التشكيل الحكومي بالسودان.. حراك يعيد رسم خارطة الانتقال
توصلت الأطراف السودانية إلى مصفوفة زمنية لإعادة تشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية، وذلك بعد حراك ومشاورات مكثفة امتدت لأشهر.
ومع تصاعد الترقب في الشارع السوداني لشكل التعديل المحتمل، تم الإعلان أن التغيير سيشمل المجلس السيادي أعلى سلطة في البلاد، بجانب تكوين البرلمان الذي طال انتظاره، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى قصره على مجلس الوزراء فقط.
ولم يكن التعديل القادم مجرد عملية لتبادل المواقع وتوزيع الحصص بين المكونات، وفق ما يجري تصويره من قبل مكونات معادية، لكنه بحسب خبراء، خطوة ضرورية اقتضتها التحويلات الكبيرة في المشهد السوداني، التي بينها اتفاق السلام المبرم في جوبا، والتراجع الاقتصادي ورفع اسم البلاد من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وهو ما حتم وجود تركيبة تناسب المرحلة وتحدياتها.
رسم خارطة المرحلة الانتقالية
ويشير الخبراء إلى أن التشكيل الحكومي المرتقب بمثابة إعادة رسم لخارطة المرحلة الانتقالية، وهو من شأنه تصحيح كثير من الأخطاء التي صاحبت الفترة السابقة والدفع بالقضايا المصيرية إلى الأمام.
ووفق ما تم إعلانه، فإن مجلس السيادة سيشهد تعديلا كبيرا، فسوف يضاف إليه 3 أعضاء من نصيب قادة الحركات المسلحة الموقعين على اتفاق السلام، لترتفع عضويته إلى 14 شخصاً، كما أن قوى الحرية والتغيير تعتزم استبدال 3 ممثلين لها في المجلس.
مجلس الوزراء بدوره سيشهد أيضا تعديلا كبيرا، حيث تقرر توسعته بإضافة 8 وزارات جديدة ليرتفع إلى 27 وزارة حسب ما توافقت عليه الأطراف.
وتم توزيع الحقائب بواقع 18 وزارة لصالح تحالف قوى الحرية والتغيير، و7 للجبهة الثورية الموقعة على اتفاق سلام السودان في جوبا، ووزارتين "الدفاع والداخلية" من نصيب المكون العسكري بالسلطة الانتقالية.
ومن واقع مصادر لـ"العين الإخبارية" فإن التغيير الذي سيشهده مجلس الوزراء كبير وجذري، إذ استطاع 3 وزراء فقط من المكون المدني الاحتفاظ بمواقعهم في التشكيل الجديد، وهم وزير العدل نصر الدين عبدالباري، ووزير الموارد المائية والري ياسر عباس، ووزير الشؤون الدينية والأوقاف نصرالدين مفرح، بينما تمت الإطاحة بالآخرين.
ويرى المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم أن هذه التغييرات جاءت نتيجة تقييم التجربة السابقة التي كان فيها قوام الحكومة التنفيذية تكنوقراط، وما صاحب ذلك من إخفاقات في كثير من الجوانب خاصة الاقتصادية.
وقال عبدالعظيم خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" إنه من واقع التسريبات فإن تحالف قوى الحرية والتغيير دفع هذه المرة بشخصيات سياسية بحتة لتولي الحقائب الوزارية، وهذا من شأنه إحداث تغيير في الأداء الحكومي بالاتجاه الإيجابي.
ويشكل دخول شخصيات سياسية ضمن طاقم الحكومة الانتقالية، بحسب شوقي، ضربة جديدة لفلول الإخوان البائد، بحيث ستكون هناك تحركات أشد فاعلية في تفكيك التمكين بالمؤسسات، لأن منسوبي الأحزاب أكثر دراية عن غيرهم بخبايا هذا التنظيم الإرهابي وأماكن تمركزه بجسد الدولة.
دفع عملية السلام
ومن بشريات التشكيل القادم، توافق الأطراف السودانية على تكوين المجلس التشريعي "الذي طال انتظاره، وهو ما اعتبره مراقبون بمثابة تقدم كبير في مسار الانتقال من واقع الأدوار التي يتنظر أن يقوم بها، أقلها تأسيس آليات التحول الديمقراطي وتداول السلطة سلمياً".
وتمثل مشاركة قادة الكفاح المسلح في السلطة لأول مرة خلال التشكيل الحكومي القادم، واحدا من البشريات أيضاً لكونها ستدفع العملية السلمية للأمام.
وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي الدكتور عباس التجاني، إن "واحدا من أهم أسباب التعديل الوزاري المرتقب هو استيعاب قادة الحركات المسلحة في السلطة إنفاذاً لاتفاق جوبا للسلام في السودان".
ويرى التجاني الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" مشاركة قادة الكفاح المسلح في السلطة ستدفع استحقاقات السلام وتسهم في وقف الحرب والمضي قدماً نحو الأمن والاستقرار.
وشدد على أن التحولات المحلية والخارجية دفعت الأطراف السودانية للمسارعة باستكمال مطلوبات الانتقال السياسي، متوقعا أن يسهم التعديل الحكومي في الارتقاء بعلاقة شركاء السلطة لمستوى أفضل وإزالة التباينات التي ظلت تحدث من وقت لآخر خلال الفترة الماضية، لأن دخول قادة الكفاح سيغير الخارطة وينهي مراكز القوى.
وبات السودانيون على مقربة من ثاني حكومة منذ عزل عمر البشير، وذلك بعدما اعتمد مجلس شركاء الفترة الانتقالية جدولا زمنيا، لإعلان الحكومة الجديدة والبرلمان.
ونص الجدول الذي تمت الموافقة عليه خلال اجتماع ترأسه رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، على أن الحكومة ستطرح برنامجها يوم 31 يناير/كانون الثاني الجاري.
وبحسب البيان الصادر عقب الاجتماع، حدد الجدول أيضا، 4 فبراير/شباط المقبل، موعدا لاستكمال تشكيل مجلسي السيادة، والوزراء، و15 فبراير لتعيين ولاة الولايات، و25 من نفس الشهر موعدا لتكوين المجلس التشريعي والمفوضيات الانتقالية.
aXA6IDE4LjIxOC4zOC42NyA= جزيرة ام اند امز