام في إيران التي ردت الأربعاء الماضي، بهجوم صاروخي على قاعدتين عسكريتين عراقيتين تستضيفان قوات أمريكية. ولم يقتل أو يصب أي أمريكيين أو عراقيين في الضربة.
وقال المسؤولان العراقيان إن المحققين فحصوا خلال الساعات التالية للهجوم جميع المكالمات والرسائل النصية التي تلقاها موظفو نوبة العمل المسائية بالمطار بحثا عن الذي أبلغ الولايات المتحدة بتحركات سليماني.
وقالت المصادر إن أفرادا من جهاز الأمن الوطني استجوبوا موظفي أمن المطار وشركة أجنحة الشام على مدى ساعات.
وقال أحد الموظفين الأمنيين إنه خضع للاستجواب لمدة 24 ساعة قبل إطلاق سراحه.
فقد استجوبوه بدقة على مدى ساعات بشأن كل من كلمهم أو تبادل معهم الرسائل النصية قبل هبوط طائرة سليماني، بما في ذلك أي "طلبات غريبة" مرتبطة برحلة دمشق، وصادروا هاتفه المحمول.
وأضاف: "سألوني مليون سؤال".
وفجر الجمعة الماضي، نفذت واشنطن بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضربة استهدفت سليماني لردع خطط هجمات إيرانية على مصالح الولايات المتحدة، بناء على معلومات عن تطوير فيلق القدس مخططات لمهاجمة الدبلوماسيين الأمريكيين في العراق والشرق الأوسط.
aXA6IDMuMTM3LjE5MC42IA== جزيرة ام اند امز