أبوظبي أبرز الاقتصادات الصاعدة.. رابحون وخاسرون في زمن كورونا
استحوذت الاقتصاديات الصاعدة ذات التصنيف الائتماني العالي مثل السعودية وإمارة أبوظبي على نحو ثلث مبيعات الدول الصاعدة من السندات الدولية
سارعت الدول حول العالم مع تفشي فيروس كورونا المستجد إلى اتخاذ إجراءات لتخفيف تداعيات الفيروس على اقتصاداتها، وخلق تباين طرق تعامل الحكومات الفيروس، على صعيد أسواق الأسهم والسندات، معسكرا للرابحين، وآخر للخاسرين في الأسواق الصاعدة حول العالم.
وتشير البيانات والمؤشرات الاقتصادية إلى أن الأسواق الصاعدة ستنقسم إلى معسكرين، كل معسكر يمضي في مسار منفصل عن الآخر. وتأتي أبوظبي والسعودية في صدارة الاقتصادات الرابحة من أزمة كورونا، حيث استحوذا على ثلث مبيعات السندات الدولية خلال الشهر الجاري.
سوق السندات
وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء إلى أن هذا التباين المتزايد يظهر بوضوح أكبر في سوق السندات، حيث زاد طلب كبار مستثمري السندات، نسبيا على سندات الدول الصاعدة ذات التصنيف الائتماني الأفضل، مقارنة بسندات الدول الصاعدة الأعلى مخاطرة.
وبحسب مؤشرات بنك الاستثمار الأمريكي جيه.بي. مورجان تشيس لمتابعة أسواق السندات في العالم، فإن الفارق في العائد على سندات الدول عالية المخاطر وسندات الدول منخفضة المخاطر، أي ذات التصنيف الائتماني من درجة الاستثمار، اقترب من أعلى مستوى له منذ 2002.
لذلك استحوذت الاقتصاديات الصاعدة ذات التصنيف الائتماني العالي مثل السعودية وإمارة أبوظبي على نحو ثلث مبيعات الدول الصاعدة من السندات الدولية خلال أبريل/نيسان الجاري.
نقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن بول جرير مدير صناديق الاستثمار المقيم في لندن بمجموعة فيديلتي إنترناشيونال التي تدير أصولا بقيمة 380 مليار دولار تقريبا إن "سندات الدول الصاعدة وصلت بشكل عام إلى أقل مستوياتها خلال مارس/آذار الماضي، وسوف تبدأ التعافي البطيء من الآن، على المدى القريب ستكون أفضل الفرص لتحقيق أفضل عائد على الاستثمار، موجودة في سندات الدول الصاعدة ذات التصنيف الائتماني الجيد".
ويبرز هذا التباين، كيف جعل انتشار فيروس كورونا المستجد، واختلاف طرق تعامل الحكومات مع الأزمة، سواء فيما يتعلق بقرارات الإغلاق العام أو إطلاق حزم التحفيز الاقتصادي، كيف جعل المستثمرين أكثر حذرا في استثمار أموالهم في أي سندات غير أقوى السندات الموجودة في السوق.
وبحسب بيانات بنك كريدي أجريكول الفرنسي، شهدت الأسواق الصاعدة حتى 17 أبريل/نيسان الجاري استمرار خروج رؤوس الأموال للأسبوع التاسع على التوالي، ولكن في المقابل عادت إلى هذه الأسواق نحو 1.4 مليار دولار في صورة مشتريات سندات.
وبحسب مصادر فلبينية، فإن الفلبين المصنفة عند درجة الاستثمار وفقا لمؤسسات التصنيف الائتماني الدولية، بدأت تسويق سندات خزانة دولية بالدولار، لتنضم إلى العديد من الدول الصاعدة التي قررت الاقتراض من سوق السندات الدولية لتكوين احتياطي من السيولة النقدية لمواجهة أي تداعيات لجائحة كورونا المستجد.
وتطرح الفلبين السندات في فئتين الأولى مدتها 10 سنوات والثانية 25 سنة.
التأثير على العملات
ورغم أن السندات ذات التصنيف الائتماني الأعلى ستظل رهانا أساسيا لدى بعض المستثمرين؛ فإنه من المحتمل أن تظل عملات الدول الصاعدة متراجعة، في ظل استمرار الضجيج حول الدولار الأمريكي.
وقد ارتفعت الفجوة بين مؤشر جيه.بي مورجان لقياس التقلبات المتوقعة لعملات الدول النامية، ومؤشر تقلبات عملات الدول الصناعية السبع الكبرى إلى أعلى مستوى لها منذ 2018.
يقول خبراء أسواق الصرف في مجموعة جولدمان ساكس جروب المصرفية، وبينهم تساش باندل في تقرير: "لا نعتقد أن الشروط الضرورية لتراجع الدولار توافرت بالفعل.. وفق توقعاتنا سيبدأ الدولار يتراجع في حدود منتصف العام مع بدء التعافي الاقتصادي العالمي".
في الوقت نفسه، فإن استمرار ضعف عملات الدول الصاعدة يمكن أن يمثل فرصة جيدة بالنسبة لأسواق أسهم العديد من هذه الدول.
فقد ارتفع مؤشر "إم.إس.سي.آي" لأسهم الدول الصاعدة بنسبة 16% بعد أن كان قد تراجع منذ شهر إلى أقل مستوى له خلال 4 سنوات.
سياسات التحفيز
ويأتي هذا في حين تواصل البنوك المركزية في العالم، سواء في الدول المتقدمة أو الدول الصاعدة، تبني سياسات تحفيز اقتصادي غير مسبوقة للحد من التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا.
فقد ألغى البنك المركزي الياباني الحد الأقصى لمشترياته من السندات الحكومية. وأطلق البنك المركزي الهندي تسهيلات ائتمانية مدتها 90 يوما بقيمة 500 مليون دولار لصناديق الاستثمار المشتركة.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي اجتماعه الدوري خلال الأسبوع الجاري، والحال نفسه بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، بعد أن اضطرا إلى التحرك بصورة أسرع لمواجهة حالة الشلل الاقتصادي واضطراب أسواق المال بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19.
ومن المتوقع أن يتخذ البنكان مزيدا من الإجراءات الرامية إلى الحد من الركود المتوقع للاقتصادين الأمريكي والأوروبي خلال العام الحالي، وضمان تحقيق تعافٍ سريع للاقتصاد.
ومن بين الخيارات المتاحة لدى البنكين توسيع نطاق إجراءات التخفيف الكمي النقدية، وتسهيل اقتراض الشركات المتعثرة والإبقاء على أسعار الفائدة المنخفضة لفترات أطول.