كغيره من اللاجئين حول العالم، خبّأ هذا الجد ذكريات الحرب والنزوح والتهجير في صندوق أسود، لا يمكن المساس به مهما تعاقبت عليه السنوات.
بمجرد الدخول إلى منزل عبدالله عيسى، لاجئ فلسطيني في دمشق، تسبقه رائحة القهوة المرة الأصيلة، وبشاشة وجهه التي خبأت حزنًا كبيرًا، جراء ما يحدث لذويه في غزة.
وما هي إلا كلمات ترحيبية قليلة حتى بدأ في عرض شريط ذكرياته، وكشف الستار عن قصة "تغريبته الخاصة، وذكرياته التي امتزجت ما بين فرح وألم".
يقول "عيسى"، وهو من مواليد عام 1938 بقرية الصالحية في قضاء صفد: "تظل بذاكرتي، الوطن ومدرستي التي درست فيها.. وركوب الخيل حينما كنت أتوجه إلى الأرض، وكذلك البستان.. وكذلك حينما كنت أجد عرسًا كنت أشاهده.. ذكريات كثيرة".
في عام 1948، كان عمر "عيسى" لا يتجاوز الـ12 سنة، حتى فوجئ بسماع أن اليهود والإنجليز سيدخلون قريته.
يقول "عيسى" إنه في هذه اللحظات قرر أن يتوجه إلى البستان كما جرت العادة، لكن والده حذره من التوجه بعيداً: "ما تروح لبعيد البلد فيها حرب"، لكن الصغير حينها أصر على الذهاب، وشاهد ما لم يكن يتوقعه: "البلد هبت نار ودخان كثيف كأنه قصف طائرة، ومن يرجع إلى مسكنه يجده مسطحًا".