جهود دولة الإمارات منذ تأسيس الاتحاد، تجاه القضايا العربية خصوصا القضية الفلسطينية مرتبطة بأفعال مشرفة، فما فائدة الأقوال الانفعالية دون تحقيق الفائدة المرجوة للفلسطينيين، فالتاريخ لن يسجل الصراخ العالي، بل المواقف الثابتة.
لم يتوقف الحراك الدبلوماسي الإماراتي النشط منذ اندلاع الحرب في غزة، بعشرات من الاتصالات واللقاءات تصب جميعها في إيقاف التصعيد وحماية المدنيين وتأمين الممرات الإنسانية، وهو ليس بغريب فالقضية الفلسطينية أحد ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية، ولا يتعارض بتاتاً مع اتفاق السلام مع إسرائيل، بل يكمله عبر مسار مواز للحوار المستمر.
وما يؤكد ذلك هو تصويت دولة الإمارات مع قرار المجموعة العربية الرافض للوضع الراهن في غزة، نجح في الحصول على 120 صوتا، ولو كان قرارا غير ملزم كونه ضمن الجمعية العامة للأم المتحدة وليس عبر مجلس الأمن المكون من 15 دولة.
وسجلت دولة الإمارات من خلال عضويتها في مجلس الأمن مواقف قوية داعمة للشعب الفلسطيني، برسائل مؤثرة وواضحة ومتوازنة مع مختلف الأطراف، فالرؤية الإماراتية لحل الأزمة ترتكز على السلام المستدام الذي سيفضي إلى قيام الدولتين، ليعيش شعبي البلدين في وئام وأمان واستقرار.
وكان للموقف الإماراتي الرافض لمشروع القرار الأمريكي أهمية بالغة، فالمشروع لم يدع لوقف إطلاق النار، وهو ما دعت إليه الإمارات من خلال طلبها اجتماعا طارئا لمجلس الأمن، للوصول إلى قرار يلزم إسرائيل بقبول وقف إنساني للقتال في غزة.
وإلى جانب الدعم السياسي قدمت دولة الإمارات مساعدات إنسانية عاجلة تجاوزت 154 مليون درهم، وتسطر ملحمة شعبية عبر مبادرة "تراحم من أجل غزة" للمساعدات الإغاثية، وهي جميعها مواقف مهما حاول المشككون تهميشها وترويج الأكاذيب حولها ستظل شمس الحقيقة ساطعة، وتبقى العبرة بالنتائج، فالمزايدات السياسية لن تقدم حلولا ملموسة للشعب الفلسطيني.
الجدل بين القوى الكبرى في مجلس الأمن مستمر، ولم تثمر جهود وقف إطلاق النار بنتيجة، بسبب استخدام خاصية حق النقض، وهو أمر يحتاج إلى وقفة جادة على المستوى الدولي، فلا يمكن أن يقبل العالم استمرار إراقة الدماء، وتفاقم الوضع الإنساني بسبب نقص الغذاء والدواء في غزة.
ومجلس الأمن مطالب أن يضع الإنسان في المقام الأول عبر التوافق على قرار إنساني الطابع، والابتعاد عن الانشغال في الكلمات المستخدمة في وصف هجمات حماس وردة الفعل الإسرائيلية للوصول إلى صيغة متوازنة، تستهدف وقف إطلاق النار وتفعيل أدوات الاستجابة الدولية، وحماية العمل الإنساني مع التركيز على الإمدادات الإغاثية القادمة عبر معبر رفح، فما يعانيه شعب غزة غير مسبوق ويحتاج لعملية إنسانية واسعة النطاق.
تتعرض دولة الإمارات لحملات ممنهجة من قبل دكاكين إعلامية تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي وأدوات إيران في المنطقة، بهدف تشويه الدور الإماراتي وعرقلة جهود إيجاد مخرج سياسي، وبلورة أفق للسلام تخدم تطلعات الشعب الفلسطيني، في محاولات بائسة لتضليل الرأي العام العربي والإسلامي عبر خلط الأخبار القديمة وكأنها حديثة، وغيرها من الأساليب الإعلامية المضللة.
ومهما حاولت التنظيمات المؤدلجة لا يمكن حجب فاعلية الدبلوماسية الإماراتية التي عملت منذ اليوم الأول للأزمة لتقديم كل الدعم للفلسطينيين، بعيداً عن الشعارات التقليدية التي تعودنا سماعها من المتاجرين بالقضية وبدماء الأبرياء.
يحظى نشاط الإمارات الدبلوماسي بثقة واحترام الدول الأعضاء الدائمين وغير الدائمة في مجلس الأمن، وستظل مواقفها راسخة وحكيمة تجاه القضية الفلسطينية، وفي مقدمة الداعمين لحل الدولتين.
ولن يتأثر الدور الإماراتي بمن يريد الاصطياد في الماء العكر، واجتزاء ما يريد من المواقف الإماراتية المتكاملة، فالمصداقية لا تشترى بثمن، والإمارات نالت تقدير المجتمع الدولي نتاج عمل دؤوب ومستدام طوال العقود الماضية، وهو ما أدى لفشل حملات مروجي الأكاذيب والفتن في نقل صورة مشوهة تجاه دولة الإمارات، وسيستمرون في الفشل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة